التفاسير

< >
عرض

رُدُّوهَا عَلَيَّ فَطَفِقَ مَسْحاً بِٱلسُّوقِ وَٱلأَعْنَاقِ
٣٣

روح البيان في تفسير القرآن

{ ردوها علىّ } من تمام مقالة سليمان ومرمى غرضه من تقديم ما قدمه والخطاب لاهل العرض من قومه اى اعيدوا تلك الخيل على { فطفق مسحا بالسوق والاعناق } الفاء فصيحة مفصحة عن جملة قد حذفت ثقة بدلالة الحال عليها وايذانا بغاية سرعة الامتثال بالامر وطفق من افعال المقاربة الدالة على شروع فاعلها فى مضمون الخبر فهو بمعنى اخذ وشرع وخبر هذه الافعال يكون فعلا مضارعا فى الاغلب ومسحا نصب على المصدرية بفعل مقدر هو خبر طفق والمسح امرار اليد على الشىء والجمهور على ان المراد به هنا القطع من قولهم مسح علاوته اى ضرب عنقه وقطع رأسه والعلاوة بالكسر اعلى الرأس او العنق
قال فى المفردات مسحته بالسيف كناية عن الضرب والسوق جمع ساق كدور ودار والساق ما بين الكعبين كعب الركبة وكعب الرجل. والاعناق جمع عنق بالفارسية [كردن] والباء مزيدة كما فى قوله تعالى
{ { وامسحوا برؤسكم } فان مسحت رأسه ومسحت برأسه بمعنى واحد. والمعنى فردوها عليه فاخذ يمسح بالسيف مسحا سوقها واعناقها اى يقطع اعناقها ويعرقب ارجلها اى هو واصحابه او يذبح بعضها ويعرقب بعضها ازالة للعلاقات ورفعا للحجاب الحائل بينه وبين الحق واستغفارا وانابة اليه بالترك والتجريد
وفى الآية اشارة الى ان حب غير الله شاغل عن الله وموجب للحجاب وان كل محبوب سوى الله اذا حجبك عن الله لحظة يلزمك ان تعالجه بسيف نفى لا اله الا الله

"لا" نهنكيست كائنات آشام عرش تا فرش در كشيده بكام
هر كجا كرده آن نهنك آهنك ازمن وما نه بودى ماند ونه رنك

وقال الامام فى تفسيره الصواب ان يقال ان رباط الخيل كان مندوبا اليه فى دينهم كما هو مندوب اليه فى شرعنا ثم ان سليمان عليه السلام احتاج الى الغزو فجلس على كرسيه وامر باحضار الخيل وامر باجرائها وذكر انى لا اجريها لاجل الدنيا وحظ النفس وانما جريها واحبها لامر الله تعالى وتقوية دينه وهو المراد من قوله عن ذكر ربى ثم انه امر باجرائها وتسييرها حتى توارت بالحجاب اى غابت عن بصره فانه كان له ميدان واسع مستدير يسابق فيه بين الخيل حتى تتوارى عنه وتغيب عن عينه ثم انه امر الرائضين بان يردوها فردوا تلك الخيل اليه فلما عادت اليه طفق يمسح سوقها واعناقها اى بيده حبا لها وتشريفا وابانة لعزتها لكونها من اعظم الاعوان فى قهر الاعداء واعلاء الدين وهو قول الزهرى وابن كيسان وليس فيه نسبة شىء من المنكرات الى سليمان عليه السلام فهو احق بالقبول عند اولى الافهام
وفى الفتوحات المكية معنى الآية احببت الخير عن ذكر ربى الخير بالخيرية فاحببته لذلك والخير هى الصافنات الجياد من الخيل واما قوله فطفق مسحا اى يمسح بيده على اعناقها وسوقها فرحا واعجابا بخير ربه لا فرحا بالدنيا لان الانبياء منزهون عن ذلك وهذه تشبه ما وقع لايوب عليه السلام حين ارسل الله له جرادا من ذهب فصار يحثو فى ثوبه منه ويقول لا غنى لى عن بركتك يا رب فما احب سليمان الخير الا لكونه تعالى احب حب الخير ولذلك اشتاق اليها لما توارت بالحجاب يعنى الصافنات الجياد لكونه فقد المحل الذى اوجب له حب الخير عن ذكر ربه فقال ردوها علىّ. وليس للمفسرين الذين جعلوا التوارى للشمس دليل فان الشمس ليس لها هنا ذكر ولا الصلاة التى يزعمون ومساق الآية لا يدل على ما قالوه بوجه ظاهر البتة انتهى كلام الفتوحات
وعن على رضى الله عنه اشتغل سليمان عليه السلام بعرض الافراس للجهاد حتى تورات بالحجاب اى غربت الشمس فقال بامر الله للملائكة الموكلين بالشمس ردوها يعنى الشمس فردوها الى موضع وقت العصر حتى صلى العصر فى وقتها فذلك من معجزات سليمان عليه السلام
قال فى كشف الاسرار [سليمان عليه السلام درراه خدا آن همه اسبان فدا كرد ودل ازان زينت وآرايش دنيا بر داشت وباعبادت الله برداخت لاجرم رب العزة اورا به ازان عوض داد بجاى اسبان بادرا مركب اوساخت وبسبب آن اندوه كه بوى رسيد برفوت عبادت فرشته قرص آفتاب ازمغرب باز كردانيد از بهروى تانماز ديكر بوقت خويش بكزارد و آن ويرا معجزه كشت وجنانكه اين معجزه ازبهر سليمان بيغمبر بيدا كشت درين امت ازبهر امير المؤمنين على رضى الله عنه ازروى كرامت بيداكشت درخبرست مصطفى عليه السلام سربر كنار على نهاد وبخفت على نماز ديكر نكرده بود نخواست كه خواب بررسول قطع كند مرد عالم بود كفت نماز طاعت حق وخدمت راست رسول طاعت حق همجنان مى بود تاقرص آفتاب بمغرب فروشد مصطفى عليه السلام از خواب درآمد على كفت يا رسول الله وقت نماز ديكر فوت شد ومن نماز نكردم رسول كفت اى على جرانماز نكردى كفت نخواستم كه لذت خواب برتو قطع كنم جبريل آمدكه يا محمد حق تعالى مرا فرمود تاقرص آفتاب را از مغرب باز آرم تا على نماز ديكر بوقت بكزارد بعض ياران كفتند قرص آفتاب را جندان باز آوردكه شعاع آفتاب ديدم كه بر ديوار هاى مدينه مى تافت
قال الكاشفى وانكه آفتاب بدعاى حضرت بيغمبر عليه السلام در صهباى خيبر بعد از غروب بازكشت وبجاى عصر آمد تا حضرت على رضى الله عنه نماز كزارد ونزد محدثان مشهورست وامام طحاوى در شرح آثار خويش فرمودكه روات اين ثقات اند وازاحمد ابن صالحرحمه الله نقل كرده كه اهل علم را سزاوار نيست كه تغافل كنند از حفظ اين حديث كه از علامات نبوتست] ولا عبرة بقول بعضهم بوضعه

