التفاسير

< >
عرض

وَمَآ أَصَـٰبَكُمْ مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُواْ عَن كَثِيرٍ
٣٠
-الشورى

روح البيان في تفسير القرآن

{ وما اصابكم } وهرجه شمارا رسدا اى مؤمنان.
فما شرطية وقال بعضهم موصول مبتدأ دخلت الفاء فى خبره لتضمنه معنى الشرط اى الذى وصل اليكم ايها الناس { من مصيبة } اى مصيبة كانت من الآلام والاسقام والقحط والخوف حتى خدش العود وعثرة القدم واختلاج العرق وغير ذلك فى البدن او فى المال او فى الاهل والعيال ويدخل فيها الحدود على المعاصى كما انه يدخل فى قوله ويعفوا عن كثير ما لم يجعل له حد { فبما كسبت ايديكم } اى فهو بسبب معاصيكم التى اكتسبتموها فان ذكر الايدى لكون اكثر الاعمال مما يزاول بها فكل نكد لاحق انما هو بسبب ذنب سابق أقله التقصير (وفى المثنوى)

هرجه برتو آيد از ظلمات غم آن ربى باكى وكستاخيست هم

وفى الحديث "لا يرد القدر الا بالدعاء ولا يزيد فى العمر الا البر وان الرجل ليحرم الرزق بالذنب يصيبه" قوله لا يرد الخ لان من جملة القضاء رد البلاء بالدعاء فالدعاء سبب لدفع البلاء وجلب الرحمة كما ان الترس سبب لدفع السلاح والماء سبب لخروج النباتات من الارض قال الضحاك ما تعلم رجل القرءآن ثم نسيه الا بذنب واى معصية اقبح من نسيان القرءآن وتلا الآية { ويعفوا عن كثير } من الذنوب فلا يعاقب عليها ولولا عفوه وتجاوزه ما ترك على ظهرها من دابة وفى الآية تسلية لقلوب العباد واهل المصائب يعنى ان اصابتكم مصيبة الذنوب والمعاصى الموجبة للعقوبة الاخروية الابدية تداركناها باصابة المصيبة الدنيوية الفانية لتكون جزآء لما صدر منكم من سوء الادب وتطهير لما تلوثتم به من المعاصى ثم اذا كثرت الاسباب من البلايا على عبد وتوالى عليه ذلك فليفكر فى افعاله المذمومة لم حصلت منه حتى يبلغ جزآء ما يفعله مع عفو الكثير هذا المبلغ فعند هذا يزداد حزنه وأسفه وخجلته لعلمه بكثرة ذنوبه وعصيانه وغاية كرم ربه وعفوه وغفرانه قيل لابى سليمان الدارانى قدس سره ما بال العقلاء ازالوا اللوم عمن اساء اليهم قال لانهم علموا ان الله تعالى انما ابتلاهم بذنوبهم وقرأ هذه الاية