التفاسير

< >
عرض

وَكَأَيِّن مِّن نَّبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُواْ لِمَآ أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ وَمَا ضَعُفُواْ وَمَا ٱسْتَكَانُواْ وَٱللَّهُ يُحِبُّ ٱلصَّابِرِينَ
١٤٦
-آل عمران

روح البيان في تفسير القرآن

{ وكأين } اصله اى دخلت الكاف عليها فحدث فيها معنى التكثير فهى بمعنى كم الخبرية { من نبى } تمييز لها والغالب فى تمييزها ان يكون مجرورا بمن ولم يجىء فى التنزيل الا كذا وجره ممتنع لان آخره تنوين وهو لا يثبت مع الاضافة { قاتل معه ربيون كثير } خبر لقوله كأين لانها مبتدأ والفعل مسند الى ظاهره. والربى منسوب الى الرب كالربانى وكسر الراء من تغييرات النسب فان العرب اذا نسبت شيئاً الى شىء غيرت كما قالوا بصرى فى النسبة الى بصرة او منسوب الى الربة وهى الجماعة والمعنى كثير من الانبياء قاتل معه لاعلاء كلمة الله واعزاز دينه علماء اتقياء او جماعات كثيرة { فما وهنوا } عطف على قاتل اى فما فتروا وما انكسرت همتهم { لما اصابهم } فى اثناء القتال وهو علة للمنفى دون النفى { فى سبيل الله } ان جعل الضميران لجميع الربيين فما فى ما اصابهم عبارة عما عدا القتل من الجراح وسائر المكاره اللاحقة للكل وان جعلا للبعض الباقين بعد ما قتل الآخرون فهى عبارة عما ذكر مع ما اعتراهم من قتل اخوانهم والخوف والحزن وغير ذلك { وما ضعفوا } عن العدو او الجهاد او فى الدين { وما استكانوا } اى وما خضعوا للعدو. واصله استكن من السكون لان الخاضع يسكن لصاحبه ليفعل به ما يريده والالف لاشباع الفتحة. او استكون من الكون لانه يطلب ان يكون لم يخضع له وهذا تعريض بما اصابهم من الوهن والانكسار عند استيلاء الكفرة عليهم والارجاف بقتل النبى عليه السلام وبضعفهم عند ذلك عن مجاهدة المشركين واستكانتهم لهم حين ارادوا ان يعتضدوا بابن ابى المنافق فى طلب الامان من ابى سفيان { والله يحب الصابرين } اى على مقاساة الشدائد ومعاناة المكاره فى سبيل الله فينصرهم ويعظم قدرهم.