التفاسير

< >
عرض

إِلاَّ مَنْ خَطِفَ ٱلْخَطْفَةَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ ثَاقِبٌ
١٠
-الصافات

روح البيان في تفسير القرآن

{ الا من خطف الخطفة } استثناء من واو يسمعون ومن بدل منه. والخطف الاختلاس بسرعة والمراد اختلاس الكلام اى كلام الملائكة مسارقة كما يعرب عنه تعريف الخطفة اى لا يسمع جماعة الشياطين الا الشيطان الذى خطف اى اختلس الخطفة اى المرة الواحدة يعنى كلمة واحدة من كلام الملائكة: وبالفارسية [وانرا قوت استماع كلام ملائكه نيست مكر كسى كه درربايد يك ربودن يعنى بد زدد سخنى ازفرشته] { فاتبعه } اى طبعه ولحقه: وبالفارسية [بس ازبى در آيد اورا].
قال ابن الكمال الفرق بين اتبعه وتبعه انه يقال اتبعه اتباعا اذا طلب الثانى اللحوق بالاول وتبعه تبعا اذا مر به ومضى معه { شهاب }.
قال فى القاموس الشهاب ككتاب شعلة من نار ساطعة انتهى والمراد هنا ما يرى منقضا من السماء { ثاقب }.
قال فى المفردات الثاقب النير المضيء يثقب بنوره واضاءته ما يقع عليه انتهى.
اى مضئ فى الغاية كأنه يثقب الجو بضوئه يرجم به الشياطين اذا صعدوا لاستراق السمع.
"وعن ابن عباس رضى الله عنهما قال بينما رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم جالس فى نفر من اصحابه اذرمى بنجم فاستنار فقال عليه السلامما كنتم تقولون لمثل هذا فى الجاهلية فقالوا يموت عظيم او يولد عظيم فقال انه لا يرمى لموت احد ولا لحياته ولكن الله اذا قضى امرا يسبحه حملة العرش واهل السماء السابعة يقولون اى اهل السماء السابعة (لحملة العرش ماذا قال ربكم فيخبرونهم فيستخبر اهل كل سماء اهل سماء حتى ينتهى الخبر الى السماء الدنيا فيتخطب الجن فيرمون فما جاؤا به على وجهه فهو حق ولكنهم يزيدون فيه ويكذبون فما ظهر صدقه فهو من قسم ما سمع من الملائكة وما ظهر كذبه فهو من قسم ما قالوه)" قيل كان ذلك فى الجاهلية ايضا لكن غلظ المنع وشدّد حين بعث النبى عليه السلام. قيل هيئة استراقهم ان الشياطين يركب بعضهم بعضا الى السماء الدنيا فيسمع من فوقهم الكلام فيلقيه الى من تحته ثم هو يلقيه الى الآخر حتى الى الكاهن فيرمون بالكوكب فلا يخطئ ابدا فمنهم من يقتل ومنهم من يحرق بعض اعضائه واجزائه ومنهم من يفسد عقله وربما ادركه الشهاب قبل ان يلقيه وربما القاه قبل ان يدركه ولاجل ان يصيبهم مرة ويسلمون اخرى لا يرتدعون عن الاستراق بالكلية كراكب البحر للتجارة فانه قد يصيبه الموج وقد لا يصيبه فلذا يعود الى ركوب البحر رجاء السلامة.
ولا يقال ان الشيطان من النار فلا يحترق لانه ليس من النار الصرف كما ان الانسان ليس من التراب الخالص مع ان النار القوية اذا استولت على الضعيفة استهلكتها ثم ان المراد بالشهاب شعلة نار تنفصل من النجم لا انه النجم نفسه لانه قار فى الفلك على حاله.
وقالت الفلاسفة ان الشهب انما هى اجزاء نارية تحصل فى الجو عند ارتفاع الابخرة المتصاعدة واتصالها بالنار التى دون الفلك انتهى.
وقال بعض كبار اهل الحقيقة لولا الاثير الذى هو بين السماء والارض ما كان حيوان ولا نبات ولا معدن فى الارض لشدة البرد الذى فى السماء الدنيا فهو يسخن العالم لتسرى فيه الحياة بتقدير العزيز العليم وهذا الاثير الذى هو ركن النار متصل بالهواء والهواء حار رطب ولما فى الهواء من الرطوبة اذا اتصل بهذا الاثير اثر فيه لتحركه اشتعالا فى بعض اجزاء الهواء الرطبة فبدت الكواكب ذوات الاذنات لانها هواء محترق لا مشتعل وهى سريعة الاندفاع وان اردت تحقيق هذا فانظر الى شرر النار اذا ضرب الهواء النار بالمروحة يتطاير منها شرر مثل الخيوط فى رأى العين ثم تنطفئ كذلك هذه الكواكب وقد جعلها الله رجوما للشياطين الذين هم كفار الجن كما قال الله تعالى انتهى كلامه قدس سره.
قال بعضهم لما كان كل نير يحصل فى الجو مصابيح لاهل الارض فيجوز ان تنقسم الى ما تكون باقية على وجه الدهر آمنة من التغير والفساد وهى الكواكب المركوزة فى الافلاك والى ما لا تبقى بل تضمحل وهو الحادث بالبخار الصاعد على ما ذهب اليه الفلاسفة او بتحريك الهواء الاثير واشعاله على ما ذهب اليه بعض الكبار فلا يبعد ان يكون هذا الحادث رجما للشيطان.
يقول الفقير اغناه الله القدير قول بعض الكبار يفيد حدوث بعض الكواكب ذوات الاذناب من التحريك المذكور وهى الكواكب المنقضة سواء كانت ذوات اذناب اولا وهذا لا ينافى ارتكاز الكواكب الغير الحادثة فى افلاكها او تعليقها فى السماء او بايدى الملائكة كالقناديل المعلقة فى المساجد او كونها ثقبا فى السماء او عروقا نيرة من الشمس على ما ذهب الى كل منها طائفة من اهل الظاهر والحقيقة.
قال قتادة جعل الله النجوم لثلاث زينة للسماء ورجوما للشياطين وعلامات يهتدى بها فمن تأول فيها غير ذلك فقد تكلف ما لا علم له به. فعلى طالب الحق ان يرجم شيطانه بنور التوحيد والعرفان كيلا يحوم حول جنانه ويكون كالملأ الاعلى فى الاشتغال بشانه

كاه كويى اعوذ وكه لاحولليك فعلت بود مكذب قول
بحقيقت بسوز شيطانرا ساز از نور حال درمانرا