التفاسير

< >
عرض

وَمَن يَتَوَلَّ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ فَإِنَّ حِزْبَ ٱللَّهِ هُمُ ٱلْغَالِبُونَ
٥٦
-المائدة

روح البيان في تفسير القرآن

{ ومن يتول الله ورسوله والذين آمنوا } اى ومن يتخذهم اولياء { فان حزب الله هم الغالبون } اى فانهم الغالبون ولكن وضع الظاهر موضع المضمر تنبيها على البرهان عليه وكأنه قيل ومن يتول هؤلاء فهم حزب الله وحزب الله هم الغالبون وتشريفا لهم باضافتهم اليه تعالى وتعريضا بمن يوالى غير هؤلاء بانه حزب الشيطان وحزب الرجل اصحابه والحزب الطائفة يجتمعون لأمر حزبهم اى اصابهم. واعلم ان الغلبة على اعداء الله الظاهرة والباطنة كالهوى والنفس والشيطان انما تحصل بنصرة الله تعالى كما قال تعالى { { إن تنصروا الله ينصركم } [محمد: 7].
وليست النصرة والغلبة الا بتأثير الله تعالى وهو المعز وكل العزة منه تعالى ـ وروى ـ ان الله تعالى شكا من هذه الامة ليلة المعراج شكايات. الاولى انى لم اكلفهم عمل الغد وهم يطلبون منى رزق الغد. والثانية انى لا ارفع ارزاقهم الى غيرهم وهم يرفعون عملهم الى غيرى. والثالثة انهم يأكلون رزقى ويشكرون غيرى ويخونون معى ويصالحون خلقى. والرابعة ان العزة لى وانا المعز وهم يطلبون العزة من سواى. والخامسة انى خلقت النار لكل كافر وهم يجتهدون ان يوقعوا انفسهم فيها فمن اتبع هوى النفس ولم يهتم لتزكيتها فقد سعى فى الحاق نفسه بزمرة الاعداء فلم يكن منصورا البتة اذ لا يحصل من الجسارة الا الخسارة والهوى مقتضى النفس والنفس ظلمانية ولا يتولد من الظلمانى الا الظلمة: قال فى المثنوى

عكس نورانى همه روشن بود عكس ظلمانى همه كلخن بود
عكس هركس رابدان اىدوربين بهلوى جنسى كه خواهى مى نشين

فعلى المؤمن ان يجتهد بالصوم والصلاة ووجوه العبادات الى ان يزكى نفسه عن سفساف الاخلاق ويغلب الاعداء الباطنة والغلبة عليها مفتاح الغلبة على الاعداء الظاهرة ولذا ترى الانبياء والاولياء منصورين مظفرين على كل حال وهذه النصرة والولاية من آثار عناية الله السابقة فكما ان من رش عليه من نور الازل لم ير ظلمة ابدا كذلك من لم يهتد ذلك النور فى بداية الامر لم يصل الى المراد الى آخر العمر: قال الحافظ

بآب زمزم وكوثر سفيد نتوان كرد كليم بخت كسىرا كه بافتند سياه