التفاسير

< >
عرض

يٰبَنِيَّ ٱذْهَبُواْ فَتَحَسَّسُواْ مِن يُوسُفَ وَأَخِيهِ وَلاَ تَيْأَسُواْ مِن رَّوْحِ ٱللَّهِ إِنَّهُ لاَ يَيْأَسُ مِن رَّوْحِ ٱللَّهِ إِلاَّ ٱلْقَوْمُ ٱلْكَافِرُونَ
٨٧
-يوسف

روح البيان في تفسير القرآن

فقال { يا بنى اذهبوا } الى مصر { فتحسسوا من يوسف واخيه } اى تعرفوا من خبرهما بحواسكم فان التحسس طلب الشيء بالحاسة.
قال فى تهذيب المصادر [التحسس مثل التجسس: آكاهى جستن] وفى الاحياء بالجيم فى تطلع الاخبار وبالحاء فى المراقبة بالعين.
وقال فى انسان العيون ما بالحاء ان يفحص الشخص عن الاخبار بنفسه وما بالجيم ان يفحص عنها بغيره وجاء تحسسوا ولا تجسسوا انتهى.
والمراد باخيه بنيامين ولم يذكر الثالث وهو الذى قال فلن ابرح الارض واحتبس بمصر لان غيبته اختيارية لا يعسر ازالتها.
قال ابن الشيخ فان قلت كيف خاطبهم بهذا اللطف وقد تولى عنهم فالجواب ان التولى التجاء الى الله والشكاية اليه والاعراض عن الشكاية الى احد منهم ومن غيرهم لا ينافى الملاطفة والمكالمة معهم فى امر آخر انتهى.
قالوا له اما بنيامين فلا نترك الجهد فى امره واما يوسف فانه ميت وانا لا نطلب الاموات فانه اكله الذئب منذ زمان فقال لهم يعقوب { ولا تيأسوا من روح الله } لا تقنطا من فرجه وتنفيسه واليأس والقنوط انقطاع الرجاء.
وعن الاصمعى ان الروح ما يجد الانسان من نسيم الهواء فيسكن اليه وتركيب الراء والواو والحاء يفيد الحركة والاهتزاز فكل ما يلتذ الانسان ويهتز بوجوده فهو روح.
قال فى الكواشى اصله استراحة القلب من غمه. والمعنى لا تقنطوا من راحة تاتيكم من الله انتهى.
وقرئ من روح الله بالضم اى من رحمته التى يحيى بها العباد { انه لا ييأس من روح الله الا القوم الكافرون } لعدم علمهم بالله وصفاته فان العارف لا يقنط فى حال من الاحوال اى فى الضراء والسراء ويلاحظ قوله تعالى
{ { ان مع العسر يسرا } فصنع الله عجيب وفرج الله قريب وفى الحديث "الفاجر الراجى اقرب الى الله من العابد القانط" -وروى- ان رجلا مات فاوحى الله تعالى الى موسى عليه السلام مات ولى من اوليائى فاغسله فجاء موسى عليه السلام فوجده قد طرحه الناس فى المزابل لفسقه فقال موسى انت تسمع مقالة الناس فى حقه فقال تعالى يا موسى انه تشفع عند موته بثلاثة اشياء لو سال بها جميع المذنبين لغفرت. الاول انه قال يا رب انت تعلم انى وان كنت ارتكبت المعاصى بفعل الشيطان والقرين السوء ولكنى كنت اكرهها بقلبى. والثانى انى وان كنت مع الفسقة بارتكاب المعاصى ولكن الجلوس مع الصالحين كان احب الى. والثالث لو استقبلنى صالح وفاجر كنت اقدم حاجة الصالح.
وفى رواية وهب بن منبه قال يا رب لو عفوت عنى لفرح انبياؤك واولياؤك وحزن عدوك الشيطان ولو عذبتنى لكان الامر بالعكس ولا ريب ان فرح الاولياء احب اليك من فرح الاعداء فارحمنى وتجاوز عنى قال الله تعالى فرحمته فانى غفور رحيم خاصة لمن اقر بالذنب.
فعلى العاقل ان لا يقنط من رحمة ربه فانه تعالى يكشف الشدائد فى الدنيا والآخرة -حكى- ان رجلا بقى فى جزير بلا زاد فقال بطريق اليأس

اذا شاب الغراب اتيت اهلى وصار القار كاللبن الحليب

فسمع قائلا يقول

عسى الكرب الذى امسيت فيه يكون وراءه فرج قريب

فلما نظر رأى سفينة فوصل بها الى اهله.
قال فى التاويلات النجمية فى الاية اشارة الى ان الواجب على كل مسلم ان يطلب يوسف قلبه وبنيامين سره ولا ييأس ان يجد روح الله اى ريحه منهما بل من وجد قلبه وجد فيه ربه اذ هو سبحانه متجل لقلوب اوليائه المؤمنين وقد وعد الله بوجدانه الطالبين فقال
{ { الا من طلبنى وجدنى } والسر فيه ان طلب الحق تعالى يكون بالقلب لا بالقالب ووجدانه ايضا يكون فى القلب كما قال موسى عليه السلام الهى اين اطلبك قال { { انا عند المنكسرة قلوبهم من اجلى } اى من محبتى وفى قوله { انه لا ييأس من روح الله الا القوم الكافرون } اشارة الى ان ترك طلب اليأس من وجدانه كفر انتهى: وفى المثنوى

كركران وكر شتابنده بود آنكه جويندست يابنده بود
در طلب زن دائما توهر دودست كه طلب درراه نيكو رهبرست
لنك ولوك وخفته شكل بى ادب سوى اومى غيثر واورامى طلب
كه بكفت وكه بخاموشى وكه بوى كردن كير هرسو بوى شه
كفت آن يعقوب با اولاد خويش جستن يوسف كنيد ازحد بيش
هرخسى خودرا درين جستن بجد هر طرف رانيد شكل مستعد
كفت از روح خدا لا تيأسوا همجوكم كرده بسر رو سوبسو
ازره حس دهان برسان شويد كوش را بر جار راه اونهيد
هرجكا بوى خوش آيد بوبريد سوى آن سركاشناى آن سريد
هرجكا لطفى ببينى ازكسى سوى اصل لطف ره يابى عسى
اين همه خوشها زدرياييست زرف جزورا بكذار وبركل دار طرف