التفاسير

< >
عرض

فَلِذَلِكَ فَٱدْعُ وَٱسْتَقِمْ كَمَآ أُمِرْتَ وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَآءَهُمْ وَقُلْ آمَنتُ بِمَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ مِن كِتَابٍ وَأُمِرْتُ لأَعْدِلَ بَيْنَكُمُ ٱللَّهُ رَبُّنَا وَرَبُّكُمْ لَنَآ أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ لاَ حُجَّةَ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ ٱللَّهُ يَجْمَعُ بَيْنَنَا وَإِلَيْهِ ٱلْمَصِيرُ
١٥
-الشورى

روح البيان في تفسير القرآن

{ فلذلك } اى فلاجل ما ذكر من التفرق والشك المريب او فلأجل أنه شرع لهم الدين القويم القديم الحقيق بان يتنافس فيه المتنافسون { فادع } الناس كافة الى اقامة ذلك الدين والعمل بموجبه فان كلا من تفرقهم وكونهم فى شك مريب ومن شرع ذلك الدين لهم على لسان رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم سبب للدعوة اليه والامر بها وليس المشار اليه ما ذكر من التوصية والامر بالاقامة والنهى عن التفرق حتى يتوهم شائبة التكرار وفيه اشارة الى افتراق اهل الاهواء والبدع ثنتين وسبعين فرقة ودعوتهم الى صراط مستقيم السنة لابطال مذاهبهم وفى الحديث "من انتهر" اى منع بكلام غليظ "صاحب بدعة" سيئة مما هو عليه من سوء الاعتقاد والفحش من القول والعمل "ملأ الله قلبه امنا وايمانا ومن اهان صاحب بدعة آمنه الله يوم القيامة من الفزع الاكبر" وهو حين الانصراف الى النار كما قال ابن السماك ان الخوف المنصرف للمتفرقين قطع نياط قلوب العارفين وقال فى البزازية روى ان ابن المبارك رؤى فى المنام فقيل له ما فعل ربك بك فقال عاتبنى واوقفنى ثلاثين سنة بسبب انى نظرت باللطف يوما الى مبتدع فقال انك لم تعاد عدوى فى الدين فكيف حال القاعد بعد الذكر مع القوم الظالمين { واستقم } عليه وعلى الدعوة اليه { كما امرت } واوحى اليك من عند الله تعالى والمراد الثبات والدوام عليهما لأنه كان مستقيما فى هذا المعنى وفى الحديث "شيبتنى هود واخواتها فقيل له لم ذلك يا رسول الله فقال لأن فيها فاستقم كما امرت" وهذا الخطاب له عليه السلام بحسب قوته فى امر الله وقال هو لأمته بحسب ضعفهم استقيموا ولن تحصوا اى لن تطيقوا الاستقامة التى امرت بها فحقيقة الاستقامة لا يطيقها الا الانبياء واكابر الاولياء لانها الخروج من المعهودات ومفارقة الرسوم والعادات والقيام بين يدى الحق على حقيقة الصدق (قال الكاشفى) درتبيان آورده كه وليد مغيره بآن حضرت كفت ازدين ودعوى كه دارى رجوع كن تا من نصفى ازاموال خودبتودهم وشيبه وعده كرده كه اكر بدين بدران بازآيى دختر خود درعقد توارم اين آيت نازل شدكه بردعوت خود مقيم ودر دين وملت خودمسنقيم باش { ولا تتبع اهوآءهم } المختلفة الباطلة والضمير للمشركين وكانوا يهوون ان يعظم عليه السلام آلهتهم وغير ذلك وفى الخبر "لكل شىء آفة وآفة الدين الهوى"

