التفاسير

< >
عرض

ٱللَّهُ نُورُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ ٱلْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ ٱلزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِن شَجَرَةٍ مُّبَارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لاَّ شَرْقِيَّةٍ وَلاَ غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيۤءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نُّورٌ عَلَىٰ نُورٍ يَهْدِي ٱللَّهُ لِنُورِهِ مَن يَشَآءُ وَيَضْرِبُ ٱللَّهُ ٱلأَمْثَالَ لِلنَّاسِ وَٱللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلَيِمٌ
٣٥
-النور

روح البيان في تفسير القرآن

{ الله نور السموات والارض }، قال الامام الغزالى قدس سره فى شرح الاسم النور هو الظاهر الذى به كل ظهور فان الظاهر فى نفسه المظهر لغيره يسمى نورا ومهما قوبل الوجود بالعدم كان الظهور لا محالة للوجود ولا ظلام اظلم من العدم فالبريى من ظلمة العدم الى ظهور الوجود جدير بان يسمى نورا والوجود نور فائض على الأشياء كلها من نور ذاته فهو نور السموات والارض فكما انه لاذرة من نور الشمس الا وهى دالة على وجود الشمس النيرة فلاذرة من وجود السموات والارض ومابينهما الا وهى بجواز وجودها دالة على وجوب وجود موجدها انتهى ويوافقه النجم فى التأويلات حيث قال { الله نور السموات والارض } اى مظهرهما من العدم الى الوجود فان معنى النور فى اللغة الضياء وهو الذي يبين الاشياء ويظهرها للابصار انتهى فقوله تعالى { الله نور السموات والارض } من باب التشبيه البليغ اى كالنور بالنسبة اليهما من حيث كونه مظهرا لهما اى موجدا فان اصل الظهور وهو الظهور من العدم الى الوجود فان الاعيان الثابتة فى علم الله تعالى خفية فى ظلم العدم وانما تظهر بتأثير قدرة الله تعالى كما فى حواشى ابن الشيخ، يقول الفقير لاحاجة الى اعتبار التشبيه البليغ فان النور من الاسماء الحسنى واطلاقه على الله حقيقى لامجازى فهو بمعنى المنور ههنا فانه تعالى نور الماهيات المعدومة بانوار الوجود واظهرها من كتم العدم بفيض الجود كما قال عليه السلام "ان الله خلق الخلق فى ظلمة ثم رش عليهم من نوره" فخلق ههنا بمعنى التقدير فان التقدير سابق على الايجاد ورش النور كناية عن افاضة الوجود على الممكنات والممكن يوصف بالظلمة فانه يتنور بالوجود فتنويره اظهاره، واعلم ان النور على اربعة اوجه. اولها نور يظهر الاشياء للابصار وهو لا يراها كنور الشمس وامثالها فهو يظهر الاشياء المخفية فى الظلمة ولايراها. وثانيها نور البصر وهو يظهر الاشياء للابصار ولكنه يراها وهذا النور اشرف من الاول. وثالثها نور العقل وهو يظهر الاشياء المعقولة المخفية فى ظلمة الجهر للبصائر وهو يدركها ويراها. ورابعها نور الحق تعالى وهو يظهر الاشياء المعدومة المخفية فى العدم للابصار والبصائر من الملك والملكوت وهو يراها فى الوجود كما كان يراها فى العدم لانها كانت موجودة فى علم الله وان كانت معدومة فى ذواتها فما تغير علم الله ورؤيته باظهارها فى الوجود بل كانت التغير راجعا الى ذوات الاشياء وصفاتها عند الايجاد والتكوين فتحقيق قوله تعالى { الله نور السموات والارض } مظهرهما ومبديهما وموجدهما من العدم بكمال القدرة الازلية

در ظلمت عدم همه بوديم بى خبر نور وجود سر شهود از تو يافتيم

قال بعض الكبار [در زمان ظلمت هيجكس ساكن ازمتحرك نشناسد وعلو ازسفل تمييز نكنند وقبيح را ازصبيح باز نداند وجون رايت نور ظهور نمود خيل ظلام روى بانهزام آرند ووجودات وكيفيات ظاهر كردد وصفو از كدر وعرض ازجوهر متميزشود مدركة انسانية داندكه استفاده اين دانش وتميز بنور كرده اما در ادراك نور متحير باشدجه داندكه عالم ازنور مملو است واومخفى ظاهر بدلالات وباطن بالذات بس حق سبحانه وتعالى كه مابدو دولت ادراك يافته ايم وبمربتة تميز اشيا رسيده سزاوار آن باشد كه آنرا نور كويند

