التفاسير

< >
عرض

يٰبُنَيَّ إِنَّهَآ إِن تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ أَوْ فِي ٱلأَرْضِ يَأْتِ بِهَا ٱللَّهُ إِنَّ ٱللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ
١٦
-لقمان

روح البيان في تفسير القرآن

{ يا بنىّ } [كفت لقمان فرزند خودرا كه انعم نام بود] بضم العين [اى بسرك من].
قال فى الارشاد شروع فى حكاية بقية وصايا لقمان اثر تقرير ما فى مطلعها من النهى عن الشرك وتأكيده بالاعتراض { انها } اى الخصلة من الاساءة او الاحسان.
وقال مقاتل وذلك ان ابن لقمان قال لابيه يا ابتاه ان عملت الخطيئة حيث لا يرانى احد كيف يعلمها الله فرد عليه لقمان فقال يا بنى انها اى الخطيئة { ان تك } اصله تكون حذفت الواو لاجتماع الساكنين الحاصل من سقوط حركة النون بان الشرطية وحذفت النون ايضا تشبيها بحرف العلة فى امتداد الصوت او بالواو فى الغنة او بالتنوين.
وقال بعضهم حذفت تخفيفا لكثرة الاستعمال فلا تحذف من مثل لم يصن ولم يخن فان وصلت بساكن ردت النون وتحرك نحو لم يكن الذين الآية { مثقال حبة من خردل } المثقال ما يوزن به وهو من الثقل وذلك اسم لكل صنج.
وفى كشف الاسرار يقال مثقال الشئ ما يساويه فى الوزن وكثر الكلام فصار عبارة عن مقدار الدنيا انتهى. والحبة بالفارسية [دانه] والخردل من الحبوب معروف. والمعنى مقدار ما هو اصغر المقادير التى توزن بها الاشياء من جنس الخردل الذى هو اصغر الحبوب المقتاتة { فتكن } [بس باشد آن] اى مع كونها فى اقصى غايات الصغر { فى صخرة } الصخر الحجر الصلب اى فى اخفى مكان واحرزه كجوف صخرة ما.
وقال المولى الجامى فى صخرة هى اصلب المركبات واشدها منعا لاستخراج ما فيها انتهى والمراد بالصخرة أية صخرة كانت لانه قال بلفظ النكرة.
وعن ابن عباس رضى الله عنهما الارض على الحوت والحوت فى الماء والماء على صفاة والصفاة على ظهر ملك والملك على صخرة والصخرة التى ذكر لقمان ليست فى السموات ولا فى الارض كذا فى التكملة { او فى السموات } مع ما بعدها.
وفى بعض التفاسير فى العالم العلوى كمحدب السموات { او فى الارض } مع طولها وعرضها.
وفى بعض التفاسير فى العالم السفلى كمقعر الارض { يأت بها الله } اى يحضرها فيحاسب عليها لانه من يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره: وبالفارسية [بيارد خداى تعالى آنرا وحاضر كرداند وبر آن حساب كند] فالباء للتعدية.
قال المولى الجامى فى شرح الفصوص انها اى القصة ان تك مثقال حبة بالرفع كما هو قراءة نافع وحينئذ كان تامة وتأنيثها لاضافة المثقال الى الحبة وقوله يأت بها الله اى للأغتذاء بها { ان الله } من قول لقمان { لطيف } يصل علمه الى كل خفى فان احد معانى اللطيف هو العالم بخفيات الامور ومن عرف انه العالم بالخفيات يحذر ان يطلع عليه فيما هو فيه ويثق به فى علم ما يجهله

برو علم يك ذره بوشيده نيست كه بيدا وبنهان بنزدش يكيست

{ خبير } عالم بكنهه.
قال فى شرح حزب البحر الخبير هو العليم بدقائق الامور التى لا يتوصل اليها غيره الا بالاختيار والاحتيال ومن عرف انه الخبير ترك الرياء والتصنع لغيره بالاخلاص له فالله تعالى لا يخفى عليه شئ فى الارض ولا فى السماء ويحيط باسرار الضمائر وبطون الخواطر ويحاسب عليها سواء كانت فى صخرة النفوس او فى سماء الارواح او فى ارض القلوب.
وفيه تنبيه لاهل المراقبة وتحذير من الملاحظات لاطلاع الحق على نوادر الخطرات وبطون الحركات.
وفى التأويلات النجمية { يا بنى انها } يشير الى المقسومات الازلية من الارزاق والاخلاصات الانسانية والمواهب الالهية { ان تك مثقال حبة من خردل فتكن فى صخرة } اى صخرة العدم { او فى السموات } فى الصورة والمعنى { او فى الارض } فى الصورة والمبنى { يأت بها الله } لمن قدر له وقسم من اسباب السعادة والشقاوة ان شاء بطريق كسب العبد وان شاء يجعل له مخرجا فى حصولها من حيث لا يحتسب { ان الله لطيف } بعباده { خبير } باتيان ما قسم لهم بلطف ربوبيته فالواجب على العبد ان يتق بوعده ويتكل على كرمه فيما قدر له ويسعى الى القيام بعبوديته انتهى.
وفى بعض الكتب ان هذه الكلمة آخر كلمة تكلم بها لقمان فانشقت مرارته من هيبتها فمات انتهى.
يقول الفقير هذا الحضور فى مقام الهيبة من صفات المقربين. وكان ابراهيم عليه السلام اذا صلى يسمع غليان صدره وذلك من استيلاء الهيبة عليه وهذا الغليان يقال له برهان الصدر وقع لنبينا عليه السلام فى مرتبة الا كملية فواعجبا لا مثالنا كيف لا ينجع فينا الوعظ ولا يأخذ بنا معانى اللفظ وليس الا من الغفلة والنسيان وكثرة العصيان

تا نيابى رتبه لقمانرا آتش هيبت نسوزد جانرا
جان عاشق همجو بروانه بود نزد شمع آيدا كر سوزان شود

ومن وصايا لقمان ما قال فى كشف الاسرار [لقمان بسر خويش را بندداد ووصيت كرد كه اى بسر بسورها مروكه ترا رغبت دردنيابديد آيد واخرى بردل توفراموش كردد وكفت كه اى بسر كر سعادت آخرت ميخواهى وزهد دردنيا به تشييع جنازها بيرون شو ومرك رابيش جشم خويش دار ودر دنيا جنان مباش كه عيال ووبال مردم شوى ازدنيا قوت ضرورى بردار وفضول بكذار وازننك زنان تاتوانى برحذر باش وبرزنان بد فرياد خواه بالله كه ايشان دام شيطانند وسبب فتنه]