التفاسير

< >
عرض

قُلْ مَن ذَا ٱلَّذِي يَعْصِمُكُمْ مِّنَ ٱللَّهِ إِنْ أَرَادَ بِكُمْ سُوۤءاً أَوْ أَرَادَ بِكُمْ رَحْمَةً وَلاَ يَجِدُونَ لَهُمْ مِّن دُونِ ٱللَّهِ وَلِيّاً وَلاَ نَصِيراً
١٧
-الأحزاب

روح البيان في تفسير القرآن

{ قل من ذا الذى يعصمكم } مذهب سيبويه على ان من الاستفهامية مبتدأ وذا خبره والذى صفة او بدل منه: والمعنى بالفارسية [آن كيست كه نكاه دارد شمارا] وذهب بعض النحاة الى كون من خبرا مقدما فالمعنى [كيست آنكه] والعصمة الامساك والحفظ { من الله } اى من قضائه { ان اراد بكم سوأ } بالفارسية [بدى] وهو كل ما يسوء الانسان ويغمه والمراد هنا القتل والهزيمة ونحوهما { او اراد بكم رحمة } من عافية ونصرة وغيرهما مما هو من آثار الرحمة قرينة السوء فى العصمة ولا عصمة الا من السوء لان معناه او يصيبكم بسوء ان اراده بكم رحمة فاختصر الكلام كما فى قوله متقلدا سيفا ورمحا اى ومعتقلا رمحا والاعتقال اخذ الرمح بين الركب والسرج.
[وفى التاج] الاعتقال: نيز بميان ساق وركاب برداشتن] { ولا يجدون لهم } اى لانفسهم { من دون الله } متجاوزين الله تعالى { وليا } [دوستى كه نفع رساند] { ولا نصيرا } يدفع الضرر عنهم: وبالفارسية [ونه يا رى كه ضرر باز دارد].
واعلم ان الآية دلت على امور. والاول ان الموت لا بد منه.
قال بعضهم [عمر اكر جه دراز بود جون مرك روى نمود آزان درازى جه سود نوح عليه السلام هزار سال درجهان بسر رده است امروز بنج هزار سالست كه مرده است]

دريغا كه بكذشت عمر عزيز بخواهد كذشت اين دمى جند نيز

قال بعضهم اذا بلغ الرجل اربعين سنة ناداه مناد من السماء دنا فاعدّ زادا.
قال الثورى ينبغى لمن كان له عقل اذا اتى عليه عمر النبى عليه السلام ان يهيئ كفنه.
قال حاتم الاصم ما من صباح الا ويقول الشيطان لى ما تأكل وما تلبس واين تسكن فاقول له آكل الموت والبس الكفن واسكن القبر. والثانى ان الفرار لا يزيد فى الآجال ومن اسوأ حالا ممن سعى لتبديل الآجال والارزاق ورجا دفع ما قدر له انه لاق وانه لا يقيه منه واق.
قال على كرم الله وجهه ان اكرم الموت القتل والذى نفس ابن ابى طالب بيده لالف ضربة بالسيف اهون من موت على فراش فلو لم يكن فى القتل الذى يفر منه الانسان الا الراحة من سكرات الموت لكان فى ذلك ما يوهب الثبات وان لم ينظر الى ما بعده وهو الفوز العظيم وذلك ان شهيد البحر لا الم له اصلا واما شهيد البر فلا يجد من ألم الموت الا كمس قرصة.
قال بعضهم الفار مسلم لنفسه والمقاتل مدافع عنها واذا انقضت مدى الاجل فالمنية لابد منها

بروز اجل نيزة جوشن درد زييراهنى بى اجل نكذرد
كرت زند كانى نبشتست دير نه مارت كز آيدنه شمشير وتير

اما تخشى ايها الفار. ان تدركك المنية فتكون من اصحاب النار. اما تخاف ان يأتيك سهم وانت مول فيسكنك دار البوار. اما تخشى ان تؤسر فتفتن عن دينك او ينوّع عذابك ولا شك عند كل ذى لب ان استقبال الموت اذا كان وقته خير من استدباره وقد اشتاق اهل الله الى لقاء الله: قال المولى العارف فى المثنوى

بس رجال ازنقل عالم شادمان وزبقا اش شادمان اين كودكان
جونكه آب خوش نديد آن مرغ كور ييش او كوثر نمايد آب شور

والثالث ان من اتخذ الله وليا ونصيرا نال ما يتمناه قليلا وكثيرا ونصر اميرا وفقيرا وطاب له وقته مطلقا واسيرا فثبت ثبات الجبال وعامل معاملة الرجال.
قال بعض العارفين فى الآية اشارة الى مدعيى الطلب فانهم يعاهدون الله من قبل الشروع فى الطلب انهم لا يولون ادبارهم عند المحاربة مع الشيطان وعند الجهاد مع النفس فلما شرعوا فى الحرب والجهاد مع احزاب النفس والشيطان وقد حمل كل حزب منهم اسلحتهم واخذوا خدعات الحرب ومكايدها وهم الشجعان الاقوياء والابطال المجربون وعساكر الطلاب المرضى القلوب وهم بعد اغمار غير مجربى القتال والحروب وان كان لهم الاسلحة ولكنهم بمعزل عن استعمالها لضعفهم وعدم العلم بكيفية الاستعمال فاذا قام الحرب ودام الضرب غلب الاقوياء على الضعفاء وانهزام المرضى على الاصحاء

جالش است وخمره خوردن نيست اين

فلم يساعدهم الصدق ولم يعاونهم العشق ولم يذكروا حقيقة قوله { وكان عهد الله مسئولا } ولم يتفكروا فى ان الفرار النافع انما هو الى الله لا من الله فمن فر من موت النفس وقتلها بالمجاهدة فلا يتمتع كالبهائم والانعام فى رياض الدنيا الا قليلا ولا يجد بركة عمره بل يكون الفرار سبب قصر العمر نسأل الله سبحانه ان يعصمنا من الفرار من نحو بابه والاقبال على الادبار عن جنابه انه الولى النصير ذو الفضل الكثير