التفاسير

< >
عرض

وَقَالَ ٱلْمَلِكُ ٱئْتُونِي بِهِ أَسْتَخْلِصْهُ لِنَفْسِي فَلَمَّا كَلَّمَهُ قَالَ إِنَّكَ ٱلْيَوْمَ لَدَيْنَا مَكِينٌ أَمِينٌ
٥٤
-يوسف

روح البيان في تفسير القرآن

{ وقال الملك } [آودره اندكه جون باملك مصر سخنان يوسف باز كفتند آرزومندئ وى بديدار يوسف زياده شد] { ائتونى به } [بياريد يوسف را بيش من] { استخلصه } اجعله خالصا { لنفسى } وخاصا بى.
قال سعدى المفتى كان استدعاء الملك يوسف اولا بسبب علم الرؤيا فلذلك قال ائتونى به فقط فلما فعل يوسف ما فعل وظهرت امانته وصبره وهمته وجودة نظره وتأنيه فى عدم التسرع واليه باول طلب عظمت منزلته عنده وطلبه ثانيا بقوله ائتونى به استخلصه لنفسى { فلما كلمه } اى فاتوا به فلما كلمه يوسف اثر ما اتاه فاستنطقه وشاهد منه ما شاهد من الرشد والدهاء وهو جودة الرأى { قال } له ايها الصديق { انك اليوم لدنيا } عندنا وبحضرتنا { مكين } ذو مكانة ومنزلة رفيعة { امين } مؤتمن على كل شيء واليوم ليس بمعيار لمدة المكانة بل هو آن التكلم والمراد تحديد مبدأهما احترازا عن احتمال كونهما بعد حين -روى- ان الرسول اى الساقى جاء الى يوسف فقال اجب الملك: قال الحافظ

ماه كنعانى من مسند مصر آن توشد كاه آنست كه بدرود كنى زندانرا

قال المولى الجامى

شب يوسف بكذشت از درازى طلوع صبح كردش كار سازى
جو شد كوه كران برجانش اندوه برآمد آفتابش از بس كوه

فخرج من السجن ووودع اهل السجن ودعا لهم وقال اللهم اعطف قلوب الصالحين عليهم ولا تستر الاخبار عنهم فمن ثم تقع الاخبار عن اهل السجن قبل ان تقع عند عامة الناس وكتب على باب السجن هذه منازل البلوى وقبور الاحياء وشماتة الاعداء وتجربة الاصدقاء ثم اغتسل وتنظف من درن السجن ولبس ثيابا جددا [در تيسير آورده كه ملك هفتاد حاجب را باهفتاد مركب آراسته با تاج ولباس ملوكانه بزندان فرستاد]

جو يوسف شد سوى خسرو روانه بخلعتهاى خاص خسروانه
فراز مركبى از باى تا فرق جوكوهى كشته دردرو كهر غرق
بهر جا طبلهاى مشك وعنبر زهر سو بدرهاى زر وكوهر
براه مركب اة مى فشاندند كدا را از كدايى مى رهاندند

[وجون نزديك ملك رسيد اورا احترام تمام نموده استقبال فرمود]

زقرب مقدمش شه جون خبر يافت باستقبال او جون بخت بشتافت
كشيدش دركنار خويشتن تنك جو سرو كلرخ وشمشاد كلرنك
به بهلوى خودش برتخت بنشاند به بر سشهاى خوش با او سخن راند

-روى- انه لما دخل على الملك قال اللهم انى اسألك بخيرك من خيره واعوذ بعزتك وقدرتك من شره ثم سلم عليه ودعا له بالعبرانية وكان يوسف بتكلم باثنين وسبعين لسلنا فلم يفهمها الملك فقال ما هذا اللسان قال لسان آبائى ابراهيم واسحاق ويعقوب ثم كلمه بالعربية فلم يفهمها الملك فقال ما هذا اللسان قال لسان عمى اسماعيل وكان الملك يتكلم بسبعين لسانا فكلمه بها فأجابه بجميعها فتعجب منه. وفيه اشارة الى حال اهل الكشف مع اهل الحجاب فان اصحاب الحقيقة يتكلمون فى كل مرتبة شريعة كانت او طريقة او معرفة او حقيقة واما ارباب الظاهر فلا قدرة لهم على التكلم الا فى مرتبة الشريعة وعلمان خير من علم واحد. وقال الملك ايها الصديق انى احب ان اسمع رؤياى منك فحكاها فعبرها يوسف على وجه بديع واجاب لكل ما سأل باسلوب عجيب

جوابى دلكشن ومطبوع كفتش جنان كامدازان كفتن شكفتش

وفى الآية اشارتان. الاولى ان الروح يسعى فى خلاص القلب من سجن صفات البشرية ليكون خالصا له فى كشف حقائق الاشياء ولم يعلم انه خلق لصالح جميع رعايا مملكته روحانية وجسمانية كما قال عليه السلام "ان فى جسد ابن آدم لمضغة اذا صلحت صلح بها سائر الجسد واذا فسدت فسد بها سائر الجسد ألا وهى القلب" . والثانية ان الله استحسن من الملك احسانه مع يوسف واستخلاصه من السجن فاحسن اليه بان رزقه الايمان واستخلصه من سجن الكفر والجهل وجعله خالصا لحضرته بالعبودية وترك الدنيا وزخارفها وطلب الآخرة ودرجاتها.
قال مجاهد اسم الملك على يده وجمع كثير من الناس لانه كان مبعوثا الى القوم الذين كان بين اظهرهم.
يقول الفقير ايده الله القدير اذا كان الاحسان الى يوسف والاكرام له سببا للايمان والعرفان فما ظنك بمن آسى رسول الله صلى الله عليه وسلم وذب عنه ما دام حيا وهو عمه ابو طالب فالاصح انه ممن احياه الله للايمان كما سبق فى المجلد الاول.
واعلم ان اللطف والكرم من آثار السعادة الازلية فلو صدر من الكافر يرجى ان ذلك يدعوه الى الايمان والتوحيد ويصير عاقبته الى الفلاح والنجاح ولو صدر من اهل الانكار اداه الى الاستسعاد بسعادة التوفيق الخاص كما لا يخفى على اهل المشاهدة