همه عالم بنور اوست بيدا كجا او كرد از عالم هويدا
زهى نادانكه اوخورشيد تابان بنور شمع جويد در بيابان

در تبيان آورده كه مدلول السموات والارض جه هر دليلى از دلائل قدرت وبدائع حكمت كه در دو اثر سبهر برين ومراكز زمين واقعست دلالتى واضح دارد بروجود قدرت وبدائع حكمت او]

ففى كل شىء له آية تدل على انه واحد
وجود جمله اشيا دليل قدرت او

وقال سلطان المفسرين ابن عباس رضى الله عنهما اى هادى اهل السموات والارض فهم بنوره تعالى يهتدون وبهداه من حيرة الضلالة ينجون: يعنى [بهدايت او بهستىء خود راه بردند وبارشاد او مصالح دين ودنيا بشناسند] ولما وصلوا الى نور الهداية بتوفيقه تعالى سمى نفسه باسم النور جريا على مذهب العرب فان العرب قد تسمى الشىء الذى من الشىء باسمه كما يسمى المطر سحابا لانه يخرج منه ويصحل به فلما حصل نور الايمان والهداية بتوفيقه سماه بذلك الاسم ويجوز ان يعبر عن النور بالهداية وعن الهداية بالنور لما يحصل احدهما من الآخر قال الله تعالى { وبالنجم هم يهتدون } لما اهتدوا بنور النجم جعل النجم كالهادى لهم وجعلهم من المهتدين بنوره وعلى هذا سمى القرآن نورا والتوراة نورا بمعنى الاهتداء بهما كما فى الاسئلة المقحمة فعلى هذا شبهت الهداية بالنور فى كونها سببا للوصول الى المطلوب فاطلق اسم النور عليها على سبيل الاستعارة ثم اطلق النور بمعنى الهداية عليه تعالى على طريق رجل عدل، وقال حضرة الشيخ الشهير بافتاده قدس سره خطر ببالى على وجه الكشف ان النور فى قوله تعالى { الله نور السموات والارض } بمعنى العلم وهو بمعنى العالم من باب رجل عدل ووجه المناسبة بينهما انه تنكشف بالنور المحسوسات وبالعلم تنكشف المعقولات بل جميع الامور كذا فى الواقعات المحمودية ويقال انه منور السموات بالشمس والقمر والكواكب والارض بالانبياء والعلماء والعباد، وقال فى عرائس البيان اراد بالسموات والارض صورة المؤمن رأسه السموات وبدنه الارض وهو تعالى بجلالة قدره نور هذه السموات والارض اذ زين الرأس بنور السمع والبصر والشم والذوق والبيان فى اللسان فنور العين كنور الشمس والقمر ونور الاذن كنور الزهرة والمشترى ونور الانف كنور المريخ وزحل ونور اللسان كنور عطارد وهذه السيارات النيرات تسرى فى بروج الرأس ونور ارض البدن الجوارج والاعضاء والعضلات واللحم والدم والشعرات وعظامها الجبال [امام زاهد فرموده كه خدايرا نورتوان كفت ولى روشنى نتوان كفت جه روشنى ضد تاربكست وخداى تعالى آفريد كار هردوضداست] فالنور الذى بمقابلة الظلمة حادث لان ما كان بمقابلة الحادث حادث فمعنى كونه تعالى نورا هو انه مبدأ هذا النور المقابل بالظلمة ثم ان اضافة النور الى السموات والارض مع ان كونه تعالى نورا ليس بالاضافة اليهما فقط للدلالة على سعة اشراقه فانهما مثلان فى السعة قال تعالى { وجنة عرضها السموات والارض } ويجوز ان يقال قد يراد بالسموات والارض العالم باسره كما يراد بالمهاجرين والانصار جميع الصحابة كما فى حواشى سعدى المفتى ونظيره قوله تعالى في الحديث القدسى خطابا للنبى عليه السلام "لولاك لما خلقت الافلاك" اى العوالم باسرها لكنه خصص الافلاك بالذكر لعظمها وكونها بحيث يراها كل من هو من اهل النظر وهو اللائح بالبال والله الهادى الى حقيقة الحال { مثل نوره } اى نوره الفائض منه تعالى على الاشياء المستنيرة وهو القرآن المبين كما فى الارشاد فهو تمثيل له فى جلاء مدلوله وظهرو ما تضمنه من الهدى بالمشكاة المنعوتة والمراد بالمثل الصفة العجيبة اى صفة نوره العجيب واضافته الى ضميره تعالى دليل على ان اطلاقه عليه لم يكن على ظاهره كما فى انوار التنزيل { كمشكاة } اى صفة كوة غير نافذة فى الجدار فى الانارة وهى بلغة الحبشة: والفارسية [مانندروزنه ايست درديوارى كه او بخارج راه ندارد جون