التفاسير

< >
عرض

وَيَقُولُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لَوْلاۤ أُنزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِّن رَّبِّهِ إِنَّمَآ أَنتَ مُنذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ
٧
-الرعد

روح البيان في تفسير القرآن

{ ويقول الذين كفروا لولا انزل } حرف تحضيض. والمعنى بالفراسية [جرافر وفرستاده نمى شود] { عليه } محمد { آية من ربه } التنوين للتعظيم اى آية جلية يستعظمها من يدركها فى بادئ نظره وعلامة ظاهرة يستدل بها على صحة نبوته وذلك لعدم اعتدادهم بالآيات المنزلة على رسول الله صلى الله عليه وسلم وتهاونهم فاقترحوا عليه آيات تعنتا لا استرشادا والا لاجيبوا الى مقترحهم وذلك مثل ما اوتى موسى وعيسى وصالح من انقلاب العصا حية واحياء الموتى وخروج الناقة من الصخرة فقيل لرسول الله { انما انت منذر } مرسل للانذار والتخويف لهم من سوء العاقبة كغيرك من الرسل وما عليك الا الاتيان بما تصح به نبوتك من جنس المعجزات لا بما يقترح عليك وصحة ذلك حاصلة بأية آية كانت ولو اجيب الى كل ما اقترحوا لادى الى اتيان ما لا نهاية له لانه كلما اتى بمعجزة جاء واحد آخر فطلب منه معجزة اخرى وذلك يوجب سقوط دعوة الانبياء { ولكل قوم هاد } اى ولكل قوم نبى مخصوص بمعجزة من جنس ما هو الغالب عليهم يهديهم الى الحق ويدعوهم الى الصواب. ولما كان الغالب فى زمان موسى هو السحر جعل معجزته ما هو اقرب الى طريقهم. ولما كان الغالب فى ايام عيسى الطب جعل معجزته ما يناسب الطب وهو احياء الموتى وابراء الابرص والاكمه. ولما كان الغالب فى زمان نبينا صلى الله عليه وسلم الفصاحة والبلاغة جعل معجزته فصاحة القرآن وبلوغه فى باب البلاغة الى حد خارج عن قدرة الانسان فلما لم يؤمنوا بهذه المعجزة مع انها اقرب الى طريقهم واليق بطباعهم فان لا يؤمنوا عند اظهار سائر المعجزات اولى.
والمراد بالهادي هو الله اى انما انت منذر وليس لك هدايتهم ولكل قوم من الفريقين هاد يهديهم هاد لاهل العناية بالايمان والطاعة الى الجنة وهاد لاهل الخذلان بالكفر والعصيان الى النار كما فى التأويلات النجمية.
قال الغزالى فى شرح الاسماء الحسنى الهادى هو الذى هدى خواص عباده اولا الى معرفة ذاته حتى استشهدوا على الاشياء به وهدى عوام عباده الى مخلوقاته حتى استشهدوا بها على ذاته وهدى كل مخلوق الى ما لا بد منه فى قضاء حاجاته فهدى الطفل الى التقام الثدى عند انفصاله والفرخ الى التقاط الحب عند خروجه والنحل الى بناء بيته على شكل التسديس لكونه اوفق الاشكال لبدنه والهداة من العباد الانبياء عليهم السلام ثم العلماء الذين ارشدوا الخلق الى السعادة الاخروية وهدوهم الى صراط الله المستقيم بل الله الهادى لهم على ألسنتهم وهم مسخرون تحت قدرته وتدبيره.
وفى تفسير الكواشى او المنذر محمد والهادى على رضى الله عنه احتجاجا بقوله عليه السلام
"فوالله لان يهدى الله بك رجلا واحدا خير لك من ان يكون لك حمر النعم" والغرض من الارشاد اقامة جاه محمد عليه السلام: بتكثير اتباعه الكاملين وفى الحديث "تناكحوا تناسلوا فانى مكاثر بكم الامم" وهذا التناكح والتناسل يشمل فى امته مهدى يحكم بشريعته فان السلسة ممدودة من الطرفين الى آخر الزمان وسيخرج فى امته مهدى يحكم بشريعته وينفى تحريف المائلين وزيغ الزائغين فى خلافته عن ملته.
واخرج الطبرانى انه عليه السلام قال لفاطمة رضى الله عنها
"نبينا خير الانبياء وهو ابوك وشهيدنا خير الشهداء وهو عم ابيك حمزة ومنا من له جناحان يطير بهما فى الجنة حيث شاء وهو ابن عم ابيك جعفر ومنا سبطا هذه الامة الحسن والحسين وهما ابناك ومنا المهدى"
وروى أبو داود فى سننه انه من ولد الحسن وكان سر ترك الحسن الخلافة لله تعالى شفقة على الامة فجعل الله القائم بالخلافة الحق عند شدة الحاجة اليها من ولده ليملأ الارض عدلا وظهوره يكون بعد ان يكسف القمر فى اول ليلة من رمضان وتكسف الشمس فى النصف منه فان ذلك لم يوجد منذ خلق الله السموات والارض عمره عشرون سنة وقيل اربعون ووجهه كوكب دري على خده الايمن خال اسود ومولده بالمدينة المنورة ويظهر قبل الدجال بسبع سنين ويخرج الدجال قبل طلوع الشمس من مغربها بعشر سنين وقبل ظهور المهدى اشراط وفتن: قال الحافظ

توعمر خواه وصبورى كه جرخ شعبده باز هزار بازى ازين طرفه تر برانكيزد

حفظنا الله واياكم من الا كدار وجعلنا فى خير الدار وحسن الجوار