التفاسير

< >
عرض

فَٱسْتَجَابَ لَهُ رَبُّهُ فَصَرَفَ عَنْهُ كَيْدَهُنَّ إِنَّهُ هُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلْعَلِيمُ
٣٤
-يوسف

روح البيان في تفسير القرآن

{ فاستجاب له ربه } دعاءه الذى تضمنه قوله { { والا تصرف عنى كيدهن } الخ فيه استدعاء لصرف كيدهن والاستجابة تتعدى الى الدعاء بنفسها نحو استجاب الله تعالى دعاءه والى الداعى باللام ويحذف الدعاء اذا عدى الى الداع فى الغالب فيقال استجاب له ولا يكاد يقال استجاب له دعاءه كما فى بحر العلوم { فصرف عنه كيدهن } حسب دعائه وثبته على العصمة والعفة حتى وطن نفسه على مقاساة السجن ومحنته واختارها على اللذة المتضمنة للمعصية { انه هو السميع } لدعاء المتضرعين اليه { العليم } باحوالهم وما يصلحهم
وعن الشيخ ابى بكر الدقاق قدس سره قال بقيت بمكة عشرين سنة وكنت اشتهى اللبن فغلبتنى نفسى فخرجت الى عسفان وهو كعثمان موضع على مرحلتين من مكة قاستضفت حيا من احياء العرب فوقعت عينى على جارية حسناء اخذت بقلبى فقالت يا شيخ لو كنت صادقا لذهبت عنك شهوة اللبن فرجعت الى مكة وطفت بالبيت فاريت فى منامى يوسف الصديق عليه السلام فقلت له يا نبى الله اقر الله عينك بسلامتك من زليخا فقال يا مبارك بل اقر الله عينك بسلامتك من العصفانية ثم تلا يوسف ولمن خاف مقام ربه جنتان وانشدوا

وانت اذا ارسلت طرفك رائدا لقلبك يوما اتبعتك المناظر
رايت الذى لاكله انت قادر عليه ولا عن بعضه انت صابر

قال بعضهم لا يمكن الخروج من النفس بالنفس وانما يمكن الخروج عن النفس بالله.
وقال الشيخ ابو تراب النخشبى قدس سره من شغل مشغولا بالله عن الله ادركه المقت فى الوقت فليس للعصمة شيء يعادلها.
والاشارة ان القلب اذا لم يتابع امر الدنيا وهوى نفسه ولم يجب الى ما تدعوه دواعى البشرية يكون مسجونا فى سجن الشرع والعصمة من الله تعالى والقلب وان كان فى كمالية قلب نبى من الانبياء لو خلى وطبعه ولم يعصمه الله من مكايد الدنيا وآفات دواعى البشرية وهو اوجس النفس ووساوس الشيطان يميل الى ما يدعونه اليه ويكون من جملة النفوس الظلومة الجهولة كما فى التأويلات النجمية: قال الحافظ

دام سخت است مكر لطف خدا يارشود ورنه نبرد صرفه ز شيطان رجيم

نسأل الله القوة والغلبة على الاعداء الظاهرة والباطنة انه هو المعين