التفاسير

< >
عرض

وَأَعُوذُ بِكَ رَبِّ أَن يَحْضُرُونِ
٩٨
-المؤمنون

روح البيان في تفسير القرآن

{ واعوذ بك رب ان يحضرون } اصله يحضروننى فحذفت احدى النونين ثم حذفت ياء المتكلم اكتفاء بالكسرة اى من ان يحضرونى ويحوموا حولى فى حال من الاحوال صلاة او تلاوة او عند الموت او غير ذلك، قال الحسن "كان عليه السلام يقول عند استفتاح الصلاة لا اله الا الله ثلاثا الله اكبر ثلاثا اللهم انى اعوذ بك من همزات الشياطين من همزها ونفثها ونفخها واعوذ بك رب ان يحضرون" يعنى بالهمز الجنون وبالنفث الشعر وبالنفخ الكبر ـ روى ـ "انه اشتكى بعضهم ارقا فقال عليه السلام اذا اردت النوم فقل اعوذ بكلمات الله التامات من غضبه وعقابه ومن شر عباده ومن همزات الشياطين وان يحضرون" وكلمات الله كتبه المنزلة على انبيائه او صفات الله كالعزة والقدرة وصفها بالتمام لعرائها عن النقص والانقصام، قال بعضهم هذا مقام من بقى له التفات الى غير الله فاما من توغل فى بحر التوحيد بحيث لا يرى فى الوجود الا الله لم يستعذ الا بالله ولم يلتجىء الا الى الله والنبى عليه السلام لما ترقى عن هذا المقام قال "اعوذ بك منك" "وكان عليه السلام اذا دخل الخلاء قال اللهم انى اعوذ بك من الخبث والخبائث" اى من ذكور الجن واناثهم مما اتصف بالخباثة واجمعت الامة على عصمة النبى عليه السلام فان قرينه من الجن قد اسلم اوانه قد نزع منه مغمز الشيطان فالمراد من الاستعاذة تحذير غيره من شر الشيطان ثم ان الشيطان يوسوس فى صدور الناس فيغوى كل احد من الرجال والنساء ويوقع الاشرار فى البدع والاهواء وفى الحديث "صنفان من اهل النار لم ارهما" يعنى فى عصره عليه السلام لطهارة ذلك العصر بل حدثا بعده "قوم معهم سياط" يعنى احدهما قوم فى ايديهم سياط جمع سوط تسمى تلك السياط فى ديار العرب بالمقارع جمع مقرعة وهى جلدة طرفها مشدود عرضها كعرض الاصبع الوسطى يضربون بها السارقين عراة قيل هم الطوافون على ابواب الظلمة كالكلاب يطردون الناس عنها بالضرب والسباب "كأذناب البقر يضربون بها الناس ونساء" يعنى ثانيهما نساء "كاسيات" يعنى فى الحقيقة "عاريات" يعنى فى المعنى لانهن يلبسن ثيابا رقاقا تصف ما تحتها او معناه عاريات من لباس التقوى وهن اللاتى يلقين ملاحفهن من ورائهن فتنكشف صدورهن كنساء زماننا او معناه كاسيات بنعم الله عاريات عن الشكر يعنى ان نعيم الدنيا لاينفع فى الآخرة اذا خلا عن العمل الصالح وهذا المعنى غير مختص بالنساء "مميلات" اى قلوب الرجال الى الفساد بهن او مميلات اكتافهن واكفالهن كما تفعل الراقصات او مميلات مقانعهن عن رؤسهن لتظهر وجوههن "مائلات" الى الرجال او معناه متبخترات فى مشيهن "رؤسهن كاسنمة البخت" يعنى يعظمن رؤسهن بالخمر والقلنسوة حتى تشبه اسنمة البخت او معناه ينظرن الى الرجال برفع رؤسهن "المائلة" لان اعلى السنام يميل لكثرة شحمه "لايدخلن الجنة ولا يجدن ريحها وان ريحها لتوجد من مسيرة كذا وكذا" اى من مسيرة اربعين عاما.