التفاسير

< >
عرض

إِنَّآ أَرْسَلْنَاكَ بِٱلْحَقِّ بَشِيراً وَنَذِيراً وَإِن مِّنْ أُمَّةٍ إِلاَّ خَلاَ فِيهَا نَذِيرٌ
٢٤
-فاطر

روح البيان في تفسير القرآن

{ انا ارسلناك بالحق } حال من المرسل بالكسر اى حال كوننا محقين او من المرسل بالفتح اى حال كونك محقا او صفة لمصدر محذوف اى ارسالا مصحوبا بالحق وارسلناك بالدين الحق الذى هو الاسلام او بالقرآن { بشيرا } حال كونك بشيرا للمؤمنين بالجنة: وبالفارسية [مرده دهنده] { ونذيرا } منذرا للكافرين بالنار: وبالفارسية [بيم كننده] { وان من امة } اى ما من امة من الامم السالفة واهل عصر من الاعصار الماضية { الا خلا } مضى.
قال الراغب الخلاء المكان الذى لا ساتر فيه من بناء وساكن وغيرهما. والخلو يستعمل فىالزمان والمكان لكن لما تصور فى الزمان المضىّ فسر اهل اللغة قولهم خلا الزمان بقولهم مضى وذهب { فيها } اى فى تلك الامة { نذير } [بيم وآكاه كننده] من نبى او عالم ينذرهم والاكتفاء بالانذار لانه هو المقصود الاهم من البعثة.
قال فى الكواشى واما فترة عيسى فلم يزل فيها من هو على دينه وداع الى الايمان.
وفى كشف الاسرار والآية تدل على ان كل وقت لا يخلو من حجة خبرية وان اول الناس آدم وكان مبعوثا الى اولاده ثم لم يخل بعده زمان من صادق مبلغ عن الله او آمر يقوم مقامه فى البلاغ والاداء حين الفترة وقد قال تعالى
{ { أيحسب الانسان ان يترك سدى } لا يؤمر ولا ينهى.
فان قيل كيف يجمع بين هذه الآية وبين قوله تعالى
{ { لتنذر قوما ما انذر آباؤهم فهم غافلون
} قلت معنى الآية ما من امة من الامم الماضية ولا وقد ارسلت اليهم رسولا ينذرهم على كفرهم ويبشرهم على ايمانهم اى سوى امتك التى بعثناك اليهم يدل على ذلك قوله { { وما ارسلنا اليهم قبلك من نذير } وقوله { { لتنذر قوما ما انذر آباؤهم } وقيل المراد ما من امة هلكوا بعذاب الاستئصال الا بعد ان اقيم عليهم الحجة بارسال الرسول بالاعذار والانذار انتهى ما فى كشف الاسرار وهذا الثانى هو الانسب بالتوفيق بين الآيتين يدل عليه ما بعده من قوله { { وان يكذبوك } الخ والا فلا يخفى ان اهل الفترة ما جاءهم نذير على ما نطق به قوله تعالى { { ما انذر آباؤهم } ويدل ايضا ان كل امة انذرت من الامم ولم تقبل استؤصلت فكل امة مكذبة معذبة بنوع من العذاب وتمام التوفيق بين الآيتين يأتى فى يس