التفاسير

< >
عرض

وَضَرَبَ لَنَا مَثَلاً وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَن يُحيِي ٱلْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ
٧٨
-يس

روح البيان في تفسير القرآن

{ وضرب لنا مثلا } عطف على الجملة الفجائية اى ففاجأ خصومتنا وضرب لنا مثلا اى اورد فى شأننا قصة عجيبة فى نفس الامر وهى فى الغرابة والبعد عن العقول كالمثل وفى انكار احيانا العظام ونفى قدرتنا عليه.
قال ابن الشيخ المثل يستعار للامر العجيب تشبيها له فى الغرابة بالمثل العرفى الذى هو القول السائر ولا شك ان نفى قدرة الله على البعث مع انه من جملة الممكنات وانه تعالى على كل شئ قدير من اعجب العجائب { ونسى خلقه } عطف على ضرب داخل فى حيز الانكار والتعجيب والمصدر مضاف الى المفعول اى خلقنا اياه من النطفة اى ترك التفكر فى بدء خلقه ليدله ذلك على قدرته على البعث فانه لا فرق بينهما من حيث ان كلا منهما احياء موات وجماد.
وقال البقلى فى خلق الانسان والوجوه الحسان من علامات قدرته اكثر مما يكون فى الكون لان الكونين والعالمين فى الانسان مجموعون وفيه علمه معلوم لو عرف نفسه فقد عرف ربه لان الخليقة مرآة الحقيقة تجلت الحقيقة فى الخليقة لاهل المعرفة ورب قلب ميت احياه بجمالته بعد موته بجهالته { قال } استئناف وقع جوابا عن سؤال نشأ عن حكاية ضرب المثل كأنه قيل أى مثل ضرب او ماذا قال فقيل قال { من يحيى العظام } منكرا له اشد النكير مؤكدا له بقوله { وهى رميم } اى بالية اشد البلى بعيدة من الحياة غاية البعد حيث لاجلد عليها ولا لحم ولا عروق ولا اعصاب يقال رمّ العظم يرم رمة بكسر الراء فيهما اى بلى فهو رميم وعدم تأنيث الرميم مع وقوعه خبرا للمؤنثة لانه اسم لما بلى من العظام غير صفة كالرفات.
وقد تمسك بظاهر الآية الكريمة من اثبت للعظم حياة وبنى عليه الحكم بنجاسة عظم الميت وهو الشافعى ومالك واحمد واما اصحابنا الخنفية فلا يقولون بنجاسته كالشعر ويقولون المراد باحياء العظام ردها الى ما كانت عليه من الغضاضة والرطوبة فى بدن حى حساس.
واختلفوا فى الآدمى هل يتنجس بالموت.
فقال ابو حنيفة يتنجس لانه دموى الا انه يطهر بالغسل كرامة له وتكره الصلاة عليه فى المسجد.
وقال الشافعى واحمد لا يتنجس به ولا تكره الصلاة عليه فيه وعن مالك خلاف والاظهر الطهارة واما الصلاة عليه فى المسجد فالمشهور من مذهبه كراهتها كقول ابى حنيفة