طاقى] { فيها مصباح } سراج ضخم ثابت: وبالفارسية [جراغ فروخته ونيك روشن] { المصباح فى زجاجة } اى قنديل من الزجاج الصافى الازهر وفائدة جعل المصباح فى زجاجة والزجاجة فى كوة غير نافذة شدة الاضاءة لان المكان كلما تضائق كان اجمع للضوء بخلاف الواسع فالضوء ينتشر فيه وخص الزجاج لانه احكى الجواهر لما فيه { الزجاجة كأنها كوكب درى } متلألىْ وقاد شبيه بالدر فى صفائه وزهرته كالمشترى والزهرة والمريخ ودرارى الكواكب عظامها المشهورة ومحل الجملة الاولى الرفع على انها صفة لزجاجة او للام مغنية عن الرابض كأنه قيل فيها مصباح هو فى زجاجة هى كأنها كوكب درى وفى اعادة المصباح والزجاجة معرفين اثر سبقهما منكرين والاخبار عنهما بما بعدهما مع انتظام الكلام بان يقال كمشكاة فيها مصباح فى زجاجة كأنها كوكب درى من تفخيم شأنها بالتفسير بعد الابهام ما لايخفى { يوقد من شجرة } اى يبتدأ ايقاد المصباح من زيت شجرة { مباركة } اى كثيرة المنافع لان الزيت يسرج به وهو ادام ودهان ودباغ ويوقد بحطب الزيتون وبثقله ورماده يغسل به الابريسم ولا يحتاج فى استخراج دهنه الى عصار وفيه زيادة الاشراق وقلة الدخان وهو مصحة من الباسور { زيتونة } بدل من شجرة" وبالفارسية [كه آن زيتونست كه هفتاد بيغمبر بدو دعا كرده ببركت وازجملة ابراهيم خليل عليه السلام] وخصها من بين سائر الاشجار لان دهنها اضوء واصفى، قال فى انسان العيون شجرة الزيتون تعمر ثلاثة آلاف سنة { لاشرقية ولاغربية } اى لاشرقية تطلع عليها الشمس فى وقت شروقها فقط ولاغربية تقع عليها حين غروبها فقط بل بحيث تقع عليها طول النهار فلا يسترها عن الشمس فى وقت من النهار شىء كالتى على قلة او صحراء فتكون ثمرتها انضج وزيتها اصفى اولا فى مضحى تشرق الشمس عليها دائما فتحرقها ولافى مفيأة تغيب عنها دائما فتتركها نيئا اولا نابتة فى شرق المعمورة نحو كنكدز وديار الصين وخطا ولا فى غربها نحو طنجة وطرابلس وديار قيروان بل فى وسطها وهو الشام فان زيتونه اجود الزيتون او فى خط الاستواء بين المشرق والمغرب وهى قبة الارض فلاتوصف باحد منهما فلا يصل اليها حر وبرد مضرين وقبة الارض وسط الارض عامرها وخرابها وهو مكان تعتدل فيه الازمان فى الحر والبرد ويستوى الليل والنهار فيه ابدا لايزيد احدهما على الآخر اى يكون كل منهما اثنتى عشرة ساعة [حسن بصرىرحمه الله فرموده كه اصل اين شجره ازبهشت بدنيا آورده اند بس از اشجار اين عالم نيست كه وصف شرقى وغربى برو تواند كرد] { يكاد زيتها يضيء } [روشنى دهد] { ولو لم تمسسه نار } [واكرجه نرسيده باشد بوى آتشى يعنى درخشندكى بمثابه ايست بى آتش روشنايى بخشد] اى هو فى الصفاء والاناره بحيث يكاد يضيء المكان بنفسه من غير مساس نار اصلا وتقدير الآية يكاد زيتها يضيء لو مسته نار ولو لم تمسسه نار اى يضيء كائنا على كل حال من وجود الشرط وعدمه فالجملة حالية جيء بها لاستقصاء الاحوال حتى فى هذه الحال { نور } خبر مبتدأ محذوف اى ذلك النور الذى عبر به عن القرآن ومثلت صفته العجيبة الشأن بما فصل من صفة المشكاة نور كائن { على نور } كذلك اى نور متضاعف فان نور المصباح زاد فى انارته صفاء الزيت وزهرة القنديل وضبط المشكاة لاشعته فليس عبارة عن مجموع نورين اثنين فقط بل المراد به التكثير كما يقال فلان يضع درهما على درهم لا يراد به درهمان { يهدى الله لنوره } اى يهدى هداية خاصة موصلة الى المطلوب حتما لذلك النور المتضاعف العظيم الشأن { من يشاء } هدايته من عباده بان يوفقهم لفهم مافيه من دلائل حقيته وكونه من عند الله من الاعجاز والاخبار عن الغيب وغير ذلك من موجبات الايمان وهذا من قبيل الهداية الخاصة ولذا قال من يشاء ففيه ايذان بان مناط هذه الهداية وملاكها ليس الا مشيئته وان تظاهر الاسباب بدونها بمعزل من الافضاء الى المطالب

