التفاسير

< >
عرض

قَالَ قَآئِلٌ مِّنْهُمْ لاَ تَقْتُلُواْ يُوسُفَ وَأَلْقُوهُ فِي غَيَٰبَتِ ٱلْجُبِّ يَلْتَقِطْهُ بَعْضُ ٱلسَّيَّارَةِ إِن كُنتُمْ فَاعِلِينَ
١٠
-يوسف

روح البيان في تفسير القرآن

{ قال } استئناف مبنى على سؤال من سأل وقال اتفقوا على ما عرض عليهم من الامرين ام خالفهم فى ذلك احد فقيل قال { قائل منهم } وهو يهودا وكان احسنهم فيه رأيا حيث جوزوا قتله ولم يساعدهم عليه { لا تقتلوا يوسف } فان قتله عظيم لكونه من غير جرم ولا تطرحوه ارضا لكونه فى حكم القتل { والقوه } يعنى بدل الطرح { فى غيابة الجب } فى قعره وغوره وما اظلم منه من اسفله سمى به لغيبته عن عين الناظر والجب البئر التى لم تطو بعد لانه ليس فيها غير جب الارض وقطعها فاذا طويت فهو بئر { يلتقطه } يأخذه على وجه الصيانة من الضياع والتلف فان الالتقاط اخذ شيء مشرف على الضياع { بعض السيارة } جمع سيار وهو بناء المبالغة اى بعض طائفة تسير فى الارض. وبالفارسية [بعضى ازاره كذريان كه بداتجا رسندو وببرندش بنا حيتى ديكروشما ازوباز رهيد] { ان كنتم فاعلين } [بمشورتى يعنى جون غرض شمابودن اوست برين وجه مبايد كرد] ولم يبت القول عليهم انما عرض ذلك عليهم تأليفا لقلبهم وتوجيها لهم الى رأيه وحذرا من نسبتهم له الى التهكم والافتيات اى الاستبداد والتفرد.
قال سعدى المفتى انما قال هذا القائل ذلك لكونه اوجه مما ذكروه فى التدبير فان من التقطه من السيارة يحمله الى موضع بعيد ويحصل المقصود بلا احتياج الى الحركة بانفسهم فربما لا يأذن لهم ابوهم وربما يطلع على قصدهم انتهى.
فانظر الى هؤلاء الاخوان الذين ارحمهم له لا يرضى الا بالقاء يوسف فى اسفل الحجب وهكذا اخوان الزمان وابناؤه فان السنتهم دائرة بكل شر ساكتة عن كل خير

جامى ابناى زمان از قول حق صمند وبكم نام ايشان نيست عند الله بجز شر الدواب
درلباس دوستى سازندكار دشمنى حسب الامكان واجبست ازكيدايشان اجتناب
شكل ايشان شكل انسان فعلشان فعل سباع هم زئاب فى ثياب او ثياب فى ذئاب

وفى الآية اشارة الى ان الحواس والقوى تسعى فى قتل يوسف القلب بسكين الهوى فان موت القلب منشأة الهوى وهو السم القاتل للقلب او تسعى فى طرحه فى ارض البشرية فانه بعد موت القلب يقبل الروح بوجهه الى الحواس والقوى لتحصيل شهواتها ومراداتها وتكون هى بعد موته قوما صالحين للتنعم الحيوانى والنفسانى. قال قائل منهم وهو يهودا المتفكرة لا تقتلوا يوسف والقوة فى غيابة جب القالب وسفل البشرية يلتقطه سيارة الحوادث النفسانية ان كنتم فاعلين ساعين به كذا فى التأويلات النجمية.
فالحياة الحقيقية انما هى فى حياة القلب والقلب بيت الله ومحل استوائه عليه.
قال الشيخ ابو عبد الله محمد بن الفضل العجب ممن يقطع الاودية والمفاوز والقفار ليصل الى بيته وحرمه لان فيه آثار انبيائه كيف لا يقطع بالله نفسه وهواه حتى يصل الى قلبه فان فيه آثار مولاه وذكر الله تعالى هو طريق الوصول.
قال الشيخ ابو عبد الله محمد بن على الترمذى الحكيم رضى الله عنه ذكر الله يرطب القلب ويلينه فاذا خلا عن الذكر اصابته حرارة النفس ونار الشهوات فقسا ويبس وامتنعت الاعضاء من الطاعة فاذا مددتها انكسرت كالشجرة اذا يبست لا تصلح الا للقطع وتصير وقودا للنار اعاذنا الله منها