التفاسير

< >
عرض

مُّسَوَّمَةً عِندَ رَبِّكَ وَمَا هِيَ مِنَ ٱلظَّالِمِينَ بِبَعِيدٍ
٨٣
-هود

روح البيان في تفسير القرآن

{ مسومة } نعت حجارة اى معلمة لا تشبه حجارة الدنيا او باسم صاحبها الذى تصيبه ويرمى بها { عند ربك } اى جاءت من عند ربك.
قال الكاشفى [آماده كشته درخزائن بروردكار تو يراى عذاب ايشان] -روى- ان الحجر اتبع شذاذهم اينما كانوا فى البلاد ودخل رجل منهم الحرم وكان الحجر معلقا فى السماء اربعين يوما حتى خرج فاصابه فاهلكه [در تفسير زاهدى آورده كه سنك كلان اوبرابرخمى بود وخردى مساوى اسبوى] يقول الفقير لعل الامطار على تلك القرى بعد القلب انما هو لتكميل العقوبة كالرجفة الواقعة بعد الصيحة لقوم صالح ولتحصيل الهلاك لمسافريهم الخارجين من بلادهم لمصالحهم وهو الظاهر والله اعلم { وما هى } اى الحجارة الموصوفة { من الظالمين } من كل ظالم فهو بسبب ظلمهم مستحقون لها ملابسون بها { ببعيد } تذكيره على تأويل الحجارة بالحجر. وفيه وعيد لاهل الظلم كافة وعنه عليه السلام انه سأل جبرائيل فقال يعنى ظالمى امتك ما من ظالم الا وهو بعرضة حجر يسقط من ساعة الى ساعة يقال فلان عرضة للناس لا يزالون يقعون فيه وجعلت فلانا عرضة لكذا اى نصبته فلا تظن الظالمين انهم يتخلصون ويسلمون من هذه الحجارة بل تسقط عليهم وقت وفاتهم وحصولهم الى صباح موتهم ونظيره
"ان رسول الله صلى الله عليه وسلم كان قاعدا مع اصحابه فى المسجد فسمعوا هدّة عظيمة وهى صوت انهدام الحائط فارتاعوا اى خافوا وفزعوا فقال عليه السلام أتعرفون ما هذه الهدة قالوا الله ورسوله اعلم قال حجر القى من اعلى جهنم منذ سبعين سنة الآن وصل الى قعرها وكان وصوله الى قعرها وسقوطه فيها هذه الهدة فما فرغ من كلامه الا والصراخ فى دار منافق من المنافقين قد مات وكان عمره سبعين سنة فلما مات حصل فى قعرها قال الله تعالى { ان المنافقين فى الدرك الاسفل من النار }" فكان سماعهم تلك الهدة التى اسمعهم الله ليعتبروا وفى الخبر قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "ليلة اسرى بى الى السماء رأيت فى السماء الثالثة حجارة موضوعة فسألت عن ذلك جبريل فقال لا تسأل عنها فلما انصرفت وقفت على تلك الحجارة وقلت اخبرنى عن الحجارة فقال هذه الحجارة فصلت من حجارة قوم لوط خبئت للظالمين من امتك ثم تلا وما هى من الظالمين ببعيد" كذا فى زهرة الرياض

جون عالم ازستمكر ننك دارد عجب نبودكه بروى سنك بارد

وفى التبيان والبعيد الذى ليس بكائن ولا يتصور وقوعه وكل ما هو كائن فهو قريب.
وعن محمد بن مروان قال صرت الى جزيرة النوبة فى آخر ممرنا فامرت بالمضارب فخرج النوب يتعجبون واقبل ملكهم رجل طويل اصلع حاف عليه كساء فسلم وجلس على الارض فقلت له مالك لا تقعد على البساط قال انا ملك وحق لمن رفعه الله ان يتواضع له اذا رفعه

تواضع زكردن فرازان نكوست كدا كرتواضع كند خوى اوست

ثم قال ما بالكم تطاون الزرع بدوابكم والفساد محرم عليكم فى كتابكم فقلت عبيدنا فعلوه بجهلهم قال مابالكم تشربون الخمر وهى محرمة عليكم فى دينكم قلت أشياعنا فعلوه بجهلهم قال فمابالكم تلبسون الديباج وتتحلون بالذهب والفضة وهى محرمة عليكم على لسان نبيكم قلت فعل ذلك اعاحم من خدمنا كرهنا الخلاف عليهم فجعل ينظر فى وجهى ويكرر معاذرى على وجه الاستهزاء ثم قال ليس كما تقول يا ابن مروان ولكنكم قوم ملكتم فظلمتم وتركتم ما امرتم فاذاقكم الله وبال امركم ولله فيكم نعم لم تحص وانى اخشى ان ينزل بك وانت فى ارضى مصيبة فتصيبنى معك فارتحل عنى.
واعلم ان الظلم من نتائج القساوة التى تمطر على كل قلب مقدار ما قدر له فلا يزال يزداد ظلم المرء بحسب ازدياد قساوة قلبه فاذا احاطت بمراءة قلبه قساوته ابعد من ان يكون مرجوا نجاته وكان من المهلكين بحجر القساوة النازلة من سماء القهر والجلال عصمنا الله واياكم من البغى والفساد وارشدنا الى العدل والصلاح انه ولى الارشاد