التفاسير

< >
عرض

وَذَرُواْ ظَٰهِرَ ٱلإِثْمِ وَبَاطِنَهُ إِنَّ ٱلَّذِينَ يَكْسِبُونَ ٱلإِثْمَ سَيُجْزَوْنَ بِمَا كَانُواْ يَقْتَرِفُونَ
١٢٠
-الأنعام

روح البيان في تفسير القرآن

{ وذروا } اى اتركوا ايها المؤمنون { ظاهر الاثم وباطنه } من اضافة الصفة الى الموصوف اى الاثم الظاهر والاثم الباطن والمراد بالاثم ما يوجب الاثم وهو المعاصى كلها لانها لا تخلو من هذين الوجهين فيدخل فيه ما يعلن وما يسر سواء كان من اعمال القلوب او الجوارح فاعمال الجوارح ظاهرة كالاقوال والافعال واعمال القلوب باطنة كالعقائد الفاسدة والعزائم الباطلة وحقيقة ظاهر الاثم طلب نعم الدنيا وباطنه الميل الى نعم العقبى لان كلا منهما يصير سببا للبعد عن حضرة المولى

ظاهر وباطن خود باك كن ازلوث كناه تاكه باكيزه شوى درصف مردان اله

{ إن الذين يكسبون الإثم } اى يعملون المعصية ظاهرا وباطنا { سيجزون } سيعاقبون فى الآخرة { بما كانوا يقترفون } اى يكسبون فى الدنيا كائنا ما كان فلا بد من اجتنابهما

جمله دانند اين اكر تونكروى هرجه ميكاريش روزى بد روى

والاشارة ان الله تعالى كما خلق للانسان ظاهرا هو بدن جسمانى وباطنا هو قلب روحانى فكذلك جعل للاثم ظاهرا هو كل قول وفعل موافق للطبع مخالف للشرع وباطنا هو كل خلق حيوانى وسبعى وشيطانى جبلت النفس عليه { وذروا ظاهر الاثم وباطنه } اى اتركوا الاعمال الطبيعة باستعمال الاعمال الشرعية واتركوا الاخلاق الذميمة النفسانية بالتحلق بالاخلاق الملكية الروحانية { ان الذين يكسبون الاثم } ظاهره وباطنه بالافعال والاخلاق { سيجزون بما كانوا يقترفون عاجلا } وآجلا اما عاجلا فلكل فعل وقول طبيعى ظلمة تصدأ مرآة القلب بها فينحرف مزاج الاخلاق القلبية الروحانية ويتقوى مزاج الاخلاق النفسانية الظلمانية وبه يغلب الهوى ويميل الى الدنيا وشهواتها فباظهار كل خلق منها على وفق الهوى يزيد رينا وقسوة فى القلب فيحتجب به عن الله تعالى كما قال تعالى { { كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون } [المطففين: 14].
واما آجلا فبهذه الموانع والحجب ينقطع العبد عن الله ويبقى محجوبا معذبا فى النار خالدا مخلدا كما قال تعالى
{ { كلا إنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون } [المطففين: 15].
كذا فى التأويلات النجمية. اعلم ان العصاة كلهم فى خطر المشيئة بل الطائعون لا يدرون بماذا يختم لهم فيا ايها العاصى لا تغتر فان العناية لا تحصل لكل عاص ولا تدرى انك ممن اراد الله تعالى عفوه فان المعفو من اول الامر وقع قليلا ـ كما حكى ـ عن مالك بن دينار قال رأيت بالبصرة قوما يحملون جنازة وليس معهم احد ممن يشيع الجنازة فسألتهم عنه قالوا هذا رجل من كبار المذنبين قال فصليت عليه وانزلته فى قبره ثم انصرفته الى الظل فنمت فرأيت ملكين قد نزلا من السماء فشقا قبره ونزل احدهما اليه وقال لصاحبه اكتبه من اهل النار فما فيه جارحة سلمت من المعاصى والاوزار فقال له صاحبه يا اخى لا تعجل عليه اختبر عينيه قال قد اختبرتها فوجدتهما مملوءتين بالنظر الى محارم الله قال فاختبر سمعه قال قد اختبرته فوجدته مملوأ بسماع الفواحش والمنكرات قال فاختبر لسانه قال قد اختبرته فوجدته مملوأ بالخوض فى المحظورات وارتكاب المحرمات قال فاختبر يديه قال قد اختبرتهما فوجدتهما مملوءتين بتناول الحرام وما لا يحل من الشهوات واللذات قال فاختبر رحليه قال فاختبر رحليه قال قد اختبرتهما فوجدتهما مملوءتين بالسعى فى النجاسات والامور المذمومات قال يا اخى لا تعجل عليه ودعنى انزل اليه فنزل اليه الملك الثانى واقام عنده ساعة وقال يا اخى قد اختبرت قلبه فوجدته مملوأ ايمانا فاكتبه مرحوما سعيدا ففضل الله تعالى يستغرق ما عليه من الذنوب والخطايا: قال السعدى قدس سره

عروسى بود نوبت ما تمت كرت نيك روزى بود خاتمت

يعنى يوم وفاتك يكون يوم فرح وسرور ان كنت ممن قبض على الايمان تسأل الله عفوه ورجاه

الهى بحق بنى فاطمه كه برقول ايمان كتم خاتمه