التفاسير

< >
عرض

قَالاَ رَبَّنَآ إِنَّنَا نَخَافُ أَن يَفْرُطَ عَلَيْنَآ أَوْ أَن يَطْغَىٰ
٤٥
-طه

روح البيان في تفسير القرآن

{ قالا ربنا } قال فى الارشاد اسند القول اليهما مع ان القائل حقيقة وهو موسى بطريق التغليب ايذانا باصالته فى كل قول وفعل وتبعية هارون له فى كل ما يأتى وما يذر - وروى - ان موسى انطلق من الطور الى جانب مصر لا علم له بالطريق وليس له زاد ولا حمولة ولا صحبة ولا شئ الا العصا يظل صاديا ويبيت طاويا يصيب من ثمار الارض ومن الصيد شيئا قليلا حتى ورد ارض مصر.
قال الكاشفى [جون بمصر توجه فرمود وحى آمد بهارون كه باستقبال برادر براه مدين دوان شود بس در اثناى طريق ملاقات فرمودند وموسى شرح احوال بتمامى باز كفت هارون كفت اى برادر شوكت وعظمت ازانجه ديده زيادة شد وبأدنى سبى حكم بقطع وقتل وصلب ميكند موسى انديشناك شد وهردو برادر باتفاق كفتند اى بروردكار ما]{ اننا نخاف } الخوف توقع مكروه عن امارة مظنونة او معلومة كما ان الرجاء والطمع توقع محبوب عن امارة مظنونة او معلومة ويضاد الخوف الا من ويستعمل ذلك فى الامور الدنيوية والاخروية قال تعالى
{ ويرجون رحمته ويخافون عذابه } والخوف من الله لا يراد به ما يخطر بالبال من الرعب كاستشعار الخوف من الاسد بل انما يراد به الكف عن المعاصى واختيار الطاعات { ان يفرط علينا } من فرط اذا تقدم تقدما بالقصد ومنه الفارط الى الماء اى المتقدم لاصلاح الدلواى يعجل علينا بالعقوبة ولا يصبر الى اتمام الدعوة واظهار المعجزة فيتعطل المطلوب من الارسال اليه. وقرئ يفرط من الافراط فى الاذية.
فان قلت كيف هذا الخوف وقد علما انهما رسولا رب العزة اليه.
قلت جريا على الخوف الذى هو مجبول فى طينة بنى آدم كما فى التأويلات النجمية يشير الى ان الخوف مركوز فى جبلة الانسان حتى انه لو بلغ مرتبة النبوة والرسالة فانه لا يخرج الخوف من جبلته كما قال { ربنا اننا نخاف ان يفرط علينا } يعنى ان يقتلنا ولكن الخوف ليس بجهة القتل وانما نخاف فوات عبوديتك بالقيام لاداء الرسالة والتبليغ كما امرتنا او يتمرد بجهله ولا ينقاد لاوامرك ويسبك انتهى { او ان يطغى } اى يزداد طغيانا الى ان يقول فى شأنك ما لا ينبغى لكمال جراءته وقساوته واطلاقه حيث لم يقل عليك من حسن الادب ولما كان طغيانه فى حق الله اعظم من افراطه فى حقهما ختم الكلام به فان المتمسك بالاعذار يؤخر الاقوى ونحوه ختم الهدهد بقوله
{ وجدتها وقومها يسجدون للشمس
} يقول الفقير يجوز ان يكون المراد يطغى علينا اى يجاوز الحد فى الاساءة الينا الا انه حذف الجار والمجرور رعاية للفواصل كما حذف المفعول لذلك فى قوله { ما ودعك ربك وما قلى } واظهار ان مع سداد المعنى بدونه للاشعار بتحقق الخوف من كل منهما.