التفاسير

< >
عرض

وَلاَ تَقُولُواْ لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ ٱلْكَذِبَ هَـٰذَا حَلاَلٌ وَهَـٰذَا حَرَامٌ لِّتَفْتَرُواْ عَلَىٰ ٱللَّهِ ٱلْكَذِبَ إِنَّ ٱلَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَىٰ ٱللَّهِ ٱلْكَذِبَ لاَ يُفْلِحُونَ
١١٦
-النحل

روح البيان في تفسير القرآن

{ ولا تقولوا } يا اهل مكة { لما تصف ألسنتكم } ما موصولة واللام صلة لا تقولوا مثل ما فى قوله تعالى { ولا تقولوا لمن يقتل فى سبيل الله اموات } اى لا تقولوا فى شأن ما تصف ألسنتكم من البهائم بالحل والحرمة فى قولكم ما فى بطون هذه الانعام خالصة لذكورنا ومحرم على ازواجنا من غير ترتيب ذلك الوصف على ملاحظة وفكر فضلا عن استناده الى وحى او قياس مبنى عليه { الكذب } ينتصب بلا تقولوا على انه مفعول به وقوله تعالى { هذا حلال وهذا حرام } بدل منه فالمعنى لا تقولوا هذا حلال وهذا حرام لما تصفه ألسنتكم بالحل والحرمة فقدم عليه كونه كذبا وابدل منه هذا حلال وهذا حرام مبالغة واللام صلة مثل ما يقال لا تقل للنبيذ انه حرام اى فى شأنه وذلك لاختصاص القول بانه فى شأنه.
وفيه ايماء الى ان ذلك مجرد وصف باللسان لا حكم عليه عقد كذا فى حوشى سعدى المفتى.
ويقال فى الآية تنبيه للقضاة والمفتين كيلا يقولوا قولا بغير حجة وبيان كما فى تفسير ابى الليث { لتفتروا على الله الكذب } فان مدار الحل والحرمة ليس الا امر الله فالحكم بالحل والحرمة اسناد للتحليل والتحريم الى الله من غيران يكون ذلك منه. واللام لام العاقبة لا الغرض لان الافتراء لم يكن غرضا لهم.
وفى الآية اشارة الى ما تقولت النفوس بالحسبان والغرور الناقد بلغنا الى مقام يكون علينا بعض المحرمات الشرعية حلالا وبعض المحللات حراما فيفترون على الله الكذب انه اعطانا هذا المقام كما هو من عادة اهل الاباحة كذا فى التأويلات النجمية { ان الذين يفترون على الله الكذب } فى امر من الامور { لا يفلحون } لا يفوزون بمطالبهم التى ارتكبوا الافتراء للفوز بها