التفاسير

< >
عرض

قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ ٱلْعَالَمِينَ
١٦٢
لاَ شَرِيكَ لَهُ وَبِذٰلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَاْ أَوَّلُ ٱلْمُسْلِمِينَ
١٦٣
-الأنعام

روح البيان في تفسير القرآن

{ قل } اعيد الامر لما ان المأمور به متعلق بفروع الشرائع وما سبق باصولها { ان صلاتى } يعنى الصلوات الخمس المفروضة { ونسكى } اى عبادتى كلها. واصل النسك كل ما تقربت به الى الله تعالى ومنه قولهم للعابد ناسك. ويقال اراد بالصلاة صلاة العيد وبالنسك الاضحية وعن انس رضى الله عنه "عن رسول الله انه قرب كبشا املح اقرن فقال (لا اله الا الله والله اكبر ان صلاتى ونسكى) الى قوله تعالى { وانا اول المسلمين } ثم ذبح فقال شعره وصوفه فداء لشعرى من النار وجلده فداء لجلدى من النار ودمه فداء لدمى من النار ولحمه فداء للحمى من النار وعظمه فداء لعظمى من النار وعروقه فداء لعروقى من النار فقالوا يا رسول الله هنيئا مريئا هذا لك خاصة قال لا بل لامتى عامة الى ان تقوم الساعة اخبرنى به جبريل عليه السلام عن ربى عز وجل" .
{ ومحياى ومماتى } اى وما انا عليه فى حياتى واكون عليه عند موتى من الايمان والطاعة فالتقدير ذا محياى وذا مماتى فجعل ما يأتى به فى حياته وعند موته ذا حياته وذا موته كقولك ذا انائك تريد الطعام فاضافته بادنى ملابسة { لله رب العالمين لا شريك له } اى خالصة له تعالى لا اشرك فيها غيره { وبذلك } الاخلاص { امرت } لا بشئ غيره { وانا اول المسلمين } لان اسلام كل بنى متقدم على اسلام امته. وفيه بيان مسارعته عليه السلام الى الامتثال بما امر به وان ما امر به ليس من خصائصه عليه السلام بل الكل مأمورون به يقتدى به عليه السلام من اسلم منهم.
والاشارة { ان صلاتى ونسكى } اى سيرى على منهاج الصلاة هو معراجى الى الله تعالى وذبيحة نفسى { ومحياى } حياة قلبى وروحى { ومماتى } اى موت نفسى { لله رب العالمين } لطلق الحق والوصول اليه { لا شريك له } فى الطلب من مطلوب سواه { وبذلك امرت } اى ليس هذا الطلب والقصد الى الله من نظرى وعقلى وطبعى انما هو من فضل الله ورحمته وهدايته وكمال عنايته اذ اوحى الى وقال
{ { وتبتل إليه تبتيلا } [المزمل: 8] وقال { { قل الله ثم ذرهم } [الأنعام: 91].
{ وأنا أول المسلمين } يعنى اول من استسلم عند الايجاد لامركن وعند قبول فيض المحبة لقوله
{ { يحبهم ويحبونه } [المائدة: 54].
والاستسلام للمحبة فى قوله يحبونه دل عليه قوله عليه السلام
"اول ما خلق الله نورى"
.كذا فى التأويلات النجمية.
وفى الآية حث على التوحيد والاخلاص وعلامتهما التبرى من كل شئ سواه تعالى ظاهرا وباطنا ولو من نفسه والتحقق بحقائق المحبة الذاتية.
وعن مالك بن دينار قال خرجت حاجا الى بيت الله الحرام واذا شاب يمشى فى الطريق بلا زاد ولا راحلة فسلمت عليه فرد على السلام فقلت ايها الشاب من اين قال من عنده قلت والى اين قال اليه قلت واين الزاد قال عليه قلت ان الطريق لا يقطع الا بالماء والزاد وهل معك شئ قال نعم تزودت عند خروجى بخمسة احرف قلت وما هذه الخمسة الاحرف قال قوله تعالى
{ كهيعص } [مريم: 1].
قلت وما معنى كهيعص قال اما قوله كاف فهو الكافى. واما الهاء فهو الهادى. واما الياء فهو المؤدى. واما العين فهو العالم. واما الصاد فهو الصادق ومن كان صاحبه كافيا وهاديا ومؤديا وعالما وصادقا لا يضيع ولا يخشى ولا يحتاج الى حمل الزاد والماء قال مالك فلما سمعت هذا الكلام نزعت قميصى على ان ألبسه اياه فابى ان يقبله وقال ايها الشيخ العرى خير من قميص دار الفناء حلالها حساب وحرامها عقاب وكان اذا جن الليل يرفع وجهه نحو السماء ويقول يا من تسره الطاعات ولا تضره المعاصى هب لى ما يسرك واغفر لى ما لا يضرك فلما احرم الناس ولبوا قلت لم لا تلبى فقال يا شيخ اخشى ان اقول لبيك فيقول لا لبيك ولا سعديك لا اسمع كلامك ولا انظر اليك ثم مضى فما رأيته الا بمنى وهو يقول اللهم ان الناس ذبحوا وتقربوا اليك بضحاياهم وهداياهم وليس لى شئ اتقرب به اليك سوى نفسى فتقبلها منى ثم شهق شهقة فخر ميتا واذا قائل يقول هذا حبيب الله هذا قتيل الله قتل بسيف الله فجهزته وواريته وبت تلك اليلة متفكرا فى امره ونمت فرأيته فى منامى فقلت ما فعل الله بك قال فعل بى كما فعل بشهداء بدر قتلوا بسيف الكفار وانا قتلت بسيف الجبار

جان كه نه قربانئ جانان بود جيفه تن بهتر از آنان بود
هركه نشد كثته شمشير دوست لاشه مردار به ازجان اوست

نسأل الله الكريم ان يجعلنا على الصراط المستقيم.