التفاسير

< >
عرض

فَرِيقاً هَدَىٰ وَفَرِيقاً حَقَّ عَلَيْهِمُ ٱلضَّلاَلَةُ إِنَّهُمُ ٱتَّخَذُوا ٱلشَّيَاطِينَ أَوْلِيَآءَ مِن دُونِ ٱللَّهِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُم مُّهْتَدُونَ
٣٠
-الأعراف

روح البيان في تفسير القرآن

{ فريقا } منصوب بما بعده { هدى } بان وفقهم للايمان { وفريقا } نصب بفعل مضمر يفسره ما بعده من حيث المعنى اى واضل فريقا { حق عليهم } [سزاوار كشت برايشان] { الضلالة } بمقتضى القضاء السابق التابع للمشيئة المبنية على الحكم البالغة { انهم اتخذوا الشياطين اولياء من دون الله } تعليل لما قبله اى حقت عليهم الضلالة لاتخاذهم الشياطين اولياء وقبولهم ما دعوا اليه بدون التأمل فى التمييز بين الحق والباطل وكل واحد من الهدى والضلال وان كان يحصل بخلق الله تعالى اياه ابتداء الا انه يخلق ذلك حسبما اكتسبه العبد وسعى فى حصوله فيه { ويحسبون انهم مهتدون } اى يظنون انهم على الهدى. وفيه دلالة على ان الكافر المخطئ والمعاند سواء من حيث انه تعالى ذم المخطئ الذى ظن انه فى دينه على الحق بانه حق عليه الضلالة وجعله فى حكم الجاحد والمعاند فعلم منه ان مجرد الظن والحسبان لا يكفى فى صحة الدين بل لا بد فيه من الجزم واليقين لانه تعالى ذم الكفار بانهم يحسبون انهم مهتدون ولو كفى مجرد الحسبان فيه لما ذمهم بذلك.
فعلى العاقل تحصيل اليقين وترك التقليد والاقتداء باصحاب التحقيق والتوحيد فان المرء لا يعرف حاله ومقامه الا بالتعريف: ونعم ما قال الصائب

واقف نميشوند كه كم كرده اندراه تا رهروان براهنمايى نمى رسند

وكل واحد من التقليد الباطل والشك والرياء وحب الدنيا وحب الخلق مذموم لا يجدى نفعا.
وعن ذى النون رضى الله عنه قال بينما انا فى بعض جبال لكان اذا برجل قائم يصلى والسباع حوله ترتبض فلما اقبلت نحوه نفرت عنه السباع فاوجز فى صلاته وقال يا ابا الفيض لو صفوت لطلبتك السباع وحنت اليك الجبال فقلت ما معنى قولك لو صفوت قال تكون لله خالصا حتى يكون لك مريدا قال فقلت فبم الوصول الى ذلك قال لا تصل الى ذلك حتى تخرج حب الخلق من قلبك كما خرج الشرك منه فقلت هذا والله شديد على فقال هذا ايسر الاعمال على العارفين فولاية الخلق مطلقا اذا كانت سبيلا للضلالة فما ظنك بولاية الشيآطين سواء كانوا شياطين الانس او شياطين الجن فلا بد من محبة الله تعالى فويل لمن جاوز محبة الله تعالى الى محبة ما سواه وقد ذمه الله بقوله من دون الله نسأل الله تعالى ان لا يزيغ قلوبنا بعدما هدانا الى محبته وارشدنا الى طريق طاعته وعبادته.