التفاسير

< >
عرض

فَجَآءَتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى ٱسْتِحْيَآءٍ قَالَتْ إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنَا فَلَمَّا جَآءَهُ وَقَصَّ عَلَيْهِ ٱلْقَصَصَ قَالَ لاَ تَخَفْ نَجَوْتَ مِنَ ٱلْقَوْمِ ٱلظَّالِمِينَ
٢٥
-القصص

روح البيان في تفسير القرآن

{ فجاءته احداهما } عقيب مارجعتا الى ابيهما وهى الكبرى واسمها صفورياء. فان قلت كيف جاز لشعيب ارسال ابنته لطلب اجنبى. قلت لانه لم يكن له من الرجال من يقوم بامره ولانه ثبت عنده صلاح موسى وعفته بقرينة الحال وبنور الوحى { تمشى } حال من فاعل جاءته { على استحياء } ماهو عادة الابكار. والاستحياء [شرم داشتن]. قال ابو بكر ابن طاهر لتمام ايمانها وشرف عنصرها وكريم نسبها اتته على استحياء وفى الحديث "الحياء من الايمان" اى شعبة منه. قال اعرابى لايزال الوجه كريما ماغلب حياؤه ولايزال الغصن نضيرا مابقى لحاؤه { قالت } استئناف بيانى { ان ابى يدعوك ليجزيك } ليكافئك { اجر ماسقيت لنا } جزاء سقيك لنا [موسى بجهت زيارت شعيب وتقريب آشنايى باوى اجابت كردندنه يراى طمع] ولانه كان بين الجبال خائفا مستوحشا فاجابها فانطلقا وهى امامه فالزقت الريح ثوبها بجسدها فوصفته او كشفته عن ساقيها فقال لها امشى خلفى وانعتى الىّ الطريق فتأخرت وكانت تقول عن يمينك وشمالك وقدامك حتى اتيا دار شعيب فبادرت المرأة الى ابيها واخبرته فاذن له فى الدخول وشعيب يومئذ شيخ كبير وقد كف بصره فسلم موسى فرد عليه السلام وعانقه ثم اجلسه بين يديه وقدم اليه طعاما فامتنع منه وقال اخاف ان يكون هذا عوضا لما سقيته وانا اهل بيت لانبيع ديننا بالدنيا لانه كان من بيت النبوة من اولاد يعقوب فقال شعيب لا والله ياشاب ولكن هذه عادتنا مع كل من ينزل بنا فتناول هذا وان من فعل معروفا فاهدى اليه شىء لم يحرم اخذه { فلما جاءه } [يس آن هنكام آمد موسى نزيدك شعيب] { وقص عليه القصص } اخبره بما جرى عليه من الخبر المقصوص فانه مصدر سمى به المفعول كالعلل { قال لاتخف نجوت من القوم الظالمين } اى فرعون وقومه فانه لا سلطان له بارضنا ولسنا فى مملكته. وفيه اشارة الى ان القلب مهما يكون فى مقامه يخاف عليه ان يصيبه آفات النفس وظلم صفاتها فاذا وصل بالسر الى مقام الروح فقد نجا من ظلمات النفس وظلم صفاتها ألا ترى ان السلطان مادام فى دار الحرب فهو على خوف من الاعداء فاذا دخل حد الاسلام زال ذلك: وفيه اشارة الى ان من وقع فى الخوف يقال له لا تخف كما ان من وقع فى الامن يقال له خف: وفى المثنوى

لاتخافوا هست نزل خائفان هست درخور ازبراى خائف
هركه ترسد مرورا ايمن كنند مردل ترسنده را ساكن كنند
آنكه خوفش نيست جون كويى مترس درس جه دهى نيست او محتاج درس

قال اويس القرنى رضى الله عنه كن فى امر الله كأنك قتلت الناس كلهم يعنى خائفا مغموما. قال شعيب بن حرب كنت اذا نظرت الى الثورى فكأنه رجل فى ارض مسبعة خائف الدهر كله واذا نظرت الى عبدالعزيز بن ابى داود فكأنه يطلع الى القيامة من الكوة. ثم ان موسى قد تربى عند فرعون بالنعمة الظاهرة ولما هاجر الى الله وقاسى مشاق السفر والغربة عوضه الله عند شعيب النعمة الظاهرة والباطنة: قيل

سافر تجد عوضا عما تفارقه وانصب فان اكتساب المجد فى النصب
فالاسد لولا فراق الخيس ماافترست والسهم لولا فراق القوس لم يصب

وقيل

بلاد ا لله واسعة فضاء ورزق الله فى الدنيا فسيح
فقل للقاعدين على هوان اذا ضاقت بكم ارض فسيحوا

قال الشيخ سعدى قدس سره

سعد ياحب وطن كرجه حديث است صحيح نتوان مرد بسختى كه من اينجا زادم

ألا ترى ان موسى عليه السلام ولد بمصر ولما ضاقت به هاجر الى ارض مدين فوجد السعة مطلقا فالكامل لايكون زمانيا ولا مكانيا بل يسيح الى حيث امر الله تعالى من غير لىّ العنق الى ورائه ولو كان وطنه فان الله تعالى اذا كان مع المرء فالغربة له وطن والمضيق له وسيع: وفى المثنوى

هركجا باشد شه مارا بساط هست صحرا اكربود سم الخياط
هركجا يوسف رضى باشد جماه جنت است آن كرجه باشد قعرجاء