التفاسير

< >
عرض

رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ ٱلْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِن تَأْوِيلِ ٱلأَحَادِيثِ فَاطِرَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ أَنتَ وَلِيِّي فِي ٱلدُّنُيَا وَٱلآخِرَةِ تَوَفَّنِى مُسْلِماً وَأَلْحِقْنِي بِٱلصَّالِحِينَ
١٠١
-يوسف

روح البيان في تفسير القرآن

{ رب } - روى - ان يعقوب اقام مع يوسف اربعا وعشرين سنة واوصى ان يدفنه بالشام الى جنب ابيه اسحاق فنقله يوسف بنفسه فى تابوت من ساج فوافق يوم وفاة عيص فدفنا فى قبر واحد وكانا فى بطن واحد وكان عمرهما مائة وسبعا واربعين سنة كما فى تفسير ابى الليث ثم عاد الى مصر وعاش بعد ابيه ثلاثا وعشرين سنة وكان عمره مائة وعشرين سنة فلما جمع الله شمله وانتظمت اسبابه واطردت احواله ورأى امره على الكمال علم انه اشرف على الزوال وان نعيم الدنيا لا يدوم على كل حال قال قائلهم

اذا تم امردنا نقصه توقع زوالا اذا قيل تم

فسأل الله الموت بحسن العاقبة.
قال الكاشفى [يوسف بدررا بخواب ديدكه ميكويد اى يوسف بغايت مشاق لقاى بشتاب تاسه روز ديكرنزد من آيى يوسف ازخواب درآمد وبرادرانرا ووصيتها كرد ويهودا ولى عهد ساخته فرزندانرا بروسبرد وبطريق مناجات كفت اى بروردكار من] { قد آتيتنى من الملك } اى اعطيتني بعضا منه عظيما وهو ملك مصر اذ لم يكن له ملك كل الدنيا.
قال حضرة الشيخ الشهير بافتاده قدس سره كان فى وجود يوسف عليه السلام قابلية السلطنة واما سلطان الأنبياء صلى الله عليه وسلم فقد افتى جميع ما فى ملك وجوده من جهة الافعال والصفات فلم يبق شئ فظهر مكانه شئ لا يوسف بحيث وقع تجلى الذات فملكه وسلطانه لايدانيه شئ ولذا لو قال احد على وجه التحقير انه كان فقيرا يكفر

شمع سراجه ابيت اختر برج لودنوت تارك دينئ دنى مالك ملكت دنا

{ وعلمتنى من تأويل الاحاديث } [وبياموختى مرااز تعبير خوابها] ومن للتبعيض ايضا لانه لم يؤت علم كل التأويل على التفصيل وان جاز ان يؤتى ملكته ويقال من هنا لابانة الجنس لا للتبعيض.
قال ابن الكمال الاحاديث مبنى على واحدة المستعمل وهو الحديث كأنهم جمعوا حديثا على احدثه ثم جمعوا الجمع على احاديث كقطيع واقعة واقاطيع والمراد بالاحاديث الرؤى جمع الرؤيا وتأويلها بيان ما تؤول هى اليه فى الخارج وعلم التعبير من العلوم الجليلة لكنه من لوازم النبوة والولاية فقد يعطيه الله بعض خواصه على التفصيل وبعضهم على الاجمال { فاطر السموات والارض } اي خالقهما موجدهما من العدم الى الوجود.
قال ابن عباس رضى الله عنهما كان معنى الفاطر غير ظاهر اى ان تقدم رجلان من العرب يدعى كل منهما الملكية فى بئر احدهما انا فاطرتها اي ابتدأت حفرها فعرفت ذلك { انت وليى } سيدي وانا عبدك.
وقال الكاشفى [تويى يار من ومتولئ كارمن } اى القائم بامرى { فى الدنيا والآخرة } [درين سراى ودران سراى] واعلم ان من عرض له حاجة فاراد ان يدعو فعليه ان يقدم الثناء على الله تعالى ولذا قدم يوسف عليه السلام الثناء ثم قال داعيا { توفنى مسلما } وهو طلب للوفاة على حال الاسلام لانها تمام النعمة ونحوه
{ { ولا تموتن الا وانتم مسلمون } ويجوز ان يكون تمنيا للموت اى اقبضنى اليك مخلصا بتوحيدك.
قيل ما تمنى الموت نبى قبله ولا بعده الا هو: وفى المثنوى

