التفاسير

< >
عرض

وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقَامُواْ ٱلتَّوْرَاةَ وَٱلإِنْجِيلَ وَمَآ أُنزِلَ إِلَيهِمْ مِّن رَّبِّهِمْ لأَكَلُواْ مِن فَوْقِهِمْ وَمِن تَحْتِ أَرْجُلِهِم مِّنْهُمْ أُمَّةٌ مُّقْتَصِدَةٌ وَكَثِيرٌ مِّنْهُمْ سَآءَ مَا يَعْمَلُونَ
٦٦
-المائدة

روح البيان في تفسير القرآن

{ ولو أنهم أقاموا التوراة والإنجيل } اى عملوا بما فيهما من التصديق بسيد المرسلين والوفاء لله تعالى بما عاهدوا فيهما واقامة الشىء عبارة عن رعاية حقوقه واحكامه كاقامة الصلاة { وما انزل اليهم من ربهم } من القرآن المجيد المصدق لكتبهم وايراده بهذا العنوان للتصريح ببطلان ما كانوا يدعون من عدم نزوله الى بنى اسرائيل { لأكلوا من فوقهم ومن تحت أرجلهم } اى لوسع الله عليهم ارزاقهم بان يفيض عليهم بركات السماء والارض بانزال المطر واخراج النبات. وفيه تنبيه على ان ما اصابهم من الضنك والضيق انما هو من شؤم جناياتهم لا لقصور فى فيض الفياض: وفى المثنوى

هين مراقب باش كردل بايدت كزبى هرفعل جيزى زايدت
اين بلا از كودنى آيدترا كه نكردى فهم نكته ورمزها

وكأنه قيل هل كلهم كذلك مصرون على عدم الايمان والتقوى والاقامة فقيل { منهم امة مقتصدة } اى طائفة عادلة غير غالية ولا مقصرة كعبد الله بن سلام واضرابه ممن آمن من اليهود وثمانية واربعين ممن آمن من النصارى. والاقتصاد فى اللغة الاعتدال فى العمل من غير غلو ولا تقصير { وكثير منهم } مقول فى حقهم { ساء ما } كانوا { يعملون } وفيه تعجب بحسب المقام اى ما اسوء عملهم من العناد والمكابرة وتحريف الحق والاعراض عنه.
وفى الآية بيان ان التقوى سبب لتوسعة الرزق واستقامة الامر فى الدنيا والآخرة.
قال عبد الله القلانسى ركبت سفينة فى بعض اسفارى فبدت ريح شديدة فاشتغل اهل السفينة بالدعاء والنذور واشاروا الىّ بالنذر ايضا فقلت انى مجرد عن الدنيا فالحوا علىّ فقلت ان خلصنى الله لا آكل لحم الفيل فقالوا من يأكل لحم الفيل حتى تكفه عن نفسك فقلت هكذا خطر ببالى فخلصنى الله بجماعة ورمانا الى ساحل البحر فمضى ايام لم نجد ما نأكل فبينا نحن جياع اذ ظهر جرو فيل فقتلوه واكلوا لحمه ولم آكل رعاية لنذرى وعهدى فالحوا علىّ فقالوا انه مقام الاضطرار فلم اقبل قولهم ثم ناموا فجاءت ام الجرو ورأت عظام ولدها وشمت الجماعة فردا فردا فكل من وجدت رائحته اهلكته ثم جاءتنى فلما لم تجد الرائحة وجهت الىّ ظهرها واشارت الىّ بالنزول فنزلت ولقيت وقت السحر جماعة فاخذونى الى البيت واضافونى فاخبرتهم قصتى على لسان ترجمان فقالوا من ذلك الموضع الى هنا مسيرة ثمانية ايام وقد قطعتها فى ليلة واحدة فظهر من هذه الحكاية انه برعاية جانب التقوى والوفاء بالعهد يستقيم امر المرء من جهة الدين والدنيا وان شهوة واحدة من شهوات الدنيا لها حزن طويل وكيد عظيم بل هلاك كما وقع لتلك الجماعة التى اكلوا جرو الفيل [وقتى زنبورى موريرا ديدكه بهزار حيله دانه بخانه ميكشد ودران ربح بسيارمى دبداورا كفت اى مور اين جه رنجست كه برخود نهاده بياكه مطعم ومشرب من بين كه هر طعامكه لطيف ولذيذ ترست تاازمن زياده نيايد بيادشاهان نرسد هرانجاكه خواهم نشينم وآنجه خواهم كزينم وخورم ودرين سخن بودكه بربريد وبدكان قصابى برمسلوخى نشست قصاب كه كارد دردست داشت بران زنبور مغرور زدد وباره كرد برزمين انداخت ومور بيامد وباى كشان اورامى بردو كفت "رب شهوة ساعة اورثت صاحبها حزنا طويلا" زنبور كفت مرابجايى مبركه نخواهم مور كفت هركه از روى حرص وشهوت جايى نشيندكه خواهد بجايى كشندش كه نخواهد].
واعلم ان قوله تعالى { لأكلوا من فوقهم ومن تحت أرجلهم } اشارة الى ما يحصل بالوهب الرحمانى وما يحصل بالكسب الانسانى فمن عمل بما علم واجتهد فى طريق الحق كل الاجتهاد ينال مراتب الاذواق والمشاهدات فيحصل له جنتان جنة العمل وجنة الفضل وهذا الرزق المعنوى هو المقبول: وفى المثنوى

اين دهان بستى دهانى بازشد كه خورنده لقمهاى رازشد
كر زشيرو ديوتن را وابرى درفطام او بسى نعمت خورى

اللهم امدنا بفيض فضلك واحسانك.