التفاسير

< >
عرض

ٱللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَحْمِلُ كُلُّ أُنثَىٰ وَمَا تَغِيضُ ٱلأَرْحَامُ وَمَا تَزْدَادُ وَكُلُّ شَيْءٍ عِندَهُ بِمِقْدَارٍ
٨
-الرعد

روح البيان في تفسير القرآن

{ الله } وحده { يعلم ما تحمل كل انثى } اى حملها على ان ما مصدرية والحمل بمعنى المحمول او ما تحمله من الولدان ذكر او انثى تام او ناقص حسن او قبيح طويل او قصير سعيد او شقى ولى او عدو جواد او بخيل عالم او جاهل عاقل او سيفه كريم او لئيم حسن الخلق او سيءالخلق الى غير ذلك من الاحوال الحاضرة والمترقبة فما موصولة والعائد محذوف كما فى قوله { وما تغيض الارحام وما تزداد } اى نقض جميع الرحام وزيادتها او ما تغيضه وما تزداده فان كلا من غاض وازداد يستعمل لازما ومتعديا. يقال غاض الماء يغيض غيضا اذا قل ونضب وغاضه الله ومنه قوله { { وغيض الماء } ويقال زدته فزاد بنفسه وازداد واخذت منه حقى وازددت منه كذا فان كان لازما فالغيوض والزيادة لنفس الارحام فى الظاهر ولما فيها الحقيقة وان كان متعديا فهما لله تعالى وعلى كلا التقديرين فالاسناد مجازى. والارحام جمع رحم وهو مبيت للولد فى البطن ووعاؤه.
واعلم ان رحم المرأة عضلة وعصب وعروق ورأس عصبها فى الدماغ وهى على هيئة الكيس ولها فم بازاء قبلها ولها قرنان شبه الجناحين تجذب بهما النطفة وفيها قوة الامساك لئلا ينزل من المنى شيء وقد اودع الله فى ماء الرجل قوة الفعل وفى ماء المرأة قوة الانفعال فعند الامتزاج يصير منى الرجل كالانفحة الممتزجة.
بالبن واختلفوا فيما تغيضه الارحام وما تزداده فقيل هو جثة الولد فانه قد يكون كبيرا وقد يكون صغيرا وقد يكون تام الاعضاء وقد يكون ناقصها. وقيل هو مدة ولادته فان اقلها ستة اشهر عند الكل وقد تكون تسعة اشهر وازيد عليها الى سنتين عند ابى حنيفة والى اربع عند الشافعى والى خمس عند مالك - روى - ان الضحاك بن مزاحم التابعى مكث فى بطن امه سنتين وان مالكا مكث فى بطن امه ثلاث سنين على ما فى المحاضرات للجلال السيوطى واخبر مالك ان جارة له ولدت ثلاثة اولاد فى اثنتى عشرة سنة تحمل اربع سنين وهرم ابن حبان بقى فى بطن امه اربع سنين ولذلك تسمى هرما.
وعن الحسن الغيوضة ان تضع لثمانية اشهر او اقل من ذلك والازدياد ان تزيد على تسعة اشهر.
وعنه الغيض الجنين الذى يكون سقطا لغير تمام والازدياد ما ولد لتمام.
وفى انسان العيون وقع الاختلاف فى مدة حمله صلى الله عليه وسلم فقيل بقى فى بطن امه تسعة اشهر كملا وقيل عشرة اشهر وقيل ستة اشهر وقيل سبعة اشهر وقيل ثمانية اشهر فيكون ذلك آية كما ان عيسى عليه السلام ولد فى الشهر الثامن كما قيل به مع نص الحكماء والمنجمين على ان من يولد فى لشهر الثامن لا يعيش بخلاف التاسع والسابع والسادس الذى هو اقل مدة حمل.
وقد قال الحكماء فى بيان سبب ذلك ان الولد عند استكماله سبعة اشهر يتحرك للخروج حركة عنيفة اقوى من حركته فى الشهر السادس فان خرج عاش وان لم يخرج استراح فى البطن عقيب تلك الحركة المضعفة فلا يتحرك فى الشهر الثامن ولذلك تقل حركته فى البطن فى ذلك الشهر فاذا تحرك للخروج وخرج فقد ضعف غاية الضعف فلا يعيش لاستيلاء حركتين مضعفتين له مع ضعفه.
وفى كلام الشيخ محيى الدين ابن العربى قدس سره لم ار للثمانية صورة فى نجوم المنازل ولهذا كان المولود اذا ولد فى الشهر الثامن يموت ولا يعيش وعلى فرض ان يعيش يكون مغلولا لا ينتفع بنفسه وذلك لان الشهر الثامن يغلب فيه على الجنين البرد واليبس وهو طبع الموت انتهى.
وقيل هو عدة الولد فان الرحم قد يشتمل على ولد واحد على اثنين وثلاثة واربعة -روى- ان شريكا التابعى وهو احد فقهاء المدينة كان رابع اربعة فى بطن امه.
وقال الشافعى اخبرنى شيخ باليمن ان امرأته ولدت بطونا فى كل بطن خمسة وقيل هو دم الحيض فانه يقل ويكثر وقيل غيض الارحام فى الرحم فاذا اهراقت الدم ينتقص الغذاء فينتقص الولد واذا لم تحض يزداد الولد ويتم النقصان نقصان خلقة الولد بخروج الدم والزيادة تمام خلقته باستمساك الدم { وكل شيء عنده } تعالى { بمقدار } [باندازه است كه ازان زياده وكم نشود].
وفى بحر العلوم مقدر مكتوب فى اللوح معلوم قبل كونه قد علم حاله وزمانه ومتعلقه.
وفى التبيان اى بحد لا يجاوزه من رزق واجل