التفاسير

< >
عرض

وَٱسْتَغْفِرُواْ رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوۤاْ إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي رَحِيمٌ وَدُودٌ
٩٠
-هود

روح البيان في تفسير القرآن

{ واستغفروا ربكم } بالايمان { ثم توبوا اليه } مما انتم عليه من المعاصى وعبادة الاوثان لان التوبة لا تصح الا بعد الايمان او استغفروا بالايمان ثم ارجعوا اليه بالطاعة او استغفروا بالاعمال الصالحة وتوبوا بالفناء التام.
قال فى التأويلات النجمية واستغفروا من صفات الكفر ومعاملاته كلها وبدلوها بصفات الاسلام ومعاملاته فانها تزكية النفوس عن الصفات الذميمة ثم ارجعوا اليه على قدمى الشريعة والطريقة سائرين منكم اليه ليحليكم تحلية الحقيقة وهى الفناء عنكم والبقاء به { ان ربى رحيم } عظيم الرحمة للمؤمنين والتائبين { ودود } فاعل بهم من اللطف والاحسان كما يفعل البليغ المودة بمن يوده.
قال فى المفاتيح الودود مبالغة الواد ومعناه الذى يحب الخير لجميع الخلائق ويحسن اليهم فى الاحوال كلها. وقيل المحب لاوليائه وحاصله يرجع الى ارادة مخصوصة وحظ العبد منه ان يريد للخلق ما يريد لنفسه ويحسن اليهم حسب قدرته ووسعته ويحب الصالحين من عباده واعلى من ذلك من يؤثرهم على نفسه كمن قال منهم اريد ان اكون جسرا على النار يعبر عليه الخلق ولا يتأذون بها كما فى المقصد الاسنى للغزالى.
قال الكاشفى فى تفسيره [قطب الابرار مولانا يعقوب جرخى قدس سره در شرح اسماء الله تعالى معنى الودودرا برين وجه آورده است كه دوست دارنده نيكى بهمه خلق ودوست دردلهاى بحق يعنى اونيك را دوست ميدارد ونيكان اورا دوست ميدارند وفى الحقيقة دوستى ايشان فرع دوستى اوست زيراكه جون بنظر تحقيق درنكر نداصل حسن واحسان كه سبب محبت مى باشد غيراورا ثابت نيست بسرخود خودرا دوست ميداردوازين باب نكتة جنددرآيت
{ { يحبهم ويحبونه } برمنظر عيان جلوه نمود وللوالد الاعز زيدت حقائقه

اى حسن توداده يوسفانرا خوبى وز عشق توكرده عاشقان يعقوبى
كرنيك نظر كندكسى غير تونيست در مرتبة محبى ومحبوبى

واعلم ان الله تعالى لو لم يكن له ود لما هدى ولما فرح بتوبة عبده المؤمن كما قال صلى الله عليه وسلم "لا الله افرح بتوبة عبده المؤمن من رجل نزل فى ارض دوية مهلكة معه راحلة عليها طعامه وشرابه فوضع رأسه فنام نومة فاستيقظ وقد ذهب راحلته فطلبها حتىاشتد عليه الحر والعطش قال ارجع الى مكانى الذى كنت فيه فانام حتى اموت فوضع رأسه على ساعده ليموت فاستيقظ فاذا راحلته عنده عليها زاده وشرابه فالله اشد فرحا بتوبة العبد المؤمن من هذا براحلته وزاده" فمن اضاع راحلته فى برية الهوى بغلبة الغفلة فعليه الرجوع الى مكانه الاول اعنى الفطرة الاولى بالتسليم والموت الاختيارى حتى يجد ما اضاعه. وفى الحديث اشارة الى الطريق من البداية الى النهاية فبقوله عليه السلام فاستيقظ لان اليقظة ابتداء حال السالك واما الى النهاية فبقوله عليه السلام ليموت لان الفناء غاية السير الى الله ثم ان قوله فاستيقظ فاذا راحلته عنده اشارة الى البقاء بعد الفناء والرجوع الى البشرية.
ثم اعلم ان التوبة على مراتب اعلاها الرجوع عن جميع ما سوى الله تعالى الى الله سبحانه وهذا المقام يقتضى نسيان المعصية والتوبة عن التوبة فان وقت الصفاء يقتضى نسيان الجفاء وايضا اذا تجلى الحق للسالك ورأى كل شيء هالكا الا وجهه فنى الذوات كلها انما ظنك بالاعمال والله تعالى تواب يقبل التوبة الا ان يكون العبد كذوبا -يحكى- ان مالك ابن دينار مر بشابين يلهوان فوعظهما فقال احدهما انا اسد من الاسود فقال مالك سيأتيك اسد تكون عنده ثعلبا فمرض الشاب وعاده مالك فبكى الشاب وقال قد جاء الاسد الذى صرت عنده ثعلبا فقال مالك تب الى الله تعالى فانه تواب فنودى من زاوية البيت جربناه مرارا فوجدناه كذوبا: وفى المثنوى

توبه آرند وخدا توبه بذير امر او كيرند او نعم الامير