يس رجال ازنقل عالم شادمان وزبقا اش شادمان اين كودكان
همجنين باد اجل بر عارفان نرم وخوش همجون نسيم يوسفان
أتش ابراهيم را دندان نزد جون كزيده حق بود جونش كزد

وفى الحديث "الموت تحفة المؤمن" لان الدنيا سجنه لا يزال منها فى عناء بمقاساة نفسه ورياضتها فى شهواتها ومدافعة شيطانه فالموت اطلاقه واستراحته كما قيل موت الامراء فتنة وموت العلماء مصيبة وموت الاغنياء محنة وموت الفقراء راحة وفى الحديث "من احب لقاء الله احب لقاءه ومن كره لقاء الله كره الله لقاءه وقالوا يا رسول الله كلنا نكره الموت قال ليس ذلك بكراهة للموت ولكن المؤمن اذا احتضر جاء البشير من الله بما يرجع اليه فليس شئ احب اليه من لقاء الله فأحب الله لقاءه وان الفاجر او الكافر اذا احتضر جاءه النذير بما هو صائر اليه من الشر فكره لقاء الله فكره الله لقاءه" ومعنى محبة الله افاضة فضله على المؤمن واكثار العطايا له ومعنى كراهته تبعيد الكافر عن رحمته وارادة نقمته.
وانما دعا يوسف بهذا الدعاء وهو التوفى مسلما ليقتدى به قومه ومن بعده ممن ليس بآمن على ختمه فلا يترك الدعاء امتثالا له لان ظواهر الانبياء عليهم السلام كانت لنظر الامم اليهم ليعلموا موضع الشكر من موضع الاستغفار { والحقنى بالصالحين } اى بآبائى المرسلين فى الجنة او بعامة الصالحين فى النعمة والكرامة وهو اسم للانبياء لكمال حالهم واستجماع خصال الخير فيهم قال تعالى
{ { وادخلناهم فى رحمتنا انهم من الصالحين
} قال سعدى المفتى فيه بحث فان يوسف من اكابر الانبياء والصلاح اول درجات المؤمنين فكيف يليق به ان يطلب اللحاق بمن هو فى البداية ثم قال ويمكن ان يقال سبيله سبيل الاستغفار عن نبينا عليه السلام فان امثاله تصدر عن الانبياء هضما للنفس انتهى.
يقول الفقير هذا معنى ساقط ذهول عن حقيقة الحال وكأنه ذهب بوهمه الى ترتيب قوله تعالى
{ { فاولئك مع الذين انعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين } ولم يعرف ان مرتبة الصلاح مرتبة عظيمة جامعة لجميع المراتب ان الصالح اذا ترقى من مقامه يسمى شهيدا ثم صديقا ثم نبيا ويزم منه ان لا يتصف الشهيد مثلا بالصلاح فان تسميته شهيدا انما هى باعتبار صفة غالبة كتسمية الانسان اميرا ثم وزيرا باعتبار تفاوت درجات ولايته مع كونه انسانا فى نفسه ان ارباب البداية يسمون صلحاء كذلك اصحاب النهاية بشهادة الله تعالى كما قال { { انهم من الصالحين } وقال { { وهو يتولى الصالحين } ووجهه ان النهاية هى الرجوع الى البداية فالتوفى مسلما اشارة الى مرتبة الفناء فى الله والالحاق بالصالحين اشارة الى مرتبة البقاء بالله فان المعنى عند اهل الاشارة توفنى مسلما اى افننى عنى بك مستسلما والحقنى بالصالحين للبقاء بك بان تغنينى عنى وتبقينى ببقائك الازلى الابدى فافهم وفقك الله - روى - ان يوسف عليه السلام قص رؤياه المذكورة كما نقل عن الكاشفى على زليخا ودعا بهذا الدعاء فعلمت ان الله يقبل دعاءه وان الامر يصير الى الفرقة بعد الوصلة فبكت وقالت الهى

