التفاسير

< >
عرض

إِلاَّ ٱلَّذِينَ صَبَرُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ أُوْلَـٰئِكَ لَهُمْ مَّغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ
١١
-هود

روح البيان في تفسير القرآن

{ الا الذين } [مكر آنان كه] والاستثناء متصل { صبروا } على الضراء ايمانا بقضاء الله وقدره وفى الحديث "ثلاثة لا تمسهم فتنة الدنيا والآخرة المقر بالقدر والذى لا ينظر بالنجوم والمتمسك بسنتى" ومعنى الايمان بالقدر ان يعتقد ان الله تعالى قدر الخير والشر قبل خلق الخلق وان جميع الكائنات بقضائه وقدره وهو مريد لها واما النظر فى النجوم فقد كان حقا فى زمن ادريس عليه السلام يدل عليه قوله تعالى خبرا عن ابراهيم عليه السلام { { فنظر نظرة فى النجوم فقال انى سقيم } استدل بالنظر فى النجوم على انه سيسقم ثم نسخ فى زمن سليمان عليه السلام كما فى بحر الكلام
وفى كتاب تعليم المتعلم على النجوم بمنزلة المرض فتعلمه حرام لانه يضر ولا ينفع والهرب من قضاء الله تعالى وقدره غير ممكن انتهى
فينبغى ان لا يصدق اهل النجوم فيما زعموا ان الاجتماعات والاتصالات الفلكية تدل على حوادث معينة وكوائن مخصوصة فى هذا العالم.
قال العماد الكاتب اجمع المنجمون فى سنة اثنتين وثمانين وخمسمائة فى جميع البلاد على خراب اعالم فى شعبان عند اجتماع الكواكب الستة فى الميزان بطوفان الريح وخوفوا بذلك ملوك الاعاجم والروم فشرعوا فى حفر مغارات ونقلوا اليها الماء والازواد وتهيئوا فلما كانت الليلة التى عينها المنجمون للخراب بمثل ريح عاد كنا جلوسا عند السلطان والشموع تتوقد فلا تتحرك ولم نر ليلة مثلها فى ركودها ذكره الامام اليافعى. وقال فى انسان لعيون اول من استخرج علم النجوم ادريس عليه السلام اى علم الحوادث التى تكون فى الارض باقتران الكواكب.
قال الشيخ محيى الدين بن العربى قدس سره وهو علم صحيح لا يخطئ فى نفسه وانما الناظر فى ذلك هو الذى يخطئ لعدم استيفائه النظر انتهى
{ وعملوا الصالحات } شكرا لنعمائه الظاهرة والباطنة او السالفة والانفة والعمل الصالح هو ما كان لوجه الله تعالى
وعن عمر رضى الله عنه الشكر والصبر مطيتان ما باليت ايهما اركب يشير رضى الله عنه الى ان كل واحد من طريق الصبر والشكر موصل الى الله تعالى { اولئك } الموصوفون بتلك الصفات الحميدة { لهم مغفرة } عظيمة لذنوبهم وان جمت { واجر } ثواب لاعمالهم الحسن { كبير } اقله الجنة كما فى تفسير البيضاوى وهو الجنة كما فى الكواشى.
قال سعدى المفتى وصف الاجر بقوله كبير لما احتوى عليه من النعيم السرمدى ورفع التكاليف والأ من من العذاب ورضى الله عنهم والنظر الى وجهه الكريم انتهى.
يقول الفقير الظاهر ان المراد بالاجر الكبير هو الجنة لان نعم الله تعالى ادناه متاع الدنيا واعلاها رضوان الله لقوله
{ { ورضوان من الله اكبر } واوسطها الجنة ونعيمها فاذا وصف الرضى بالاكبرية لزم ان توصف الجنة بالكبيرية.
قال الكاشفى [شيخ الاسلام فرموده كه درجنت نعمتى هست كه همه نعيم بهشتى در جنب آن محقر ومختصر باشد يعنى مشاهده انوار لقاى خدا]

مارا بهشت بهر لقاى تودر خورست بى برتو جمال توجنت محقرست

وفى الآيتين اشارتان. الاولى ان من ذاق طعم بعض المقامات الالهية وشهد بعض المشاهد الربانية ثم نزع ذلك منه بشؤم خطاياه وسوء ادبه ينبغى ان لا ييأس من روح الله ولا يكفر بنعمته كأبليس بل اذا ابتلى بسدل الحجاب ورد الباب كان من شرط عبوديته ان يرج الى ربه معترفا بظلمه على نفسه كآدم عليه السلام ليجتبيه ربه فيتوب عليه ويهديه فان من رحمة الله ونعمته على عبده انه اذا اسرف على نفسه ثم تاب ورجع الى ربه وجده غفورا رحيما. والثانية ان من ذاق برد العفو وحلاوة الطاعة ينبغى ان لا يقول صرت معصوما مطهرا مرفوع الحجاب فتعجبه نفسه فينظر اليها بنظر الاعجاب وينظر الى غيره بنظر الحقارة ويامن مكر الله فهو فى كلتا الحالتين مذموم فى حالة اليأس وكفران النعمة وفى حالة الاعجاب بنفسه وامنه من مكر الله: قال الحافظ

زاهد غرور داشت سلامت نبرد راه رند ازره نياز بدار السلام رفت

وقال

زاهد ايمن مشوى ازبازى غيرت زنهار كه ره از صومعه تادير مغان اين همه نيست

فالايتان تناديان على النفس الامارة بصفاتها الرذيلة فلا بد من معالجتها واصلاحها بما امكن من المجاهدات اصلحها الله سبحانه وتعالى