التفاسير

< >
عرض

وَٱلَّذِينَ عَمِلُواْ ٱلسَّيِّئَاتِ ثُمَّ تَابُواْ مِن بَعْدِهَا وَآمَنُوۤاْ إِنَّ رَبَّكَ مِن بَعْدِهَا لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ
١٥٣
-الأعراف

روح البيان في تفسير القرآن

{ والذين عملوا السيآت } أية سيئة كانت { ثم تابوا } من تلك السيآت { من بعدها } اى من بعد عملها { وآمنوا } ايمانا صحيحا خالصا واشتغلوا بما هو من مقتضياته من الاعمال الصالحة ولم يصروا على ما فعلوه كالطائفة الاولى { ان ربك من بعدها } اى من بعد تلك التوبة المقرونة بالايمان { لغفور } للذنوب وان عظمت وكثرت { رحيم } مبالغ فى افاضة فنون الرحمة الدنيوية والاخروية.
والاشارة
{ { ان الذين اتخذوا العجل } [الأعراف: 152].
عجل الهوى آلها يدل عليه قوله
{ { أفرأيت من اتخذ آلهه هواه سينالهم غضب من ربهم وذلة فى الحياة الدنيا } يعنى عبادة الهوى موجبة لغضب الله تعالى دل عليه قول النبى عليه الصلاة والسلام "ما عبد فى الارض اله ابغض على الله من الهوى"
. وان عابد الهوى يكون ذليل شهوات النفس واسير صفاتها الذميمة من الحيوانية والسبعية والشيطانية ما دام يميل الى الحياة الدنيوية { { وكذلك نجزى المفترين } [الأعراف: 152].
يعنى وكذلك نجازى بالغضب والطرد والابعاد والذلة عباد الهوى المدعين الذين يفترون على الله انه اعطاها قوة لا تضربنا عبادة الهوى المدعين الذين يفترون على الله انه اعطانا قوة لا تضربنا عبادة الهوى والدنيا ومتابعة النفس وشهواتها { والذين عملوا السيآت } يعنى سيآت عبادة الهوى والدنيا والافتراء على الله تعالى { ثم تابوا من بعدها وآمنوا } بعبودية الحق تعالى وطلبه بالصدق { ان ربك من بعدها } اى من بعد ترك عبادة الهوى والرجوع الى طلب الحق { لغفور رحيم } يعنى يعفو عنهم تلك السيآت ويرحمهم بنيل القربات والكرامات كذا فى التأويلات النجمية.
واعلم ان التوبة عند المعتزلة علة موجبة للمغفرة وعندنا سبب محض للمغفرة والتوبة الرجوع اذا وصف بها العبد كان المراد بها الرجوع عن المعصية واذا وصف بها البارى تعالى اريد بها الرجوع عن العذاب بالمغفرة.
والتوبة على ضربين ظاهر وباطن. فالظاهر هو التوبة من الذنوب الظاهرة وهى مخالفات ظواهر الشرع وتوبتها ترك المخالفات واستعمال الجوارح بالطاعات. والباطن هو توبة القلب من ذنوب الباطن وهى الغفلة عن الذكر حتى يتصف به بحيث لو صمت لسانه لم يصمت قلبه وتوبة النفس قطع علائق الدنيا والاخذ باليسير والتعفف. وتوبة العقل التفكر فى بواطن الآيات وآثار المصنوعات. وتوبة الروح التحلى بالمعارف الآلهية. وتوبة السر التوجه الى الحضرة العليا بعد الاعراض عن الدنيا والعقبى: قال حضرة جلال الدين الرومى قدس سره

كرسيه كردى تونامه عمر خويش توبه كن زانها كه كردستى توبيش [1]
عمر اكر بكذشت بيخش اين دم است آب توبش ده اكر اوبى نم است
جون برآرند از بشيمانى انين عرش لرزد از انين المذنبين [2]

والعبد اذا رجع عن السيئة واصلح عمله اصلح الله تعالى شأنه واعاد عليه نعمه الفائتة.
عن ابراهيم بن ادهم بلغنى ان رجلا من بنى اسرائيل ذبح عجلا بين يدى امه فيبست يده فبينما هو جالس اذ سقط فرح من وكره وهو يتبصبص فاخذه ورده الى وكره فرحمه الله تعالى لذلك ورد عليه يده بما صنع فينبغى للمؤمن ان يسارع الى التوبة والعمل الصالح فان الحسنات يذهبن السيآت.
عن ابى ذر رضى الله عنه قال قلت لرسول الله صلى الله عليه وسلم يا رسول الله علمنى عملا يقربنى الى الجنة ويباعدنى عن النار
"قال اذا عملت سيئة فاعمل بجنبها حسنة فانها عشر امثالها قال الله تالى من جاء بالحسنة فله عشر امثالها" فقلت يا رسول الله لا اله الا الله من الحسنات قال "هى احسن الحسنات" .

كار نيكوتر بدان جز ذكر نيست

والله الهادى.