التفاسير

< >
عرض

فَلَمَّا دَخَلُواْ عَلَيْهِ قَالُواْ يٰأَيُّهَا ٱلْعَزِيزُ مَسَّنَا وَأَهْلَنَا ٱلضُّرُّ وَجِئْنَا بِبِضَاعَةٍ مُّزْجَاةٍ فَأَوْفِ لَنَا ٱلْكَيْلَ وَتَصَدَّقْ عَلَيْنَآ إِنَّ ٱللَّهَ يَجْزِي ٱلْمُتَصَدِّقِينَ
٨٨
-يوسف

روح البيان في تفسير القرآن

{ فلما دخلوا عليه } -روى- ان يعقوب امر بعض اولاده فكتب بسم الله الرحمن من يعقوب اسرائيل الله ابن اسحاق ذبيح الله ابن ابراهيم خليل الله الى عزيز مصر اما فانا اهل بيت موكل بنا البلاء اما جدى ابراهيم فانه ابتلى بنار النمرود فصبر وجعلها الله عليه بردا وسلاما واما ابى اسحاق فابتلى بالذبح فصبر ففداه الله بذبح عظيم واما انا فابتلانى الله بفقد ولدى الذى امسكته عندك وزعمت انه سارق وانا اهل بيت لا نسرق ولا نلد سارقا فان رددته علىّ والا دعوت عليك دعوة تدرك السابع من ولد السلام [بس نامه بفرزندان داد واندك بضاعتى ازبشم وروغن وامثال آن ترتيب نموده ايشانرا بمصر فرستاد ايشان بمصر آمده برادريرا كه آنجا بود ملاقات كردند وباتفاق روى بباركاه يوسف نهادند بس آن هنكام درآمدن برادران يوسف بروى] { قالوا يا ايها العزيز } اى الملك القادر الغالب { مسنا } اصابنا { واهلنا } وهم من خلفوهم { الضر } الفقر والحاجة وكثرة العيال وقلة الطعام { وجئنا ببضاعة } [وآورده ايم بضاعتى] { مزجاة } [اندك وبى اعتبار] اى مردودة مدفوعة يدفعها كل تاجر رغب عنها واحتقارا لها من ازجيته اذا دفعته وطردته وكانت بضاعتهم من متاع الاعراب صوفا وسمنا وقيل هى الصنوبر والحبة الخضراء وهى الفستق او دراهم زيوف لا تؤخذ الا بنقصانها { فاوف لنا الكيل } فاتم لنا الكيل الذى هو حقنا.
قال بعضهم اعطنا بالزيوف كما تبيع بالدراهم الجياد ولا تنقصنا شيئا { وتصدق علينا } تفضل بالمسامحة وقبول المزجاة فان التصدق التفضل مطلقا واختص عرفا بما يبتغى به ثواب الله ولذا لا يقال فى العرف اللهم تصدق على لانه لا يطلب الثواب من العبد بل يقال اعطنى او تفضل علىّ وارحمنى.
ثم هذا اى حمل التصدق على المساهلة فى المعاملة على قول من يرى تحريم الصدقة على جميع الانبياء واهليهم اجمعين واما على قول من جعله مختصا بنبينا عليه السلام فالمراد حقيقة الصدقة { ان الله يجزى المتصدقين } يثيب المتفضلين احسن الجزاء والثواب.
قال الضحاك لم يقولوا ان الله يجزيك لانهم لم يعلموا انه مؤمن.
يقول الفقير دخل يوسف فى لفظ الجمع سواء شافهوه بالجزاء اولا مع ان الجزاء ليس بمقصور على الجزاء الاخروى بل قد يكون دنيويا وهو اعم فافهم.
ومن آثار الثواب الدنيوى ما حكى عن الشيخ ابى الربيع انه قال سمعت امرأة فى بعض القرى اكرمها الله بشاة تحلب لبنا وعسلا فجئت اليها وحلبت الشاة فوجدتها كما سمعت وسألت عن سببها قالت لنا شاة نتقوّت بلبنها فنزل علينا ضيف وقد امرنا باكرامه فذبحنا له لوجه الله تعالى فعوضنا الله تعالى هذه الشاة ثم قالت انها ترعى فى قلوب المريدين يعنى لما طابت قلوبنا طاب ماعندنا فطيبوا قلوبكم يطب لكم ما عندكم فالاعتقاد الصحيح والنية الخالصة وطيب الخاطر لها تأثير عظيم - حكى - ان السلطان محمود مر على ارض قوم يكثر فيها قصب السكر وكان لم يره بعد فقشعر له بعض القصبات فلما مص منه السكر استحسنه والتذ منه فى الغاية فخطر بباله ان يضع فيه شيئا من الرسوم كالباج والخراج حتى يحصل له من هذا القصب فى كل سنة كذا وكذا فلما مص بعد هذه الخاطرة وجد قصبا يابسا خاليا عن السكر فسمعه من تلك القبيلة شيخ عتيق وقال قدهم الملك بان يفعل بدعة وظلما فى مملكته او فعلها فلذلك نفد سكر القصب فاستتاب السلطان فى نفسه ورجع عما خطر بباله فلما مصه ثانيا بعد ذلك وجده مملوأ من السكر كما كان فهذا من تأثير النية والهمة.
ثم ان الصدقة لا تختص بالمال بل كل معروف صدقة ومنها العدالة بين الاثنين والاعانة والكلمة الطيبة والمشى الى الصلاة واماطة الاذى عن الطريق ونحوها وكذا النوافل لا تختص عند اهل الاشارة بالصلوات بل تعم كل خير زائد وفى الحديث القدسى
"لا يزال عبدى يتقرب الىّ بالنوافل حتى احبه فاذا احببته كنت سمعه وبصره" فعلى العاقل الاشتغال بنوافل الخيرات من الصدقات وغيرها: قال السعدى قدس سره

