التفاسير

< >
عرض

وَقَالَ فِرْعَوْنُ ذَرُونِيۤ أَقْتُلْ مُوسَىٰ وَلْيَدْعُ رَبَّهُ إِنِّيۤ أَخَافُ أَن يُبَدِّلَ دِينَكُـمْ أَوْ أَن يُظْهِرَ فِي ٱلأَرْضِ ٱلْفَسَادَ
٢٦
-غافر

روح البيان في تفسير القرآن

{ وقال فرعون } لملئه { ذرونى } خلوا عنى واتركونى يقال ذره اى دعه يذره تركا ولا تقل وذرا واصله وذره يذره كوسعه يسعه لكن ما نطقوا بماضيه ولا بمصدره ولا باسم الفاعل كما فى القاموس { اقتل موسى } فانى اعلم أن صلاح ملكى فى قتله وكان اذا هم بقتل موسى عليه السلام كفه ملأه بقولهم ليس هذا بالذى تخافه فانه اقل من ذلك واضعف وما هو الا بعض السحرة وبقولهم اذا قتلته ادخلت على الناس شبهة واعتقدوا أنك عجزت عن معارضته بالحجة وعدلت الى المقارعة بالسيف واوهم اللعين انهم هم الكافون له عن قتله ولولاهم لقتله وما كان الذى يكفه الا ما فى نفسه من الفزع الهائل وذلك أنه تيقن نبوة موسى ولكن كان يخاف ان هم بقتله أن يعاجل بالهلاك { وليدع ربه } الذى يزعم أنه ارسله كى يمنعه منى يعنى تاقتل من ازوبازدارد.
وهو يخاف منه ظاهرا ويخاف من دعاء ربه باطنا والا فما له يقيم له وزنا ويتكلم بذلك { انى اخاف } ان لم اقتله { ان يبدل دينكم } اى يغير ما انتم عليه من الدين الذى هو عبارة عن عبادته وعبادة الاصنام لتقربهم اليه { او ان يظهر فى الارض الفساد } ما يفسد دنياكم من التحارب والتهارج ان لم يقدر على تبديل دينكم بالكلية فمعنى او وقوع احد الشيئين وفى الآية اشارة الى أن فرعون من عمى قلبه ظن أن الله يذره ان يقتل موسى بحوله وقوته او يذره قومه ولم يعلم أن الله يهلكه ويهلك قومه وينجى موسى وقومه وقد خاف من تبديل الدين او الفساد فى الارض ولم يخف هلاك نفسه وهلاك قومه وفساد حالهم فى الدارين