التفاسير

< >
عرض

لِيَجْزِيَهُمُ ٱللَّهُ أَحْسَنَ مَا عَمِلُواْ وَيَزِيدَهُمْ مِّن فَضْلِهِ وَٱللَّهُ يَرْزُقُ مَن يَشَآءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ
٣٨
-النور

روح البيان في تفسير القرآن

{ ليجزيهم الله } متعلق بمحذوف يدل عليه ماحكى من اعمالهم المرضية اى يفعلون ما يفعلون من المداومة على التسبيح والذكر واقامة الصلاة وايتاء الزكاة والخوف من غير صارف لهم عن ذلك ليجزيهم الله تعالى والجزاء ما فيه الكفاية من المقابلة ان خيرا فخير وان شرا فشر والاجر خاص بالمثوبة الحسنى كما فى المفردات { احسن ما علموا } اى احسن جزاء اعمالهم حسبما وعد لهم بمقابلة حسنة واحدة عشر امثالها الى سبعمائة ضعف { ويزيدهم من فضله } اشياء لم يعدهم بها على اعمالهم ولم تخطر ببالهم وهوالعطاء الخاص لا لعمل { والله يرزق من يشاء بغير حساب } تقرير للزيادة وتنبيه على كمال القدرة ونفاذ المشيئة وسعة الاحسان. والرزق العطاء الجارى والحساب استعمال العدد اى يفيض ويعطى من يشاء ثوابا لايدخل تحت حساب الخلق، قال كثير من الصحابة رضى الله عنهم نزلت هذه الآية فى اهل الاسواق الذين اذا سمعوا النداء بالصلاة تركوا كل شغل وبادروا اليها اى لا فى اصحاب الصفة وامثالهم الذين تركوا التجارة ولزموا المسجد فانه تعالى قال { وايتاء الزكوة } واصحاب الصفة وامثالهم لم يكن عليهم الزكاة قال الامام الراغب قوله تعالى { لاتلهيهم } الآية ليس ذلك نهيا عن التجارة وكراهية لها بل نهى عن التهافت والاشتغال عن الصلوات والعبادات بها انتهى [آورده اندكه ملك حسين كه والىء هرات بود ازحضرت قطب الاقطاب خواجه بهاء الحق الدين محمد نقشبند قدس سره برسيد كه در طريقه شما ذكر جهر وخلوت وسماع مى باشند فرمودندكه نمى باشد بس كفت ببناى طريقت شما برجيست فرمودندكه "خلوت درانجمن بظاهر باخلق وبباطن باحق"]

ازدرون شوآشنا وازبرون بيكانه وش انيجنين زيبا روش كم مى بود اندر جهان

آنجه حق سبحانه وتعالى فرمايدكه { رجال لاتلهيهم تجارة } الآية اشارت بدين مقامست

سر رشته دولت اى برادر بكف آرا وين عمر كرامى بخسارت مكذار
دائم همه جا باهمه كس درهمه كار ميدار نهفت جشم دل جانب يار

قال فى الاسئلة المقحمة كيف خص الرجال بالمدح والثناء دون النساء فالجواب لانه لاجمعة على النساء ولا جماعة فى المساجد، قال بعضهم من اسقط عن سره ذكر مالم يكن فكان يسمى رجلا حقيقة ومن شغله عن ربه ذلك شىء فليس من الرجال المتحققين.
وفى التأويلات النجمية وانما سماهم رجالا لانه لا تتصرف فيهم تجارة وهى كناية عن النجاة من دركات النيران كما قال تعالى
{ هل ادلكم على تجارة تنجيكم من عذاب اليم } ولا بيع كناية عن الفوز بدرجات الجنان كما قال تعالى { فاستبشروا ببيعكم الذى بايعتم به } وهو قوله { ان الله اشترى من المؤمنين انفسهم واموالهم بان لهم الجنة } ولوتصرف فيهم شىء من الدارين بالتفاتهم اليه وتعلقهم به حتى شغلهم عن ذكر الله اى عن طلبه والشوق الى لقائه لكانوا بمثابة النساء فانهن محال التصرف فيهن وما استحقوا اسم الرجال واوحى الله تعالى الى داود عليه السلام فقال (ياداود فرغ لى بيتا اسكن فيه قال يارب انت منزه عن البيوت قال فرغ لى قلبك) وتفريغها اى القلوب التى اشارت اليها البيوت تصفيتها عن نقوش المكونات وتصقيلها عن صدأ تعلقات الكونين وانما هو بذكر الله والمداومة عليه كما قال عليه السلام "ان لكل شىء صقالة وان صقالة القلوب بذكر الله" فاذا صقلت تجلى الله فيها بنور الجمال وهو الزيادة فى قوله تعالى { للذين احسنوا الحسنى وزيادة } والرزق بغير حساب فى ارزاق الارواح والمواهب الالهية فاما ارزاق الاشباح فمحصورة معدودة، فعلى العاقل الاجتهاد باعمال الشريعة وآداب الطريقة فانه سبب الوصول الى انوار الحقيقة ومن تنور باطنه فى الدنيا تنور ظاهره وباطنه فى العقبى وكل جزاء فانما هو من جنس العمل ـ روى ـ انه اذا كان يوم القيامة يحشر قوم وجوههم كالكوكب الدرى فتقول لهم الملائكة ما اعمالكم فيقولون كنا اذا سمعنا الاذان قمنا الى الطهارة لا يشغلنا غيرها ثم يحشر طائفة وجوههم كلاقمار فيقولون بعد السؤال كنا نتوضأ قبل الوقت ثم يحشر طائفة وجوههم كالشموس فيقولون كنا نسمع الاذان فى المسجد وفى الحديث "اذا كان يوم الجمعة كان على كل باب من ابواب المسجد ملائكة يكتبون الاول فالاول" اى ثواب من يأتى فى الوقت الاول والثانى "فاذا جلس الامام" يعنى صعد المنبر "طووا الصحف وجاؤوا يسمعون الذكر" اى الخطبة "فلا يكتبون ثواب من يأتى فى ذلك الوقت" والمراد منه اجر مجرد مجيئه قيل لا يكتبون اصلا وقيل يكتبونه بعد الاستماع والمراد بالملائكة كتبة ثواب من يحضر الجمعة وهم غير الحفظة اللهم اجعلنا من المسارعين المسابقين واحشرنا فى زمرة اهل الصدق والحق واليقين.