كه دعوتش كرفته كريبان آفتاب بالا كشيده ازجه مغرب برآ سمان
كه قرص بدررا بسر كردخوان جرخ دستش دونيم كرده بيك ضربت بنان

واعلم ان حبس الشمس وردها وقع مرارا ومعنى حبسها وقوفها عن السير والحركة بالكلية او بطؤ حركتها او ردها الى ورائها ومعنى ردها اعادتها بعد غروبها ومغيبها فقد حبست لداود عليه السلام وذلك فى رواية ضعيفة وردت لسليمان على ما قرر. وحبست ايضا لخليفة موسى عليه السلام وهو يوشع بن نون فانه سار مع بنى اسرائيل لقتال الجبارين وكان يوم الجمعة ولما كاد يفتحها كادت الشمس تغرب فقال للشمس ايتها الشمس انك مأمورة وانا مأمور بحرمتى عليك ألا ركدت اى مكثت ساعة من النهار وفى رواية اللهم احبسها علىّ فحبسها الله حتى افتتح المدينة وانما دعا بحبسها خوفا من دخول البيت المحرم عليهم فيه المقاتلة. وردت ايضا لعلى رضى الله عنه بدعاء نبينا عليه السلام على ما سبق. وحبست ايضا على الغروب لنبينا عليه السلام وذلك انه اخبر فى قصة المعراج ان عير قريش تقدم يوم كذا فلما كان ذلك اليوم اشرفت قريش ينتظرون ذلك وقد ولى النهار حتى كادت الشمس تغرب فدعا الله تعالى فحبس الشمس عن الغروب حتى قدمت العير وفى بعض الروايات حبست له عن الطلوع لانه عليه السلام قال "وتطلع العير عليكم من الثنية عند طلوع الشمس" فحبس الله الشمس عن الطلوع حتى قدمت العير. وحبست ايضا له عليه السلام فى بعض ايام الخندق الى الاحمرار والاصفرار وصلى حينئذ وفى بعضها لم تحبس بل صلى بعد الغروب واليه الاشارة بقوله عليه السلام "شغلونا عن الصلاة الوسطى" اى عن صلاة العصر
وفى كلام سبط ابن الجوزى ان قيل حبسها ورجوعها مشكل لانها لو تخلفت او ردّت لاختلت الافلاك وفسد النظام قلنا حبسها وردها من باب المعجزات ولا مجال للقياس فى خرق العادات. وذكر انه وقع لبعض الوعاظ ببغداد انه قعد يعظ بعد العصر ثم اخذ فى ذكر فضائل آل البيت فجاءت سحابة غطت الشمس وظن الناس الحاضرون عنده ان الشمس غابت فارادوا الانصراف فاشار اليهم ان لا يتحركوا ثم ادار وجهه الى ناحية المغرب وقال

لا تغربى يا شمس حتى ينتهى مدحى لآل المصطفى ولنجله
ان كان للمولى وقوفك فليكن هذا الوقوف لولده ولنسله

فطلعت الشمس فلا يحصى ما رمى عليه من الحلىّ والثياب هذا كلامهرحمه الله سبحانه وتعالى