التفاسير

< >
عرض

قُلْ أَمَرَ رَبِّي بِٱلْقِسْطِ وَأَقِيمُواْ وُجُوهَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَٱدْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ ٱلدِّينَ كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ
٢٩
-الأعراف

روح البيان في تفسير القرآن

{ قل امر ربى بالقسط } بيان للمأمور به اثر نفى ما اسند اليه امره به تعالى من الامور المنهى عنها. والقسط العدل وهو الوسط من كل شئ المتجاوز عن طرفى الافراط والتفريط وفى الخبر "خير الامور اوساطها" .

توسط اذا ما شئت امرا فانه كلا طرفى قصد الامور ذميم

{ واقيموا وجوهكم } معطوف على امر بتقدير قل لئلا يلزم عطف الانشاء على الاخبار اى وقل لهم توجهوا الى عبادته مستقيمين غير عادلين الى غيرها او اقيموا وجوهكم نحو القبلة { عند كل مسجد } يحتمل ان يكون اسم زمان وان يكون اسم مكان اى فى كل وقت سجود او مكان سجود والمراد بالسجود الصلاة بطريق ذكر الجزء وارادة الكل.
وقال الكلبى معناه اذا حضرت الصلاة وانتم فى مسجد فصلوا فيه ولا يقولن احدكم اصلى فى مسجدى واذا لم يكن عند مسجد فليأت اى مسجد شاء وليصل فيه. وفى الفروع مسجد المحلة افضل من الجامع اذا كان الامام عالما ومسجد المحلة فى حق السوقى نهارا ما كان عند خانوته نهارا وليلا ما كان عند منزله.
قال الحدادى وهذه الآية تدل على وجوب فعل الصلاة المكتوبة فى الجماعة وفى الحديث
"من سمع النداء فلم يجبه فلا صلاة له الا من عذر" .
وصلاة الجماعة افضل من صلاة الفذ بسبع وعشرين درجة وذلك لان كل صلاة اقيمت فى الجماعة كصلاة يوم وليلة اذا اقيمت بغير جماعة لان فرائض اليوم والليلة سبع عشرة ركعة والرواتب عشر فالجميع سبع وعشرون.
قال العلماء كل ما شرعت فيه الجماعة كالفرائض والتراويح ونحوهما فالمسجد فيه افضل من ثواب المصلين فى البيت بالجماعة لان فيه اظهار شعائر الاسلام كما ان ثواب المصلين فى البيت وحدانا دون ثواب المصلين فى البيت بالجماعة { وادعوه } اى واعبدوه فهو من اطلاق الخاص على العالم فان الدعاء من ابواب العبادة وهو الخضوع للبارى مع اظهار الافتقار والاستكانة وهو المقصود من العبادة والعمدة فيها { مخلصين له الدين } اى الطاعة فان مصيركم اليه فى الآخرة

فرداكه بيشكاه حقيقت شود بديد شرمنده رهروى كه عمل برمجاز كرد

{ كما بدأكم } اى انشأكم ابتداء { تعودون } اليه باعادته فيجازيكم على اعمالكم والكاف فى محل النصب على انه صفة مصدر محذوف تقديره تعودون عودا مثل ما بدأكم وهو بالهمزة بمعنى انشأ واخترع وانما شبه الاعادة بالابداء تقريرا لامكانها والقدرة عليها. يعنى قيسوا الاعادة بالابداء فلا تنكروها فان من قدر على الانشاء قدر على الاعادة اذ ليس بعثكم اشد من ابتداء خلقكم.