قرب تو باسباب وعلل نتوان يافت بى سابقه فضل ازل نتوان يافت

{ ويضرب الله الامثال للناس } اى يبينها تقريبا الى الافهام وتسهيلا لسبل الادراك: يعنى [معقولات را در صورت محسوسات بيان ميكند براى مردم تازود در يابند ومقصود سخن بر ايشان كردد] وهذا من قبيل الهداية العامة ولذا قال للناس { والله بكل شىء عليم } من ضرب الامثال وغيره من دقائق المعقولات والمحسوسات وحقائق الجليات والخفيات، قالوا اذا كان مثلا للقرآن فالمصباح القرآن والزجاجة قلب المؤمن والمشكاة فمه ولسانه والشجرة المباركة شجرة الوحى وهى لا مخلوقة ولا مختلقة [نزديكست كه هنوز قرآن ناخوانده دلائل وحجج او برهمكنان واضح شود بس جودبر آن قراءت كند { نور على نور } باشد]، فان قيل لم شبهه بذلك وقد علمنا ان ضوء الشمس ابلغ من ذلك بكثير. اجيب بانه سبحانه اراد ان يصف الضوء الكامل الذى يلوح فى وسط الظلمة لان الغالب على اوهام الخلق وخيالاتهم انما هى الشبهات التى هى كالظلمات وهداية الله تعالى فيما بينها كالضوء الكامل الذى يظهر فيما بين الظلمات وهذا المقصود لا يحصل من تشبيهه بضوء الشمس لان ضوءها اذا ظهر امتلأ العالم من النور الخالص واذا غاب امتلأ العالم من الظلمة الخالصة فلا جرم كان ذلك المثل ههنا أليق، وقال بعضهم [مراد نور ايمانست حق سبحانه وتعالى تشبيه كرد سينه مؤمن را بمشكاة ودل را درسينه بقنديل زجاجه درمشكاة وايمانرا بجراغى افروخته در قنديل وقنديل بكوكبى درخشنده وكلمه اخلاص بشجره مباركة ازتاب آفتاب خوف وخلال نوال رجا بهره دارد ونزديكست كه فيض كلمه بى آنكه بزبان مؤمن كذرد عالم را منور كند جون اقرار بآن برزبان جارى شده وتصديق جنان بآن ياركشته { نور على نور } بظهور رسيد] وشبه بالزجاج دون سائر الجواهر لاختصاص الزجاج بالصفاء يتعدى النور من ظاهره الى باطنه وبالعكس وكذلك نور الايمان يتعدى من قلب المؤمن الى سائر الجوارح والاعضاء وايضا ان الزجاج سريع الانكسار بادنى آفة تصيبه فكذا القلب سريع الفساد بادنى آفة تدخل فيه [وكفته اند آن نور معرقت اسرار الهيست يعنى جراغ معرفت دوزجاجه دل عارف ومشكاة سينه او افروخته است از بركت زيت تلقين شجره مبارك حضرت محمدى عليه السلام نه شرقيست ونه غربى بلكه مكيست ومكه مباركة سره عالم وازفرا كرفتن عارف آن اسراررا ازتعليم آن سيد ابرار { نور على نور } معلوم توان كرد] وانما شبه المعرفة بالمصباح وهو سريع الانطفاء وقلب المؤمن بالزجاج وهو سريع الانكسار ولم يشبهها بالشمس التى لا تطفىء ولا قلب المؤمن بالاشياء الصلبة التى لاتنكسر تنبيها على انه على خطر وجدير بحذر كما فى التيسير [در ورح الارواح آورده كه آن نور حضرت محمد يست عليه السلام مشكاة آدم باشد وزجاجه نوح وزيتون ابراهيم كه نه يهوديه مائل است جون يهود غرب را قبله ساختند ونه نصرانية جون نصارى روى بشرق آورده اند ومصباح حضرت رسالتست عليه السلام يا مشكاة ابراهيم است وزجاجة دل صافى مطهر او مصباح علم كامل او شجره خلق شامل او كه نه در جانب خلود افراط است ونه در طرف تقصير وتفريط بلكه طريق اعتدال كه "خير الامور اوسطها" واقع شده وصراط سوى عبارت از آنست. ودر عين المعانى فرموده كه نور محبت حبيب بانور خلت خليل نور على نور است]

