التفاسير

< >
عرض

أَفَمَنْ هُوَ قَآئِمٌ عَلَىٰ كُلِّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ وَجَعَلُواْ لِلَّهِ شُرَكَآءَ قُلْ سَمُّوهُمْ أَمْ تُنَبِّئُونَهُ بِمَا لاَ يَعْلَمُ فِي ٱلأَرْضِ أَم بِظَاهِرٍ مِّنَ ٱلْقَوْلِ بَلْ زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُواْ مَكْرُهُمْ وَصُدُّواْ عَنِ ٱلسَّبِيلِ وَمَن يُضْلِلِ ٱللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ
٣٣
-الرعد

روح البيان في تفسير القرآن

{ أفمن } [ايا كسى كه] فمن موصولة مرفوعة المحل على الابتداء والخبر محذوف والاستفهام بمعنى النفى اى أفالله الذى { هو قائم } رقيب { على كل نفس } صالحة او طالحة { بما كسبت } من خير وشر يحفظه عليها فيجازيها به يعنى ان اراد المجازاة ولم يغفر كمن ليس بهذه الصفة من الاصنام التى لا تضر ولا تنفع وهذا كقوله { { أفمن يخلق كمن لا يخلق } اى لا يكون من هو قائم على كل نفس يعلم خيرها وشرها ويجازيها على حسب ذلك كمن ليس بقائم على شئ متناه فى العجز والضعف والجهل ومعنى القيام التولى لامور خلقه والتدبير للارزاق والآجال واحصاء الاعمال للجزاء. يقال قام فلان اذا كفاه وتولاه { وجعلوا لله شركاء } اى الاصنام وهو استئناف يعنى ان الكفار سووا بين الله وبين الاصنام واتخذوها شركاء له فى العبادة وانما تكون سواء وشركاء فيها لو كانت سواء وشركاء فى القيام على كل نفس فما اعجب كفرهم واشراكهم وتسويتهم مع علمهم التفات بينهما اى تعجبوا من ذلك { قل سموهم } بينوا شركاءكم باسمائهم وصفوهم بصفاتهم فانظروا هل لهم ما يستحقون به العبادة والشركة يشير الى ان الاسماء مأخذها من الصفات فان لم تروا منهم شيئا من صفات الله فكيف تسمونهم كما قال الكاشفى [مراد آنست كه حق را حى وقادر وخالق ورزاق وسميع وبصير وعليم وحكيم ميكويند واطلاق هيج بك ازين اسما براصنام نمى تواندكرد] قال فى بحر العلوم قوله { قل سموهم } من فن الكناية وذلك لان معنى سموهم عينوا اساميهم ولما كان تعيين الشئ بالاسم من لوازم وجوده جعل عدم التعيين كناية عن عدم وجود الشئ يعنى ليس عندنا اسام يستحقون لها العبادة وان كانت عندكم فسموهم بها وانظروا هل يستحقون بها ولما لم تكن لهم عندهم ايضا اسام تقتضى استحقاق العبادة لم يستحقوها ولم يتحقق لهم العبادة والشركة { ام تنبئونه } ام منقطعة مقدرة ببل والهمزة الانكارية اى بل أتخبرون الله تعالى { بما لم يعلم فى الارض } اى بما لا وجود له ولا علم الله متعلق بوجوده وهو الشركاء المستحقون للعبادة وهو نفى للملزوم ينفى اللازم بطريق الكناية اى لا شريك له ولا علم اذ لو كان الشريك موجودا لكان معلوما لله تعالى لان علم الله لازم لوجود الشئ والا يلزم جهله تعالى الله عن ذلك فاذا لم يكن وجوده معلوما له وجب ان لا يكون موجودا لاستلزام انتفاء اللازم انتفاء ملزومه.
قال فى بحر العلوم { ام تنبئونه } اضراب عن ذكر تسميتهم وتعيين اساميهم الى ذكر تنبئتهم ومعنى الهمزة فى ام الانكار بمعنى ما كان ينبغى اولا ينبغى ان يكون ذلك.
وفى التبيان تأويل الآية فان سموهم بصفات الله فقل أتنبئونه بما لا يعلم فى الارض { ام بظاهر من القول } بل تسمونهم شركاء بكلام لا حقيقة له كتسمية الزنجى كافورا.
وفى بحر العلوم هو اضراب عن ذكر تنبئتهم واخبارهم الى ذكر تسميتهم الاصنام بشركاء بظاهر من القول من غير حقيقته واعتبار معنى ومعنى الهمزة فى ام الانكار والتعجب كأنه قال دع ذلك المذكور واسمع قولهم المستنكر المقضى منه العجب وذلك ان قولهم بالشركاء قولا لا يعضده برهان فما هو الا لفظ يتفوهون به فارغ عن معنى تحته كالالفاظ المهملة التى هى اجراس لا تدل على معان ولا يتكلم بها عاقل تنفرا منها واستقباحا { بل زين للذين كفروا مكرهم } انفسهم بتخيلهم اباطيل ثم ظنهم اياها حقا وهو اتخاذهم لله شركاء خذلانا من الله. والمكر صرف الغير عما يقصده بحيلة والمزين اما الشيطان بوسوسته كقوله تعالى
{ { وزين لهم الشيطان اعمالهم } اوالله تعالى كقوله { { زينا اعمالهم } وفى الحديث "بعثت داعيا ومبلغا وليس لى من الهدى شئ وخلق ابليس مزينا وليس اليه من الضلالة شئ"

حق فاعل وهرجه جزحق آلات بود تأثير زآلت ازمحالات بود

{ وصدوا } من الصد وهو المنع { عن السبيل } سبيل الحق { ومن] [هركه] { يضلل الله } يخذله عن سبيله.
قال سعدى المفتى ولا منع عند اهل السنة ان يفسر الاضلال بخلق الضلال وكذا الهداية يجوز ان تفسر بخلق الاهتداء { فما له من هاد } فما له من احد يقدر على هدايته ويوفقه لها