التفاسير

< >
عرض

فَرَجَعَ مُوسَىٰ إِلَىٰ قَوْمِهِ غَضْبَٰنَ أَسِفاً قَالَ يٰقَوْمِ أَلَمْ يَعِدْكُمْ رَبُّكُمْ وَعْداً حَسَناً أَفَطَالَ عَلَيْكُمُ ٱلْعَهْدُ أَمْ أَرَدتُّمْ أَن يَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبٌ مِّن رَّبِّكُمْ فَأَخْلَفْتُمْ مَّوْعِدِي
٨٦
-طه

روح البيان في تفسير القرآن

{ فرجع موسى الى قومه } اى بعد ما استوفى الاربعين ذا القعدة وعشر ذى الحجة واخذ الالواح المكتوب فيها التوراة وكانت الف سورة كل سورة الف آية يحمل اسفارها سبعون جملا { غضبان }[خشمناك بريشان]{ اسفا }[اندوهكين ازعمل ايشان] اى شديد الحزن على ما فعلوا او شديد الغضب ومنه قوله عليه السلام فى موت الفجأة "رحمة للمؤمنين واخذة اسيف للكافرين"
قال الامام الراغب الاسف الحزن والغضب معا وقد يقال لكل منهما على الانفراد.
قال الكاشفى [جون بميان قوم رسيد بانك وخروش ايشان شنيدكه كرداكرد كوساله دف ميزدند ورقص ميكردند بعتاب آغاز كرد ازروى ملامت] { قال يا قوم } [اى كروه من]{ ألم يعدكم ربكم وعدا حسنا } بان يعطيكم التوراة فيها ما فيها من النور والهدى اى وعدكم وعدا صادقا بحيث لا سبيل لكم الى انكاره.
قال فى بحر العلوم { وعدا حسنا } اى متناهيا فى الحسن فانه تعالى وعدهم ان يعطيهم التوراة التى فيها هدى ونور ولا وعد احسن من ذلك واجمل.
وفيه اشارة الى ان الله تعالى اذا وعد قوما لا بدله من الوفاء بالوعد فيحتمل ان يكون ذلك الوفاء فتنة للقوم وبلاء لهم كما كان لقوم موسى اذ وعدهم الله بايتاء التوراة ومكالمته موسى وقومه السبعين المختارين فلما وفى به تولدت لهم الفتنة والبلاء من وفائه وهى الضلال وعبادة العجل ولكن الوعد لما كان موصوفا بالحسن كان البلاء الحاصل من الوعد الحسن بلاء حسنا وكان عاقبة امرهم التوبة والنجاة ورفعة الدرجات { أفطال عليكم العهد } الفاء للعطف على مقدر والهمزة لانكار المعطوف ونفيه فقط اى اوعدكم ذلك فطال زمان الانجاز فاخطأتم بسببه.
وفى الجلالين مدة مفارقتى اياكم يقال طال عهدى بك اى طال زمانى بسبب مفارقتك { ام اردتم ان يحل } يجب كما سبق { عليكم غضب } عذاب عظيم وانتقام شديد كائن { من ربكم } من مالك امركم على الاطلاق بسبب عبادة ما هو مثل فى الغباوة والبلادة { فاخلفتم موعدى } اى وعدكم اياى بالثبات على ما امرتكم به الى ان ارجع من الميقات على اضافة المصدر الى مفعوله والفاء لترتيب ما بعدها على كل واحد من شقى الترديد على سبيل البدل كأنه قيل أنسيتم الوعد بطول العهد فاخلفتموه خطأ ام اردتم حلول الغضب عليكم فاخلفتموه عمدا.