بدر نور بسر نوريست مشهور ازينجافهم كن نور على نور

قال القشيرى { نور على نور } نور اكتسبوه بجهدهم ونظرهم واستدلالهم ونور وجدوه بفضل الله بافعالهم واقوالهم قال تعالى { والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا
وفى التأويلات النجمية هذا مثل ضربه الله تعالى للخلق تعريفا لذاته وصفاته فلكل طائفة من عوام الخلق وخواصهم اختصاص بالمعرفة من فهم الخطاب على حسب مقاماتهم وحسن استعدادهم فما العوام فاختصاصهم بالمعرفة فى رؤية شواهد الحق وآياته بار انه اياهم فى الآفاق واما الخواص فاختصاصهم بالمعرفة فى مشاهدة انوار صفات الله تعالى وذاته تبارك وتعالى باراءته فى انفسهم عند التجلى لهم بذاته وصفاته كما قال تعالى فى الطائفتين { سنريهم آياتنا فى الآفاق } اى لعوامهم { وفى انفسهم } اى لخواصهم { حتى يتبين لهم انه الحق } فكل طائفة بحسب مقامهم تخطى من المعرفة فاما حظ العوام من رؤية شواهد الحق وآياته فى الآفاق باراءة الحق فبان يرزقهم فهما ونظرا فى معنى الخطاب ليتفكروا فى خلق السموات والارض ان صورتها وهى عالم الاجسام هى المشكاة والزجاجة فيها هى العرش والمصباح الذى هو عمود القنديل الذى يجعل فيه الفتيلة فهى بمثابة الكرسى من العرش وزجاجة العرش { كأنها كوكب درى يوقد من شجرة مباركة زيتونة } وهى شجرة الملكوت وهو باطن السماوات والارض ومعناهما { لاشرقية } اى ليست من شرق الازل والقدم كذات الله وصفاته { ولاغربية } اى ليست من غرب الفناء والعدم كعالم الاجسام وصورة العالم بل هى مخلوقة ابدية لايعتريها الفناء { يكاد زيتها } وهو عالم الارواح { يضيء } اى يظهر من العدم فى عالم الصور المتولدات بازدواج الغيب والشهادة طبعا وخاصية كما توهمه الدهرية والطبائعية عليهم لعنات الله تترى { ولو لم تمسسه نار } نار القدرة الالهية { نور على نور } اى نور الصفة الرحمانية على نور اى باستوائه على نور العرش فينقسم نور الصفة الرحمانية من العرش الى السموات والارض فيتولد منه متولدات ما فى السموات والارض بالقدرة الآلهية على وفق الحكمة والارادة القديمة فلهذا قال تعالى { ان كل من فى السموات والارض الا آتى الرحمن عبدا } فافهم جدا، واما حظ الخواص فى مشاهدة انوار صفات الله تعالى وذاته باراءة الحق فى انفسهم فانما يتعلق بالسير فيها لان الله تعالى خلق نفس الانسان مرآة قابلة لشهود ذاته وجميع صفاته اذا كانت صافية عن صدأ الصفات الذميمة والاخلاق الرديئة مصقولة بمصقلة كلمة لا اله الا الله لينتفى بنفى لا اله تعلقها عما سوى الله ويثبت باثبات الا الله فيها نور جمال الله وجلاله فيرى بنور الله الجسد كالمشكاة والقلب كالزجاجة والسر كالمصباح { والزجاجة كأنها كوكب درى يوقد من شجرة مباركة زيتونة } وهى شجرة الروحانية { لاشرقية } اى لا قديمة ازلية { ولاغربية } اى لافانية تغرب فى سماء الوجود فى عين العدم { يكاد زيتها } وهو الروح الانسانى { يضيء } بنور العقل الذى هو ضوء الروح وصفاؤه اى يكاد زيت الروح ان يعرف الله تعالى بنور العقل { ولو لم تمسسه نار } اى نار نور الالهية فابت عظمة جلال الله وعزة كبريائه ان تدرك بالعقول الموسومة بوصمة الحدوث الا ان يتجلى نور القدم لنور العقل الخارج من العدم كما قال تعالى { نور على نور يهدى الله لنوره من يشاء } اى ينور مصباح سر من يشاء بنور القدم فتتنور زجاجة القلب ومشكاة الجسد ويخرج اشعتها من روزنة الحواس فاستضاءت ارض البشرية { واشرقت الارض بنور ربها } وتحقق حنيئذ مقام (كنت له سمعا وبصرا) الحديث، وفيه اشارة الى ان نور العقل مخصوص بالانسان مطلقا ولا سبيل له بالوصول الى نور الله فهو مخصوص بهداية الله اليه فضلا وكرما لا يتطرق اليه كسب العباد وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء { ويضرب الله الامثال للناس } اى للناسين عهود ايام الوصال بلاهم فى ازل الآزال { والله بكل شىء عليم } فى حالات وجود الاشياء وعدمها بغير التغير فى ذاته وصفاته انتهى كلام التأويلات، قال حضرة الشيخ صدر الدين القنوى قدس سره، اعلم ان النور الحقيقى يدرك به وهو لايدرك لانه عين ذات الحق من حيث تجردها عن النسب والاضافات ولهذا "سئل النبى عليه السلام هل رأيت ربك قال نورانى اراه" اى النور المجرد لايمكن رؤيته وكذا اشار الحق فى كتابه لما ذكر ظهور نوره فى مراتب المظاهر قال { الله نور السموات والارض } فلما فرغ من ذكر مراتب التمثيل قال { نور على نور } فاحد النورين هو الضياء والآخر هو النور المطلق الاصلى ولهذا تمم فقال { يهدى الله لنوره من يشاء } اى يهدى الله بنوره المتعين فى المظاهر والسارى فيها الى نوره المطلق الاحدى انتهى كلامه فى الفكوك، وقال فى تفسير الفاتحة فالعالم بمجموع صوره المحسوسة وحقائقه الغيبية المعقولة اشعة نور الحق وقد اخبر الحق انه نور السموات والارض ثم ذكر الامثلة والتفاصيل المتعينة بالمظاهر على نحو ما تقتضيه مرآتها ثم قال فى آخر الآية { نور على نور يهدى الله لنوره من يشاء } فاضاف النور الى نفسه مع انه عين النور وجعل نوره المضاف الى العالم الاعلى والاسفل هاديا الى معرفة نوره المطلق ودالا عليه كما جعل المصباح والمشكاة والشجرة وغيرها من الامثال هاديا الى نوره المقيد وتجلياته المتعينة فى مراتب مظاهره وعرّف ايضا على لسان نبيه عليه السلام انه النور وان حجابه النور انتهى باجمال، قال حضرة شيخى وسندى روح الله روحه قوله { نور على نور } النور الاول هو النور الاضافى المنبسط على سموات الاسماء وارض الاشياء والنور الثانى هو النور الحقيقى المستغنى عن سموات الاسماء وارض الاشياء والنور الاضافى دليل دال على النور الحقيقى والدليل ظاهر النور المطلق والمدلول باطنه وفى التحقيق الاتم هو دليل على نفسه لا يعرف الله الا الله سبحانه.