ندارم طاقت هجران يوسف زتن كش جان من باجان يوسف
بقائون وفانيكو نباشد كه من باشم بدنيا اونباشد
وكر بامن نسازى همره اورا مرابيون براول آنكه اورا
بديكر اوزيوسف بامدادان كه شد دلها زفيض صبح شادان
ببر طرده لباس شهرياري برون آمد بآهنك سوازى
جو با دريك ركاب آورد جبريل بدوكفتا مكن زين بيش تعجيل
امان نبود زجرخ عمر فرساى كه سايد درركاب ديكرت باى
عنان بكسل زآمال امانى بكش يا از ركاب زندكانى
جو يوسف اين بشارت كردازوكوش زشادى شد بروهستى فراموش
زشاهى دامن همت برافشاند يكى از وارثان ملك برخواند
بجاى خودشه آن مر زكردش بخصلتهاى نيك اندر زكردش
دكر كفتار زليخارا بخوانيد بميعاد وداع من رسانيد
بكفتند او زدست غم زبونست فتاده درميان خاك وخونست
ندارد طاقت اين باد جانش بحال خويش بكذار آنجنانش
بكف جبريل حاضر داشت سيبى كه باغ خلد ازان ميداشت زينى
جو يوسف رابدست آن سيب بنهاد روان آن سيب را بوييدو جان داد
جو يوسف را ازان بوجان بر آمد زجان حاضران افغان بر آمد
زليخا كفت اين سوز وفغان جيست براز غوغا زمين وآسمان جيست
بدو كفتند كان شاه جوان بخت بسوى تخته رو كرد ازسر تخت
وداع كلبة تنك جهان كرد وطن بر اوج كاخ لامكان كرد
زهول اين سخن آن سرو جالاك سه روز افتاد همجون سايه بر خاك
جوجارم روز شد زان خواب بيدار سماع آن زخود بردش دكر بار
سه بارا ينسان سه روز ازخودهمى رفت بداغ سينه سوز خود همى رفت
جهارم بار جون آمد بخود باز ز يوسف كرد برسش آغاز
جز اين ازوى خبر بازش ندادند كه همجون كنج درخا كش نهادند
بيك جنبش ازين اندوه خانه برحلت كاه يوسف شد روانه
كهى فرقش همى بوسيدة كه باى فغان ميزد زدل كاى واى من واى
فرو رفته توهمجون آب در خاك به بيرون مانده من جون خار وخاشاك
جودرد وحسرتش ازحد برون شد برسم خاك بوسى سرنكون شد
بجشمان خود انكشتان در آورد دو نركس را زنركسدان بر آورد
بخاك وى فكند ازكاسه سر كه نركس كاشتن درخاك بهتر
بخاكش روى خون آلوده بنهاد بمسكينى زمين بوسيد وجان داد
خوش آن عاشق كه در هجران جنان مرد بخلوتكاه جانان جان جنان برد
نخست از غير جانان ديده بركند وزان بس نقد جان برخا كش افكند
هزاران فيض بر جان وتنش باد بجانان ديده جان روشنش باد
حريفان حال اورا جون بديدند فغان وناله بر كردون كشيدند
زكرد فرقتش رخ باك كردند بجنب يوسفش درخاك كرند

وقال فى القصص ماتت زليخا قبله فحزن عليها ولم يتزوج بعدها ولما دنت وفاة يوسف وصى الى ولده افراييم ان يسوس الناس وقال ان يوسف خرج باهله واولاده واخوته ومن آمن معه من مصر ونزل عليه جبريل فخرق له من النيل خليجا الى الفيوم ولحق به كثير من الناس وبنوا هناك مدينتين وسموهما الحرمين فكان يوسف هناك سنين الى ان مات فتخاصم المصريون فى مدفنه من جانبى النيل كل طائفة ارادت ان يدفن يوسف فى جانبه وسمته تبركا بقبره الشريف وجلبا للخصب حتى هموا بالقتال ثم تصالحوا على ان يدفن سنة فى جانب مصر وسنة فى جانب آخر من البدو فدفن فى الجانب المصرى فاخصب ذلك الجانب واجدب الجانب الآخر من البدو ثم نقل الى الجانب البدوي فاخصب ذلك الجانب واجدب الجانب الآخر المصري ثم اتفقوا على دفنه فى وسط النيل وقدروا ذلك بسلسلة وعملوا له صندوقا من مرمر

