التفاسير

< >
عرض

قُلْ يَـٰأَهْلَ ٱلْكِتَابِ لَسْتُمْ عَلَىٰ شَيْءٍ حَتَّىٰ تُقِيمُواْ ٱلتَّوْرَاةَ وَٱلإِنْجِيلَ وَمَآ أُنزِلَ إِلَيْكُمْ مِّن رَّبِّكُمْ وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيراً مِّنْهُمْ مَّآ أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ طُغْيَاناً وَكُفْراً فَلاَ تَأْسَ عَلَى ٱلْقَوْمِ ٱلْكَافِرِينَ
٦٨
-المائدة

روح البيان في تفسير القرآن

{ قل } يا محمد مخاطبا ليهود والنصارى { يا أهل الكتاب لستم على شىء } اى دين يعتد به ويليق بان يسمى شيئاً لظهور بطلانه ووضوح فساده { حتى تقيموا التوراة والإنجيل } ومن اقامتهما الايمان بمحمد والاذعان لحكمه فان الكتب الالٰهية باسرها آمرة بالايمان بما صدقته المعجزة ناطقة بوجوب الطاعة له والمراد اقامة اصولهما وما لم ينسخ من فروعهما { وما انزل اليكم من ربكم } اى القرآن المجيد بالايمان به ونسب الانزال اليهم لانهم كانوا يدعون عدم نزوله الى نبى اسرائيل { وليزيدن كثيرا منهم } وهم علماؤهم ورؤساؤهم { ما أنزل إليك من ربك } اى القرآن { طغيانا وكفراً } على طغيانهم وكفرهم القديمين وهو مفعول ثان ليزيدن { فلا تأس على القوم الكافرين } اى فلا تحزن عليهم لزيادة طغيانهم وكفرهم بما تبلغه اليهم فان ضرر ذلك لاحق بهم لا يتخطاهم وفى المؤمنين مندوحة لك عنهم.
وفى الآية اشارة الى ان حقيقة الدين انما هى احكام ظاهرة وباطنة والتزين بالاعمال ظاهرا وبالاحوال باطنا وهذا لا يتصور الا بمقدمتين ونتائج اربع فاما المقدمتان فاولاهما الجذبة الآلهية وثانيتهما التربية الشيخية واما النتائج فاولاها الاعراض عن الدنيا وما يتعلق بها كلها وثانيتها التوجه الى الحق بصدق الطلب وهما من نتائج الجذبة ثم تزكية النفس عن الاخلاق الذميمة وتحلية القلب بالاخلاق الآلهية وهما من نتائج التربية الشيخية باستمداد القوة النبوة والقوم الكافرون هم اهل الانكار يتعلقون بظاهر الدين ولا يعرفون وراءه غاية وليس الامر كذلك فان لكل ظاهر باطنا: وفى المثنوى

فائده هرظاهرى خود باطنست همجو نفع اندر دواها كامنست
هيج خطاطى نويسد خط بفن بهر عبن خط نه بهر خواندن
كند بينش مى نبيند غير اين عقل اوبى سيرجون نبت زمين
نبت راجه خوانده جاه ناخوانده هست باى اوبكل درمانده
كرسرش جنبد بسير بادرو توبسر جنبانيش غره مشو
آن سرش كويد سمعنا اى صبا باى او كويد عصينا خلنا

والحامل على الانكار هو الحسد كما كان لطائفة اليهود والنصارى فلا بد من تزكية النفس من مثل هذا القبيح ـ حكى ـ ان تلميذا للفضيل بن عياض حضرته الوفاة فدخل عليه الفضيل وجلس عند رأسه وقرأ سورة يس فقال يا استاذ لا تقرأ هذه ثم سكت ثم لقنه فقال لا اله الا الله فقال لا اقولها لانى بريىء منها ومات على ذلك فدخل الفضيل منزله وجعل يبكى اربعين يوما لم يخرج من البيت ثم رآه فى النوم وهو يسحب الى جهنم فقال بأى شىء نزع الله المعرفة عنك وكنت اعلم تلاميذى فقال بثلاثة. اولها بالنميمة فانى قلت لاصحابى بخلاف ما قلت لك. والثانى بالحسد حسدت اصحابى. والثالث كان لى علة فجئت الى الطبيب وسألته عهنا فقال تشرب فى كل سنة قدحا من الشراب فان لم تفعل بقيت بك العلة فكنت اشربه نعوذ بالله من سخطه الذى لا طاقة لنا به كذا فى منهاج العابدين.