التفاسير

< >
عرض

فَقَالَ ٱلْمَلأُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ مِن قِوْمِهِ مَا نَرَاكَ إِلاَّ بَشَراً مِّثْلَنَا وَمَا نَرَاكَ ٱتَّبَعَكَ إِلاَّ ٱلَّذِينَ هُمْ أَرَاذِلُنَا بَادِيَ ٱلرَّأْيِ وَمَا نَرَىٰ لَكُمْ عَلَيْنَا مِن فَضْلٍ بَلْ نَظُنُّكُمْ كَاذِبِينَ
٢٧
-هود

روح البيان في تفسير القرآن

{ فقال الملأ الذين كفروا من قومه } اى الاشراف منهم الذين ملأوا القلوب هيبة والمجالس ابهة ووصفهم بالكفر لذمهم والتسجيل عليهم بذلك من اول الامر لا لان بعض اشرافهم ليسوا بكفرة { وما نراك الا بشرا مثلنا } لا مزية لك علينا نخصك من دوننا بالنبوة ووجوب الطاعة ولو كان كذلك لرأيناه فالرؤية بصرية والا بشرا حال من المفعول ويجوز ان تكون قلبية وهو الظاهر فالا بشرا مفعول ثان وتعلق الرأى بالمثلية لا بالبشرية فقط.
قال الكاشفى [ايشان هياكل بشر ديدند وازدرك حقائق اشيا غافل ماندند]: مثنوى

همسرى باانبيا بر داشتند اوليارا همجو خود بنداشتند
كفت اينك ما بشر ايشان بشر ماوايشان بسته خوابيم وخور
اين ندانستند ايشان ازعمى هست فرقى درميان بى منتهى
هردوكون ونبور خوردند از محل ليك شد زان نيش وزاين ديكر عسل
هر دوكون آهوكيا خوردند وآب زاين يكى سركين شد وزان مشكناب
هر دو نى خوردند از يك آبخور اين يكى خالى وآن براز شكر

والاشارة ان النفس سفلية وطبعها سفلى ونظرها سفلى والروح علوى وله طبع علوى ونظر علوى فالروح العلوى من خصائصه دعوة غيره الى عالمه لانه بنظره العلوى يرى شرف العبادات وعزتها ويرى السفليات وخستها وذلتها فمن طبعه العلوى يدعو السفلى الى العلويات والنفس السفلية بنظرها السفلى لا ترى العلويات ولا تميل بطبعها السفلى الى العلويات بل تميل الى السفليات وترى بنظرها السفلى كل شيء سفليا فتدعو غيرها الى عالمها فمن هنا ترى الروح العلوى بنظر المثلية فكذلك صاحب هذه النفس يرى صاحب هذه الروح العلوى بنظر المثلية فيقول ما نراك الا بشرا مثلنا فلهذا ينظرون الى الانبياء ولا يرونهم بنظر النبوة بل يرونهم بنظر الكذب والسحر والجنون ويرون اتباع الانبياء بنظر الحقارة كما قالوا { وما نراك اتبعك } الرؤية ان كانت بصرية يكون اتبعك حالا من المفعول بتقدير قد وان كالت قلبية يكون مفعولا ثانيا { الا الذين هم اراذلنا بادى الرأى } اخساؤنا وادانينا كالحاكة والاساكفة واهل الصنائع الخسيسة ولو كنت صادقا لاتبعك الاكياس والاشراف من الناس. فالاراذل جمع اسم تفضيل اى ارذل كقوله "اكابر مجرميها واحاسنكم اخلاقا" جمع اكبر واحسن
فان قلت يلزم الاشتراك اذا بين الاشراف وبينهم فى ماخذ الاشتقاق الذى هو الرذالة.
قلت هو للزيادة المطلقة والاضافة للتوضيح فلا يلزم ما ذكرت وانتصاب بادى الرأى على الظرفية على حذف المضاف اى اتبعك وقت حدوث بادى الرأى وظاهره او فى اول الوهلة من غير تعمق وتدقيق تفكر من البدو او من البدء والياء مبدلة من الهمزة لانكسار ما قبلها وانما استرذلوهم مع كونهم اولى الالباب الراجحة لفقرهم وكان الاشراف عندهم من له جاه ومال كما ترى اكثر زمانك يعتقدون ذلك ويبنون عليه اكرامهم واهانتهم

فلك بمردم نادان دهد زمام مراد تواهل فضلى ودانش همين كناهت بس

وما اعجب شان اهل الضلال لم يرضوا للنبوة ببشر ولا اتباعه وقد رضوا للالهية بحجر وعبادته.
قال فى التأويلات النجمية اما الاراذل من اتباع الروح البدن وجوارحه الظاهرة فان الغالب على الحق ان البدن يقبل دعوة الروح ويستعمل الجوارح بالاعمال الشرعية ولكن النفس الامارة بالسوء تكون على كفرها ولا تخلى البدن يستعمل بالاعمال الشرعية الدينية الا لغرض فاسد ومصلحة دنيوية كما هو المعتاد لاكثر الخلق { وما نرى لكم } اى لك ولمتسبيك فغلب المخاطب على الغائبين { علينا من فضل } من زيادة شرف فى الملك والمال تؤهلكم للنبوة واستحقاق المتابعة واتباعهم لك لا يدل على نبوتك ولا نجد بكم فضيلة تستبع اتباعنا لكم.
قال فى الكواشى وما نرى لكم علينا من فضل لانكم بشر تأكلون وتشربون مثلنا { بل نظنكم كاذبين { جميعا لكون كلامكم واحدا ودعوا كم واحدة