يكى دربيابان سكى تشنه يافت برون ازرمق در حياتش نه يافت
كله دلو كرد آن بسنديده كيش جو حبل اندران بست دستار خويش
به خدمت ميان بست وبازو كشاد سك ناتوان را دمى آب داد
خبر داد بيغمبر از حال مرد كه داور كناهان او عفو كرد
ألاكر جفا كارا انديشه كن وفاييش كيرو كرم بيشه كن
كسى باسكى نيكوى كم نكرد كجاكم شود خير بانيك مرد
كرم كن جنان كت برآيدزدست جهانبان در خير بركس نبست
كرت در بيانان نباشد جهى جراغى بنه در زيارتكهى
به قنطار رزربخش كردن زكنج نباشد جو قيراطى ازدست رنج
بردهر كسى بار درخوردزور كرانست باى ملخ بيش مور

ثم فى قوله { وجئنا ببضاعة مزجاة } الآية اشارة الى ان طالب الحق ينبغى له عرض الحاجة والفقر والافتقار ورؤية تقصيره فان الفناء محبوب المحبوب وطريق حسن لنيل المطلوب ولذلك لما سمع يوسف كلامهم هذا ادركته الرحمة فرفع الحجاب وخلصهم من ألم الفرقة والاضطراب.
ومن هذا المقام ما قيل لابى يزيد البسطامى قدس سره خزائننا مملوءة بالاعمال فأين العجز والافتقار والتضرع والسؤال ولا يلزم من هذا ترك العمل فانه لا بد منه فى مقامه ألا ترى ان الاخوة انما قالوا ما قالوا بعد ان جاؤا ببعض الامتعة فللطالب ان يعمل قدر طاقته ولكن لا يعتر بعلمه بل يتقرب اليه بالفناء وترك الرؤية ليكون ذلك وسيلة الى المعرفة والقربة والوصلة: قال ابو يزيد البسطامى قدس سره

جار جيز آورده ام شاها كه در كنج تو نيست نيستى وحاجت وعجز ونياز آورده ام

-قال- لما رأى يوسف تمسكن اخوته رق لهم فلم يتمالك من ان عرفهم نفسه.
قال الكاشفى [آن نامه يعقوب بركوشه تخت نهادند يوسف نامه را بخواند كريه بروى غلبه كرد عنان تمالك ازدست داده كفت اى برادران]