التفاسير

< >
عرض

وَكَذٰلِكَ فَتَنَّا بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لِّيَقُولوۤاْ أَهَـٰؤُلاۤءِ مَنَّ ٱللَّهُ عَلَيْهِم مِّن بَيْنِنَآ أَلَيْسَ ٱللَّهُ بِأَعْلَمَ بِٱلشَّٰكِرِينَ
٥٣
-الأنعام

روح البيان في تفسير القرآن

{ وكذلك فتنا } ذلك اشارة الى مصدر ما بعده من الفعل الذى هو عبارة عن تقديمه تعالى لفقراء المؤمنين فى امر الدين بتوفيقهم للايمان مع ما هم عليه فى امر الدنيا من كمال سوء الحال والكاف مقحمة لتأكيد ما افاده اسم الاشارة من الفخامة والمعنى ذلك الفتون الكامل البديع فتنا اى ابتلينا { بعضهم ببعض } اى بعض الناس ببعضهم لافتون غيره حيث قدمنا الآخرين فى امر الدنيا على الاولين المتقدمين عليه فى امر الدنيا تقدما كليا { ليقولوا } اللام للعاقبة اى ليكون عاقبة امرهم ان يقول البعض الاولون مشيرين الى الآخرين محقرين لهم نظرا الى ما بينهما من التفاوت الفاحش الدنيوى وتعاميا عما هو مناط التفضل حقيقة { أهؤلاء من الله عليهم من بيننا } بان وفقهم لاصابة الحق ولما يسعدهم عنده تعالى من دوننا ونحن المتقدمون والرؤساء وهم العبيد والفقراء وغرضهم بذلك انكار وقوع المن رأسا على طريقة قولهم لو كان خيرا ما سبقونا اليه لا تحقير الممنون عليهم مع الاعتراف بوقوعه بطريق الاعتراض عليه تعالى. قال الكلبى ان الشريف اذا نظر الى الوضيع قد اسلم قبله استنكف وانف ان يسلم وقال قد سبقنى هذا بالاسلام فلا يسلم { أليس الله باعلم الشاكرين } رد لقولهم ذلك وابطال له اى أليس الله باعلم بالشاكرين لنعمه حتى تستبعدوا انعامه عليهم. وفيه اشارة الى ان اولئك الضعفاء عارفون لحق نعمة الله تعالى فى تنزيل القرآن والتوفيق للايمان شاكرون له تعالى على ذلك وتعريض بان القائلين بمعزل من ذلك كله.
قال فى التأويلات النجمية { وكذلك فتنا بعضهم ببعض } يعنى الفاضل بالمفضول والمفضول بالفاضل فليشكر الفاضل وليصبر المفضول فان لم يشكر الفاضل فقد تعرض لزوال الفضل وان صبر المفضول فقد سعى فى نيل الفضل والمفضول الصابر يستوى مع الفاضل الشاكر كما كان سليمان فى الشكر مع ايوب فى الصبر فان سليمان مع كثرة صورة اعماله فى العبودية كان هو وايوب مع عجزه عن صورة اعمال العبودية متساويين فى مقام نعم العبدية فقال لكل واحد منهما
{ { نعم العبد } [ص: 44].
ففتنة الفاضل للمفضول حسده على فضله وسخطه عليه فى منع حقه من فضله عنه فانه انقطع بالخلق او رأى المنع والعطاء من الخلق وهو المعطى والمانع لا غير. فعلى العاقل ان يخار ما اختاره الله ولا يريد الا ما يريده قال الكاشفى فى تفسيره الفارسى [در كشف الاسرار آورده كه ارادت برسه وجه است. اول ارادت دنياى محض كما قال تعالى
{ { تريدون عرض الدنيا } [الأنفال: 67].
ونشان آن دو جيزاست در زيادتئ دنيا بنقصان دين راضى بودن واز درويشان ومسلمانان اعراض نمودن. ودوم ارادت آخرة محض كما قال تعالى
{ { ومن أراد الآخرة وسعى لها سعيها } [الإسراء: 19].
وآنيزدو علامت دارد در سلامتئ دين بنقصان دنيا رضا دادن ودر مؤانست والفت بروى درويشان كشادن. سوم ارادت حق محض كما قال تعالى
{ { يريدون وجهه } [الأنعام: 52].
ونشان آن باى برسر كونين نهادن است واز خود وخلق آزاد كشتن]

مارا خواهى خطى بعالم دركش در بحر فنا غرقه شو ودم دركش

فهم يريدون وجهه تعالى فكل يريدون منه وهم يريدونه ولا يريدون منه كما قيل

وكل له سؤال ودين ومذهب ووصلكمو سؤلى ودينى رضا كمو

وتكلم الناس فى الارادة فاكثروا وتحقيقها اهتياج يحصل فى القلب يسلب القرار من العبد حتى يصل الى الله تعالى فصاحب الارادة لا يهدأ ليلا ولا نهارا ولا يجد من دون وصوله اليه سكوتا ولا قرارا كما فى التأويلات النجمية. وفى الآية الكريمة بيان فضل الفقراء "وعن ابى سعيد الخدرى قال جلست فى نفر من ضعفاء المهاجرين وكان بعضهم يستتر ببعض من العرى وقارئ يقرأ علينا اذ جاء رسول الله صلى الله لعيه وسلم فقام علينا فلما قام سكت القارئ فسلم رسول الله وقال ما كنتم تصنعون قلنا يا رسول الله كان قارئ يقرأ علينا وكنا نستمع الى كتاب الله تعالى فقال رسول الله الحمد لله الذى جعل من امتى من امرنى ان اصبر نفسى معهم قال ثم جلس وسطنا ليعدل نفسه فينا ثم قال بيده هكذا فتحلقوا وبرزت وجوههم له قال فما رأيت رسول الله عرف منهم احدا غيرى فقال ابشروا يا معاشر صعاليك المهاجرين بالفوز التام يوم القيامة تدخلون الجنة قبل الاغنياء بنصف يوم وذلك مقدار خمسمائة سنة" وفى الحديث "يؤتى بالعبد الفقير يوم القيامة فيعتذر الله عز وجل اليه كما يعتذر الرجل الى الرجل فى الدنيا فيقول وعزتى وجلالى ما زويت الدنيا عنك لهوانك علىّ ولكن لما اعددت لك من الكرامة والفضيلة اخرج يا عبدى الى هذه الصفوف وانظر الى من اطعمك او كساك واراد بذلك وجهى فخذ بيده فهو لك والناس يومئذ قد الجمهم العرق فيتخلل الصفوف وينظر من فعل به ذلك فى الدنيا فيأخذه بيده ويدخل الجنة" قال الحافظ

توانكرا دل درويش خود بدست آور كه مخزن زر وكنج ودرم نخواهدماند
برين رواق زبرجد نوشته اند بزر كه جزنكرى اهل كرم نخواهدماند

وفى الحديث "لكل شئ مفتاح ومفتاح الجنة حب المساكين والفقراء الصَّبرهم جلساء الله يوم القيامة"
: قال الشيخ العطار قدس سره

حب دريشان كليد جنت است دشمن ايشان سزاى لعنت است

اللهم اجعلنا من الاحباب ولا تطردنا خارج الباب.