التفاسير

< >
عرض

وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ ٱللَّهُ وَعْدَهُ إِذْ تَحُسُّونَهُمْ بِإِذْنِهِ حَتَّىٰ إِذَا فَشِلْتُمْ وَتَنَازَعْتُمْ فِي ٱلأَمْرِ وَعَصَيْتُمْ مِّن بَعْدِ مَآ أَرَاكُمْ مَّا تُحِبُّونَ مِنكُم مَّن يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنكُم مَّن يُرِيدُ ٱلآخِرَةَ ثُمَّ صَرَفَكُمْ عَنْهُمْ لِيَبْتَلِيَكُمْ وَلَقَدْ عَفَا عَنْكُمْ وَٱللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَلَى ٱلْمُؤْمِنِينَ
١٥٢
-آل عمران

روح البيان في تفسير القرآن

{ ولقد صدقكم الله وعده } نصب على انه مفعول ثان لصدق صريحا او بنزع الجار اى فى وعده.
نزلت حين قال ناس من المؤمنين عند رجوعهم الى المدينة من اين اصابنا هذا وقد وعدنا الله بالنصر وهو ما وعدهم على لسان نبيه صلى الله عليه وسلم من النصر حيث قال للرماة لا تبرحوا مكانكم فانا لا نزال غالبين ما دمتم فى هذا المكان وقد كان كذلك فان المشركين لما اقبلوا جعل الرماة يرشقون نبلهم والباقون يضربون بالسيوف حتى انهزموا والمسلمون على آثارهم يقتلونهم قتلا ذريعا وذلك قوله تعالى { اذ تحسونهم } اى تقتلونهم قتلا كثيرا فاشيا من حسه اذا ابطل حسه وذلك يكون بالقتل وهو ظرف لصدقكم { بإذنه } ملتبسين بمشيئته وتيسيره وتوفيقه حال من فاعل تحسونهم { حتى } ابتدائية داخلة على الجملة الشرطية { اذا فشلتم } اى جبنتم وضعف رأيكم او ملتم الى الغنيمة فان الحرص من ضعف القلب { وتنازعتم فى الامر } اى فى امر الرسول صلى الله عليه وسلم فقال بعض الرماة حين انهزم المشركون وولوا هاربين والمسلمون على اعقابهم قتلا وضربا فما موقفنا هذا وقال رئيسهم عبد الله بن جبير لا نخالف امر الرسول عليه الصلاة والسلام فثبت مكانه فى نفر دون العشرة من اصحابه ونفر الباقون للنهب وذلك قوله تعالى { وعصيتم من بعد ما اراكم ما تحبون } اى من الظفر والغنيمة وانهزام العدو فلما رأى المشركون ذلك حملوا عليهم من قبل الشعب وقتلوا امير الرماة ومن معه من اصحابه وقد سبق وقيد العصيان بما بعده تنبيها على عظم المعصية لانهم لما شاهدوا ان الله تعالى اكرمهم بانجاز الوعد كان من حقهم ان يمتنعوا عن المعصية وجواب اذا محذوف وهو منعكم نصره { منكم من يريد الدنيا } وهم الذى تركوا المركز واقبلوا على النهب قال ابن مسعود رضى الله عنه ما علمت ان احدا منا يريد الدنيا حتى نزلت هذه الآية { ومنكم من يريد الآخرة } وهم الذى ثبتوا مكانهم حتى نالوا شرف الشهادة { ثم صرفكم عنهم } عطف على الجواب المحذوف كما اشير اليه اى ردكم عن الكفار وكفكم بالهزيمة بعد ان اظفركم عليهم فحالت الريح دبورا بعدما كانت صبا { ليبتليكم } اى يعاملكم معاملة من يمتحنكم ليظهر ثباتكم على الايمان عندها { ولقد عفا عنكم } تفضلاً او لما علم من ندمكم على المخالفة { والله ذو فضل على المؤمنين } اى شأنه ان يتفضل عليهم بالعفو أو هو متفضل عليهم فى جميع الاحوال اديل لهم او اديل عليهم اذ الابتلاء ايضا رحمة بحسب اقتضاء احوالهم ذلك.