التفاسير

< >
عرض

وَجَعَلُواْ لِلَّهِ أَندَاداً لِّيُضِلُّواْ عَن سَبِيلِهِ قُلْ تَمَتَّعُواْ فَإِنَّ مَصِيرَكُمْ إِلَى ٱلنَّارِ
٣٠
-إبراهيم

روح البيان في تفسير القرآن

{ وجعلوا } عطف على احلوا داخل معه فى حكم التعجب اى جعلوا فى اعتقادهم الباطل وزعمهم الفاسد { لله } الفرد الاحد الذى لا شريك له فى الارض ولا فى السماء { اندادا } اشباها فى التسمية حيث سموا الاصنام آلهة او فى العبادة { ليضلوا } قومهم الذين يشايعونهم حسبما ضلوا { عن سبيله } القويم الذى هو التوحيد ويوقعونهم فى ورطة الكفر والضلال وليس الاضلال غرضا حقيقيا لهم من اتخاذ الانداد ولكن لما كان نتيجة له كما كان الاكرام قى قولك جئتك لتكرمنى نتيجة المجئ شبه بالغرض وادخل اللام عليه بطريق الاستعارة التبعية ونسب الاضلال الذى هو فعل الله اليهم لانهم سبب الضلالة حيث يأمرون بها ويدعون اليها { قل } تهديدا لاولئك الضالين المضلين { تمتعوا } انتفعوا بما انتم عليه من الشهوات التى من جملتها كفران النعم العظام واستتباع الناس فى عبادة الاصنام. وبالفارسية [بكدرانيد عمر هاى خود باارزوها وعبادت بتان] { فان مصيركم } يوم القيامة { الى النار } ليس الا فلا بد لكم من تعاطى ما يوجب ذلك او يقتضيه من احوالكم والمصير مصدر صار التامة بمعنى رجع وخبر ان هو قوله الى النار.
دلت الآيتان على امور.
الأول ان الكفران سبب لزوال النعمة بالكلية كما ان الشكر سبب لزيادتها

شكر نعمت تعمتت افزون كند كفر نعمت از كفت بيرون كند

وفى حديث المعراج "ان الله شكا من امتى شكايات. الاولى انى لم اكلفهم عمل الغد وهم يطلبون منى رزق الغد. والثانية انى لا ادفع ارزاقهم الى غيرهم وهم يدفعون عملهم الى غيرى. والثالثة انهم يأكلون رزقى ويشكرون غيرى ويخونون معى ويصالحون خلقى. والرابعة ان العزة لى وانا المعزوهم يطلبون العزة من سواى. والخامسة انى خلقت النار لكل كافروهم يجتهدون ان يوقعوا انفسهم فيها"
والثانى ان القرين السوء يجر المرء الى النار ويحله دار البوار فينبغى للمؤمن المخلص السنى ان يجتنب عن صحبة اهل الكفر والنفاق والبدعة حتى لا يسرق طبعه من اعتقادهم السوء وعملهم السئ ولهم كثرة فى هذا الزمان واكثرهم فى زى المتصوفة

اى فغان ازيارنا جنس اى فغان همنشين نيك جوييد اى مهان

والثالث ان جهنم دار القرار للاشرار وشدة حرها مما لا يوصف. وعن النعمان بن بشير رضى الله عنه عن النبى صلى الله عليه وسلم قال "ان اهون اهل النار عذابا رجل فى اخمص قدميه جمرتان يغلى منهما دماغه كما يغلى المرجل بالقمقمة" والاخمص بفتح الهمزة هو المتجافى من الرجل اى من بطنها عن الارض والغليان شدة اضطراب الماء نحوه على النار لشدة ايقادها. والمرجل بكسر الميم وفتح الجيم قدر معروف سواء كان من حديد او نحاس او حجارة او خزف هذا هو الاصح. وقيل هو القدر من النحاس خاصة.
وفى الآية اشارة الى نعمة الوهية وخالقية ورازقية عليهم بدلوها بالكفر والانكار والجحود واحلوا ارواحهم وقلوبهم ونفوسهم وابدانهم دار الهلاك وانزلوا ابادانهم جهنم يصلونها وبئس القرار وهى غاية البعد عن الحضرة والحرمان عن الجنان وانزلوا نفوسهم الدركات وقلوبهم العمى والصمم والجهل وارواحهم العلوية اسفل سافلين الطبيعة بتبديل نعم الاخلاق الملكية الحميدة بالاخلاق الشيطانية السبعية الذميمة وجعلوا لله اندادا من الهوى والدنيا وشهواتها ليضلوا الناس بالاستتباع عن طلب الحق تعالى والسير اليه على اقدام الشريعة والطريقة الموصل الى الحقيقة قل تمتعوا بالشهوات الدنيا ونعيمها فان مصيركم نار جهنم للابدان ونار الحرمان للنفوس ونار الحسرة للقلوب ونار القطيعة للارواح كما فى التأويلات النجمية