التفاسير

< >
عرض

قَالُواْ يٰشُعَيْبُ مَا نَفْقَهُ كَثِيراً مِّمَّا تَقُولُ وَإِنَّا لَنَرَاكَ فِينَا ضَعِيفاً وَلَوْلاَ رَهْطُكَ لَرَجَمْنَاكَ وَمَآ أَنتَ عَلَيْنَا بِعَزِيزٍ
٩١
-هود

روح البيان في تفسير القرآن

{ قالوا } استئناف بيانى { يا شعيب ما نفقه } الفقه معرفة غرض المتكلم من كلامه اى لا نعرف ولا نفهم { كثيرا مما تقول } اى كل ما تقول من التوحيد ومن ايفاء الكيل والوزن وغير ذلك كما فى قوله تعالى { { وما يتبع اكثرهم الا ظنا } اى كلهم على احد الوجهين وذلك استهانة بكلامه واحتقارا به كما يقول الرجل لصاحبه اذا لم يعبأ بحديثه ما ندرى ما تقول والا فشعيب كان يخاطبهم بلسانهم وهم يفهمون كلامه لكن لما كان دعاؤه الى شيء خلاف ما كانوا عليه وآباؤهم قالوا ما قالوا { وانا لنريك فينا } اى فيما بيننا { ضعيفا } هو فى المشهور من ليس له قوة جسمانية اى لا قوة لك فتمتنع منا ان اردنا بك سوءا او مهينا لاعزلك وهذا لا يتعلق بالقوة الجسمانية فان ضعيف الجسم قد يكون وافر الحرمة بين الناس وهو الظاهر لان الكفرة كانوا يزدرون بالانبياء وباتباعهم المؤمنين.
وفى التأويلات النجمية { ضعيفا } اى ضعيف الرأى ناقص العقل وذلك لانه كما يرى العاقل السفيه ضعيف الرأى يرى السفيه العاقل ضعيف الرأى { ولولا رهطك } ولولا حرمة قومك ومراعاة جانبهم وقالوا ذلك كرامة لقومه لانهم كانوا على دينهم لا خوفا منهم لان الرهط من الثلاثة الى السبعة او التسعة او العشرة وهم الوف فكيف يخافون من رهطه { لرجمناك } لقتلناك برمى الحجارة وقد يوضع الرجم موضع القتل وان لم يكن بالحجارة من حيث سببه ولان اول القتل وهو قتل هابيل لما كان بالحجارة سمى كل قتل رجما وان لم يكن بها.
قال عمر رضى الله عنه تعلموا انسابكم تعرفوا بها اصولكم وتصلحوا بها ارحامكم. قالوا ولو لم يكن فى معرفة الانساب الا الاحتراز بها من صولة الاعداء ومنازعة الاكفاء لكان تعلمها من احزم الرأى وافضل الصواب ألا ترى الى قول قوم شعيب ولولا رهطك لرجمناك فابقوا عليه لرهطه يقال ابقيت على فلان اذا ارعيت عليه ورحمته { وما انت علينا بعزيز } مكرم محترم حتى تمنعنا عزتك من رجمك بل رهطك هم الاعزة علينا لكونهم من اهل ديننا فانما نكف عنك للمحافظة على حرمتهم وهذا ديدن السفيه المحجوج يقابل الحجج والآيات بالسب والتهديد وتقديم الفاعل المعنوى لافادة الحصر والاختصاص وان كان الخبر صفة لا فعلا وعلينا متعلق بعزيز وجاز لكون المعمول ظرفا والباء مزيدة.
وفى التأويلات النجمية يشير الى ان من كان على الله بعزيز فانه ليس على الجاهل بعزيز انتهى.
اقول وذلك لان العزة والشرف عند الجهلاء بالجاه والمال بالدين والكمال وقد قال النبى عليه السلام
"ان الله لا ينظر الى صوركم واموالكم بل ينظر الى قلوبكم واعمالكم" يعنى اذا كانت لكم قلوب واعمال صالحة تكونون مقبولين مطلقا سواء كانت لكم صور حسنة واموال فاخرة ام لا والا فلا: وفى المثنوى

وقت بازى كودكان را زاختلال مى نمايد اين خزفها زرو مال[1]
عارفانش كيميا كر كشته اند تاكه شد كانها بريشان ونزند
باغها وقصرها وآب رود بيش جشم از عشق كلخن مى نمود[2]