التفاسير

< >
عرض

يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَكُونُواْ كَٱلَّذِينَ كَفَرُواْ وَقَالُواْ لإِخْوَانِهِمْ إِذَا ضَرَبُواْ فِي ٱلأَرْضِ أَوْ كَانُواْ غُزًّى لَّوْ كَانُواْ عِنْدَنَا مَا مَاتُواْ وَمَا قُتِلُواْ لِيَجْعَلَ ٱللَّهُ ذٰلِكَ حَسْرَةً فِي قُلُوبِهِمْ وَٱللَّهُ يُحْيِـي وَيُمِيتُ وَٱللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ
١٥٦
-آل عمران

روح البيان في تفسير القرآن

{ يا ايها الذين آمنوا لا تكونوا كالذين كفروا } وهم المنافقون القائلون لو كان لنا من الامر شىء ما قتلنا ههنا { وقالوا لاخوانهم } لاجل اخوانهم وفى حقهم ومعنى الاخوة اتفاقهم نسبا او مذهبا وعقيدة { اذا ضربوا فى الارض } اى سافروا فيها وابعدوا للتجارة وسائر المهام فماتوا فى سفرهم { او كانوا } اى اخوانهم { غزّى } جمع غازى كعفى جمع عافى وسجد جمع ساجد اى اذا اخرجوا الى الغزو فقتلوا { لو كانوا عندنا } اى مقيمين بالمدينة { ما ماتوا } فى سفرهم { وما قتلوا } فى الغزو وليس المقصود بالنهى عدم مماثلتهم فى النطق بهذا القول بل فى الاعتقاد بمضمونه والحكم بموجبه { ليجعل الله ذلك حسرة فى قلوبهم } متعلق بقالوا على ان اللام لام العاقبة كما فى قوله ربيته ليؤذننى وليست لام العلة والغرض لانهم لم يقولوه لذلك وانما قالوه لتثبيط المؤمنين عن الجهاد والمعنى انهم قالوا ذلك القول واعتقدوه لغرض من اغراضهم فكان عاقبة ذلك القول ومصيره الى الحسرة وهى اشد الندامة التى تقطع القوة والمراد بالتعليل المذكور بيان عدم ترتب فائدة ما على ذلك اصلا ووجه كون تكلم ذلك الكلام حسرة فى قلوبهم زاعمين ان من مات او قتل منهم انما مات او قتل بسبب تقصيرهم فى منع هؤلاء القتلى عن السفر والغزو ومن اعتقد ذلك لا شك انه تزداد حسرته وتلهفه واما المسلم الذى يعتقد ان الموت والحياة لا يكون الا بتقدير الله وقضائه لا يحصل فى قلبه هذ الحسرة { والله يحيى ويميت } رد لقولهم الباطل اى هو المؤثر فى الحياة والممات وحده من غير ان يكون للاقامة او للسفر مدخل فى ذلك فانه تعالى قد يحيى المسافر والغازى مع اقتحامهما لموارد الحتوف ويميت المقيم والقاعد مع حيازتهما لاسباب السلامة

اى بسا اسب تيزروكه بماند كه خرلنك جان بمنزل برد
بس كه درخاك تن درستان را دفن كردندو زحم خورده نمرد

{ والله بما تعملون بصير } فلا تكونوا مثل هؤلاء المنافقين.