التفاسير

< >
عرض

أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَبَأُ ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ وَٱلَّذِينَ مِن بَعْدِهِمْ لاَ يَعْلَمُهُمْ إِلاَّ ٱللَّهُ جَآءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِٱلْبَيِّنَـٰتِ فَرَدُّوۤاْ أَيْدِيَهُمْ فِيۤ أَفْوَٰهِهِمْ وَقَالُوۤاْ إِنَّا كَفَرْنَا بِمَآ أُرْسِلْتُمْ بِهِ وَإِنَّا لَفِي شَكٍّ مِّمَّا تَدْعُونَنَآ إِلَيْهِ مُرِيبٍ
٩
-إبراهيم

روح البيان في تفسير القرآن

{ ألم يأتكم } من كلام موسى استفهم عن انتفاء الاتيان على سبيل الانكار فافاد اثبات الاتيان وايجابه فكانه قبل أتاكم { نبؤا الذين من قبلكم } اى اخباركم { قوم نوح } اغرقوا بالطوفان حيث كفروا ولم يشكروا نعم الله وقوم نوح بدل من الموصول { وعاد } اهلكوا بالريح معطوف على قوم نوح { وثمود } اهلكوا بالصيحة { والذين من بعدهم } من بعد هؤلاء المذكورين من قوم ابراهيم واصحاب مدين والمؤتفكات وغير ذلك وهو عطف على قوم نوح وما عطف عليه { لا يعلمهم الا الله } اعتراض اى لا يعلم عدد تلك الامم لكثرتهم ولا يحيط بذواتهم وصفاتهم واسمائهم وسائر ما يتعلق بهم الا الله تعالى فانه انقطعت اخبارهم وعفت آثارهم وكان مالك بن أنس يكره ان ينسب الانسان نفسه أبا أبا الى آدم وكذا فى حق النبى عليه السلام لان اولئك الآباء لا يعلم احد الا الله وكان ابن مسعود رضى الله عنه اذا قرأ هذه الآية قال كذب النسابون يعنى انهم يدعون علم الانساب وقد نفى الله علمها عن العباد.
وقال فى التبيان النسابون وان نسبوا الى آدم فلا يدعون احصاء جميع الامم انتهى.
وعن ابن عباس رضى الله عنهما ما بين عدنان واسماعيل ثلاثون ابا اى قرنا لا يعرفون وقيل اربعون وقيل سبعة وثلاثون. وفى النهر لابى حيان ان ابراهيم عليه السلام هو الجد الحادى والثلاثون لنبينا عليه السلام.
قال فى انسان العيون كان عدنان فى زمن موسى عليه السلام وهو النسب المجمع عليه لنبينا عليه السلام وفيما قبله الى آدم اختلاف سبب لاختلاف فيما بين عدنان وآدم ان قدماء العرب لم يكونوا اصحاب كتب يرجعون اليها وانما كانوا يرجعون الى حفظ بعضهم من بعض.
والجمهور علىان العرب قسمان قحطانية وعدنانية والقحطانية شعبان سبأ وحضرموت والعدنية شعبان ربيعة ومضر واما قضاعة فمختلف فيها فبعضهم ينسبونها الى قحطان وبعضهم الى عدنان. ثم ان الشيخ عليا السمرقندىرحمه الله قال فى تفسير الموسوم ببحر العلوم لقائل ان يقول يشكل بالآية قول النبى صلى الله عليه وسلم
"ان الله تعالى قد رفع الى الدنيا فانا انظر اليها والى ما هو كائن فيها الى يوم القيامة كما انظر الى كفى هذه" جليا جلاها الله لنبيه كما جلاها للنبيين قبل لدلالته صريحا على ان جميع الكوائن الى يوم القيامة مجلى ومكشوف كشفا تاما للانبياء عليهم السلام والحديث مسطور فى معجم الطبرانى والفردوس.
يقول الفقير ان الله تعالى اعلم حبيبه عليه السلام ليلة المعراج جميع ما كان وما سيكون وهو لا ينافى الحصر فى الآية لقول تعالى فى آية اخرى
{ { فلا يظهر على غيبه احدا الا من ارتضى من رسول } يعنى به جنابه عليه السلام ولئن سلم فالذى علمه انما هو كليات الامور لا جزئياتها وكلياتها جميعا من هذا المقام وما ادرى ما يفعل بى ولا بكم فصح الحصر والله اعلم فاعرف هذه الجملة { جاءتهم رسلهم } ملتبسين { بالبينات } وقال الكاشفى [آوردند] فالباء للتعدية اى بالمعدزات الواضحة التى لا شبهة فى حقيقتها قبين كل رسول لامته طريق الحق وهو استيناف لبيان نبأهم { فردوا ايديهم فى افواههم } اى اشاروا بها الى السنتهم وما نطقت به من قولهم انا كفرنا بما ارسلتم به اى هذا جوابنا لكم ليس عندنا غيره اقناطا لهم من التصديق اوردوا ايديهم فى افواه انفسهم اشارة بذلك الى الرسل ان انكفوا عن مثل هذا الكلام فانكم كذبة ففى بمعنى على كما فى الكواشى.
وقال قتادة كذبوا الرسل وردوا ما جاؤا به يقال رددت قول فلان فى فيه اى كذبته { وقالوا انا كفرنا بما ارسلتم به } على زعمكم من الكتب والرسالة.
قال المولى ابو السعودرحمه الله هى البينات التى اظهروها حجة على رسالاتهم ومرادهم بالكفر بها الكفر بدلالتها على صحة رسالتهم { وانا لفى شك } عظيم { مما تدعوننا اليه } من الايمان بالله والتوحيد.
قال سعدى المفتى المراد اما المؤمن به او صحة الايمان اذلا معنى لشكهم فى نفس الايمان.
فان قلت الشك ينافى الجزم بالكفر بقولهم انا كفرنا.
قلت متعلق الكفر هو الكتب والشرائع التى ارسلوا بها ومتعلق الشك وهو ما يدعونهم اليه من التوحيد مثلا والشك فى الثانى لا ينافى القطع فى الاول { مريب } موقع فى الريبة وهى قلق النفس وعدم اطمئنانها بالشيء وهو علامة الشر والسعادة [يعنى كمانى نفس را مضطرب ميسازد ودلرارا آم نمى دهد وعقل را شوريده كرداند] وهو صفة توكيدية لشك