هواوهوس رانماند ستيز جو بيند سربجه عقل تيز

{ وقل آمنت بما انزل الله من كتاب } اى كتاب كان من الكتب المنزلة لا كالذين آمنوا ببعض منها وكفروا ببعض وذلك فان كلمة ما من الفاظ العموم وفيه اشارة الى وجوب الايمان بجميع الحقائق وان اختلف مظاهرها فان كلها الهام صحيح من الله تعالى { وامرت } بذلك { لأعدل بينكم } بين شريفكم ووضيعكم فى تبليغ الشرآئع والاحكام وفصل القضايا عند المحاكمة والمخاصمة الى فاللام على حقيقتها والمأمور به محذوف او زائدة والباء محذوفة اى امرت بأن اعدل واسوى بين شريفكم ووضيعكم فلا اخص البعض بامر او نهى قوله وقل آمنت الخ تعليم من الله لاستكمال القوة النظرية وقوله وامرت الخ لاستكمال القوة العملية روى أن داود عليه السلام قال ثلاث خصال من كن فيه فهو الفائز القصد فى الغنى والفقر والعدل فى الرضى والغضب والخشية فى السر والعلانية وثلاث من كن فيه اهلكته شح مطاع وهوى متبع واعجاب المرء بنفسه واربع من اعطيهن فقد اعطى خير الدنيا والآخرة لسان ذاكر وقلب شاكر وبدن صابر وزوجة مؤمنة وفى التأويلات النجمية لأعدل بينكم اى لأسوى بين اهل الاهوآء وبين اهل السنة بترك البدعة ولزوم الكتاب والسنة ليندفع الافتراق ويكون الاجتماع { الله ربنا وربكم } اى خالقنا جميعا ومتولى امورنا لا الاصنام والهوى { لنا اعمالنا } لا يتخطانا جزآؤها ثوابا كان او عقابا { ولكم اعمالكم } لا يجاوزكم آثارها لا نستفيد بحسناتكم ولا نتضرر بسيئاتكم { لا حجة بيننا وبينكم } الحجة فى الاصل البرهان والدليل ثم يقال لا حجة بيننا وبينكم اى لا ايراد حجة بيننا ويراد به لا خصومة بيننا بناء على أن ايراد الحجة من الجانبين لازم للخصومة فيكنى بذكر اللازم عن الملزوم فالمعنى لا محاجة ولا خصومة لأن الحق قد ظهر ولم يبق للمحاجة حاجة ولا للمخالفة محمل سوى المكابرة وفيه اشارة الى أنه لا خصومة بالاهدآء والمعصية { الله يجمع بيننا } يوم القيامة { واليه المصير } مرجع الكل لفصل القضاء فيظهر هناك حالنا وحالكم وليس فى الآية الا ما يدل على المتاركة فى المقاولة لا مطلقا حتى لا تكون منسوخة بآية القتال يعنى هذه الآية انما تدل على المتاركة القولية لحصول الاستغناء عن المحاجة القولية معهم لأنهم قد عرفوا صدقه من الحجج وانما كفروا عنادا وبعد ما ظهر الحق وصاروا محجوبين كيف يحتاج الى المحاجة القولية فلا يبقى بعد هذا الا السيف او الاسلام وقد قوتلوا بعد ذلك فعلى العبد قبول الحق بعد ظهوره والمشى خلف النصح بعد اضاءة نوره فان المصير الى الله والدنيا دار عبور وان الحضور فى الآخرة والدنيا دار التفرق والفتور فلا بد من التهيئ للموت قال ابراهيم بن ادهم قدس سره لرجل فى الطواف اعلم انك لا تنال درجة الصالحين حتى تجوز ست عقبات اولاها تغلق باب النعمة وتفتح باب الشدة والثانية تغلق باب العز وتفتح باب الذل والثالثة تغلق باب الراحة وتفتح باب الجهد والرابعة تغلق باب النوم وتفتح باب السهر والخامسة تغلق باب الغنى وتفتح باب الفقر والسادسة تغلق باب الامل وتفتح باب الاستعداد للموت وانشدوا

ان لله عبادا فطنا طلقوا النيا وخافوا الفتنا
نظروا فيها فلما علموا انها ليس لحى وطنا
جعلوها لجة واتخذوا صالح الاعمال فيها سفنا

(وفى المثنوى)

ملك برهم زن تو آدم وارزود تبابيابى همجو او ملك خلود
اين جهان خودحبس جانهاى شماست هين رويدان سوكه صحراى شماست