التفاسير

< >
عرض

قَالَ هِيَ رَاوَدَتْنِي عَن نَّفْسِي وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِّنْ أَهْلِهَآ إِن كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِن قُبُلٍ فَصَدَقَتْ وَهُوَ مِنَ الكَاذِبِينَ
٢٦
-يوسف

روح البيان في تفسير القرآن

فقيل { قال } دفعا عن نفسه وتنزيها لعرضه { هى راودتنى عن نفسى } طالبتنى للمواقعة لا انى اردت بها سوأ كما قالت

زليخا هرجه ميكويد دروغست دروغ او جراغ بى فروغست
زن از بهلوى جب شد آفريده كس از جب راستى هركزنديده

فقال العزيز ما اقبل قولك الا ببرهان وفى رواية نظر العزيز الى ظاهر قول زليخا وتظلمها فامر ان يسجن يوسف وعند ذلك دعا يوسف بانزال البراءة وكان لزليخا خال له ابن فى المهد ابن ثلاثة اشهر او اربعة او ستة على اختلاف الروايات فهبط جبريل الى ذلك الطفل واجلسه فى مهده وقال له اشهد ببراءة يوسف فقام الطفل من المهد وجعل يسعى حتى قام بين يدى العزيز وكان فى حجرانه

فغان زد كاى عزيز آهسته ترباش زتعجيل عقوبت برحذر باش
سزاوار عقوبت نيست يوسف بلطف ومرحمت او ليست يوسف
عزيزاز كفتن كودك عجب ماند سخن با او بقانون ادب راند
كه اى ناشسته لب زالايش شير خدايت كرد تلقين حسن تفرير
بكوروشن كه اين آتش كه افروخت كزانم برده عز وشرف سوخت

كما قال الله تعالى { وشهد شاهد من اهلها } اى ابن خالها الذى كان صبيا فى المهد وانما القى الله الشهادة على لسان من هو من اهلها ليكون اوجب للحجة عليها واوثق لبراءة يوسف وانفى للتهمة عنه.
وفى الارشاد ذكر كونه من اهلها لبيان الواقع اذ لا يختلف الحال فى هذه الصورة بين كون الشاهد من اهلها او من غيرهم.
واعلم انه تكلم فى المهد جماعة. منهم شاهد يوسف هذا. ومنهم نبينا صلى الله عليه وسلم فان تكلم فى المهد فى اوائل ولادته واول كلام تكلم به ان قال
"الله اكبر كبيرا والحمد لله كثيرا وسبحان الله بكرة واصيلا" . ومنهم عيسى عليه السلام تكلمه فى سورة مريم ومنهم مريم. والدة عيسى عليهما السلام. ومنهم يحيى عليه السلام. ومنهم ابراهيم الخليل عليه السلام فانه لما سقط على الارض استوىقائما على قدميه وقال لا اله الا الله وحده لا شريك له الملك وله الحمد الحمد لله الذى هدانا لهذا. ومنهم نوح عليه السلام فانه تكلم عقيب ولادته فان امه ولدته فى غار خوفا على نفسها وعليه فلما وضعته وارادت الانصراف قالت وانوحاه فقال لا تخافى احدا علىّ يا اماه فان الذى خلقتنى يحفظنى. ومنهم موسى عليه السلام فانه لما وضعته امه استوى قاعدا وقال يا اماه لا تخافى اى من فرعون ان الله معنا. وتكلم يوسف عليه السلام فى بطن امه فقال انا المفقود والمغيب عن وجه ابى زمانا طويلا فاخبرت امه والده بذلك فقال لها اكتمى امرك. واجاب واحد امّه بالتشميت وهو فى بطنها حين عطست وسمع الحاضرون كلهم صوته من جوفها. ومنهم ابن المرأة التى مرعليها بامرأة يقال انها زنت فشهد بالبراءة. ومنهم طفل لذى الاخدود. ومنهم ابن ماشطة بنت فرعون
عن ابن الجوزى ان ماشطة بنت فرعون لما اسلمت اخبرت الابنة اباها باسلامها فامر بالقائها والقاء اولادها فى النقرة المتخذة من النحاس المحماة فلما بلغت النوبة الى آخر ولدها وكان مرضعا قال اصبرى يا اماه فانك على الحق. ومنهم مبارك اليمامة
"قال بعض الصحابة دخلت دارا بمكة فرأيت فيها رسول الله وسمعت منه عجبا جاءه رجل بصبى يوم ولد وقد لفه فى خرقة فقال النبى عليه السلام يا غلام من انا قال الغلام بلسان طلق انت رسول الله قال صدقت بارك الله فيك" ثم ان الغلام لم يتكلم بشيء فكنا نسميه مبارك اليمامة وكانت هذه القصة فى حجة الوداع. ومنهم صاحب جريج الراهب قصته ان جريجا كان يتعبد فى صومعة فقالت بنية من بنى اسرائيل لافتنته فعرضت له نفسها فلم يلتفت اليها فمكنت نفسها من راعى غنم كان يأوى بغنمه الى اصل صومعته فولد غلاما وقالت انه من جريح فضربوه وهدموا صومعته فصلى جريح وانصرف الى الغلام ووضع يده على رأسه فقال بحق الذى خلقك ان تخبرنى من ابوك فتكلم باذن الله تعالى ان ابى فلان الراعى فاعتذروا الى جريج وبنوا صومعته. ومنهم ما ذكره الشيخ محيى الدين ابن العربى قدس سره. قال فلت لبنتى زينب مرة وهى فى سن الرضاعة قريبا عمرها من سنة ما تقولين فى الرجل يجامع حليلته ولم ينزل فقالت عليه الغسل فتعجب الحاضرون من ذلك ثم انى فارقت تلك البنت وغبت عنها سنة فى مكة وكنت اذنت لوالدتها فى الحج وجاءت مع الحج الشامى فلما خرجت لملاقاتها رأتنى من فوق الجمل وهى ترضع فقالت قبل ان ترانى امها هذا بى وضحكت ورمت نفسها الىّ كما فى انسان العيون