التفاسير

< >
عرض

فَتَرَى ٱلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَىٰ أَن تُصِيبَنَا دَآئِرَةٌ فَعَسَى ٱللَّهُ أَن يَأْتِيَ بِٱلْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِّنْ عِندِهِ فَيُصْبِحُواْ عَلَىٰ مَآ أَسَرُّواْ فِيۤ أَنْفُسِهِمْ نَادِمِينَ
٥٢
-المائدة

روح البيان في تفسير القرآن

{ فترى } يا محمد او كل من له اهلية للخطاب رؤية بصرية { الذين فى قلوبهم مرض } اى مرض النفاق ورخاوة العقد فى الدين { يسارعون فيهم } حال من الموصول اى مسارعين فى موالاتهم ومعاونتهم وايثار فى على الى للدلالة على انهم مستقرون فى الموالاة وانما مسارعتهم من بعض مراتبها الى بعض آخر منها والمراد بهم عبد الله بن ابى واضرابه الذين كانوا يسارعون فى موادة اليهود والنصارى نجران وكانوا يعتذرون الى المؤمنين بانهم لا يؤمنون ان تصيبهم صروف الزمان كما قال تعالى { يقولون } معتذرين { نخشى أن تصيبنا دائرة } وهو حال من ضمير يسارعون والدائرة من الصفات الغالبة التى لا يذكر معها موصوفها اى يدور علينا دائرة من دوائر الدهر ودولة من دوله بان ينقلب الامر وتكون الدولة للكفار وقيل نخشى ان يصيبنا مكروه من مكاره الدهر كالجدب والقحط فلا يعطونا الميرة والقرض ولعلهم كانوا يظهرون للمؤمنين انهم يريدون بالدوائر المعنى الاخير ويضمرون فى انفسهم المعنى الاول { فعسى الله ان يأتى بالفتح } رد من جهة الله تعالى لعللهم الباطلة وقطع لاطماعهم الفارغة وتبشير للمؤمنين بالظفر فان عسى منه سبحانه وعد محتوم لما ان الكريم اذا اطمع اطعم لا محالة فما ظنك باكرم الاكرمين. والمراد بالفتح فتح مكة او فتح قرى اليهود من خيبر وفدك او هو القضاء الفصل بنصره عليه السلام على من خالفه واعزاز الدين.
قال الحدادى وسمى النصر فتحا لان فيه فتح الامر المغلق { أو أمر من عنده } بقطع شأفة اليهود من القتل والاجلاء. والشأفة قرحة تخرج فى اسفل القدم فتكوى وتذهب يقال فى المثل استأصل الله شأفته اى اذهبه الله كما ذهب تلك القرحة بالكى { فيصبحوا } اى اولئك المنافقون المتعللون بما ذكر { على ما أسروا فى أنفسهم نادمين } وهو ما كانوا يكتمون فى انفسهم من الكفر والشك فى امره صلى الله عليه وسلم.