التفاسير

< >
عرض

ٱللَّهُ يَبْسُطُ ٱلرِّزْقَ لِمَنْ يَشَآءُ وَيَقَدِرُ وَفَرِحُواْ بِٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا وَمَا ٱلْحَيَاةُ ٱلدُّنْيَا فِي ٱلآخِرَةِ إِلاَّ مَتَاعٌ
٢٦
-الرعد

روح البيان في تفسير القرآن

{ الله } وحده { يبسط الرزق } يوسعه فى الدنيا { لمن يشاء } بسطه وتوسيعه { ويقدر } قال فى تهذيب المصادر. القدر [تنك كردن] وهو من باب ضرب اى يضيق الرزق لمن يشاء ويعطيه بقدر كفايته لا يفضل عنه شئ كأنه قيل لو كان من نقض عهد الله ملعونين فى الدنيا ومعذبين فى الآخرة لما فتح الله عليهم ابواب النعم واللذات فى الدنيا فقيل ان فتح باب الرزق فى الدنيا لا تعلق له بالكفر والايمان بل هو متعلق بمجرد مشيئة الله فقد يضيق على المؤمن امتحانا لصبره وتكفيرا لذنوبه ورفعا لدرجاته ومن هذا القبيل موقع لا كثر الاصحاب رضى الله عنهم من المضايقة ويوسع على الكافرين استدراجا ومنه ما وقع لا كثر كفار قريش من الوسعة ثم ان الله تعالى جعل الغنى لبعضهم صلاحا وجعل الفقر لبعضهم صلاحا وقد جعل فى غنى بعضهم فسادا كالفقر وفى الكل حكمة ومصلحة: قال الحافظ

ازين رباط دو درجون ضرور تست رحيل رواق طاق معيشت جه سربلندوجه بست
بهست ونيست مرنجان ضمير وخوش دل باش كه نيستيست سر انجام هر كمال كه هست
ببال وبرمرو ازره كه تير بر تابى هوا كرفت زمانى ولى بخاك نشست

{ وفرحوا } يعنى مشركى مكة. والفرح لذة فى القلب لنيل المشتهى { بالحيوة الدنيا } بما بسط لهم من الدنيا فرح بطر وأشر لافرح شكر وسرور بفضل الله وانعامه عليهم.
وفيه دليل على ان الفرح بالدنيا حرام

افتخار ازرنك وبو و از مكان هت شادى وفريب كودكان

قال فى شرح الحكم عند قوله تعالى { { قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا } انما لم يؤمر العبد برفض الفرح جملة لان ذلك من ضرورات البشر التى لا يمكن ورفعها بل ينبغى صرفها للوجه اللائق بها وكذا جميع الاخلاق كالطمع والبخل والحرص والشهوة والغضب لا يمكن تبدلها بل يصح ان تصرف الى وجه لائق بها حتى لا تتصرف الا فيه { وما الحيوة الدنيا فى الاخرة } ليست ظرفا للحياة ولا الدنيا لانهما لا يقعان فيه بل هى حال والتقدير وما الحياة القريبة كائنة فى جنب حياة الاخرة اى بالقياس اليها ففى المقايسة وهى الداخلة بين مفضول سابق وفاضل لاحق { الا متاع } الا شيء قليل يتمتع به كزاد الراعى وعجالة الراكب وهى ما يتعجل به من تميرات او شربة اونحو ذلك.
قال الصاحب بن عباد سمعت امرأة فى بعض القبائل تسأل اين المتاع ويجيب ابنها الصغير بقوله جاء الرقيم اى الكلب وأخذ المتاع وهو ما يبل بالماء فيمسح به القصاع وفيه تقبيح لحال الدنيا.
قال الكاشفى [بامتاعى از امتعه كه وفايى وبقايى ندارد جون ادوات خانه] مثل القصعة والقدح ينتفع بها ثم تذهب والعاقل لا يفرح بما يفارقه عن قريب ويورثه حزنا طويلا وان حدثته نفسه بالفرح به يكذبها

ومن سره ان لا يرى ما يسوءه فلا يتخذ شيئا يخاف له فقدا

- حكى - انه حمل الى بعض الملوك قدح من فيروزج مرصع بالجوهر لم ير له نظير وفرح به الملك فرحا شديدا فقال لمن عنده من الحكماء كيف ترى هذا قال أراه فقرا حاضرا ومصيبة عاجلة قال وكيف ذلك قال ان انكسر كان مصيبة لا جبر لها وان سرق صرت فقيرا اليه وقد كنت قبل ان يحمل اليك فى امن من المصيبة والفقر فاتفق انه انكسر القدح يوما فعظمت المصيبة على الملك وقال صدق الحكيم ليته لم يحمل الينا.
قال فى الحكم العطائية ان اردت ان لا تعزل فلا تتول ولاية لا تدوم لك وكل ولايات الدنيا كذلك وان لم تعزل عنها بالحياة عزلت عنها بالممات قال وقد جعل الله الدنيا محلا للاغيار ومعدنا لوجود الاكدار تزهيدا لك فيها حتى لا يمكنك استناد اليها ولا تعريج عليها.
وقد قيل ان الله تعالى اوحى الى الدنيا (تضيقى وتشددى على اوليائى حتى لا يشتغلوا بك عنى فلا يتفرغوا لذكرى).
وفى التأويلات النجمية { الله يسبط الرزق } الكشوف والشهود { لمن يشاء } من عباده المحبين المحبوبين ويضيق لمن فتح عليهم ابواب الدنيا وشهواتها فارغقهم فيها { وفرحوا } بها { بالحيوة الدنيا } اى باستيفاء لذاتها وشهواتها { وما الحيوة الدنيا } بالنسبة الى من عبر عنها ولم يلتفت اليها فيجد فى آخرتها ما يجد الا تمتع ايام قلائل بادنى شيء خسيس فان: قال الكمال الخجندى

جهان وجمله لذاتش بزنبور وعسل ماند كه شير بسيارست وزان افزون شر وشورش

وقال المولى الجامى

مرد جاهل جاه كيتى را لقلب دولت نهد همجنا نكه آماس بيند طفل كويد فربه است