شكاف سنك قيراندى كردند ميان قعر نيلش جاى كردند
يكى شد غرق بحر آشنايى يكى لب تشنه در بر جدايى
به بين حيله كه جرخ بى وفا كرد كه بعد مركش ازيوسف جدا كرد
نمى دانم باايشان جه كين داشت كه زيرخا كشان آسوده نكذاشت

وعن عروة بن الزبير رضى الله عنهما قال ان الله تعالى حين امر موسى عليه السلام بالسير ببنى اسرائيل امره ان يحمل معه عظام يوسف وان لا يخلفها بارض مصر وان يسير بها حتى يضعها فى الارض المقدسة اى وفاء بما اوصى به يوسف فقد ذكر انه لما ادركته الوفاة اوصى ان يحمل الى مقابر آبائه فمنع اهل مصر اولياءه من ذلك فسأل موسى عمن يعرف موضع قبر يوسف فما وجد احد يعرفه الا عجوزا فى بنى اسرائيل فقالت له يا بنى انا اعرف مكانه وادلك عليه ان انت اخرجتنى معك ولم تخلفنى بارض مصر قال افعل. وفى لفظ انها قالت اكون معك فى الجنة فكأنه ثقل عليه ذلك فقيل له اعطها طلبتها فاعطاها وقد كان موسى وعد بنى اسرائيل ان يسير بهم اذا طلع القمر فدعا ربه ان يؤخر طلوع القمر حتى يفرغ من امر يوسف ففعل فخرجت به العجوز حتى ارته اياه فى ناحية من النيل. وفى لفظ فى مستنقعة ماء اى وتلك المستنقعة فى ناحية من النيل فقالت لهم انضبوا عنها الماء اى ارفعوا عنها ففعلوا فقالت احفروا فحفروا واخرجوه. وفى لفظ انها انتهت به الى عمود على شاطئ النيل اى فى ناحية منه فلا يخالفه ما سبق فى اصله سكة من حديد فيها سلسلة. ويجوز ان يكون حفرهم الواقع فى تلك الرواية كان على اظهار تلك السلسلة فلا مخالفة ووجده فى صندوق من حديد فى وسط النيل فى الماء استخرجه موسى وهو فى صندوق من مرمر اى داخل ذلك الصندوق الذى من الحديد فاحتمله.
وفى انيس الجليس ان موسى جاءه شيخ له ثلاثمائة سنة فقال له يا نبى الله ما يعرف قبر يوسف الا والدتى فقال له موسى قم معى الى والدتك فقام الرجل ودخل منزلته واتى بقعة فيها والدته فقال لها ألك علم بقبر يوسف قالت نعم ولا ادلك على قبره الا ان دعوت الله ان يرد علىّ شبابى الى سبع عشرة سنة ويزيد فى عمرى مثل ما مضى فدعا موسى لها وقال لها كم عمرك قالت تسعمائة سنة فعاشت الفا وثمانمائة سنة فارته قبر يوسف وكان فى وسط نيل مصر ليمر النيل عليه فيصل الى جميع مصر فيكونوا شركاء فى بركته فاخصب الجانبان وكان بين دخول يوسف مصر الى يوم خروج موسى اربعمائة سنة وهو اى يوسف اول نبىّ من بنى اسرائيل.
قال فى بحر العلوم ولقد توارثت الفراعنة من العمالقة بعده مصر ولم تزل بنوا اشرائيل تحت ايديهم على بقايا دين يوسف وآبائه الى ان بعث الله موسى فنجاهم من الفراعنة بعونه وتيسيره.
وعن عمر بن عبد العزيزان ميمون بن مهران بات عنده فرآه كثير البكاء والمسألة للموت فقال صنع الله على يديك خيرا كثيرا احييت سننا وامت بدعا وفى حياتك خير وراحة للمسلمين افلا اكون كالعبد الصالح لما اقر الله عينه وجمع له امره قال توفنى مسلما والحقنى بالصالحين

كرت ملك جهان زير نكين است بآخر جاى تو زير زمين است