التفاسير

< >
عرض

أَهَـۤؤُلاۤءِ ٱلَّذِينَ أَقْسَمْتُمْ لاَ يَنَالُهُمُ ٱللَّهُ بِرَحْمَةٍ ٱدْخُلُواْ ٱلْجَنَّةَ لاَ خَوْفٌ عَلَيْكُمْ وَلاَ أَنتُمْ تَحْزَنُونَ
٤٩
-الأعراف

روح البيان في تفسير القرآن

{ أهؤلاء الذين اقسمتم لا ينالهم الله برحمة } هو من تمام قول اصحاب الاعراف للرجال الذين هم رؤساء الكفرة فيكون فى محل النصب بالقول المتقدم.
والاشارة الى ضعفاء المؤمنين الذين كانت الكفرة يحتقرونهم فى الدنيا ويحلفون صريحا انهم لا يدخلون الجنة قوله { لا ينالهم الله برحمة } جواب اقسمتم ومعناه بالفارسية [اين كروه آنا نندكه دردنياسو كند ميخورديدكه البته خداى هركز بديشان نرساند بخشايش خودرا] { ادخلوا الجنة } اى فالتفت اصحاب الاعراف الى فقراء المسلمين متل بلال وصهيب وسلمان وخباب وامثالهم وقالوا لهم ادخلوا الجنة على رغم انوف رؤساء الكفار { لا خوف عليكم } حين يخاف اهل النار { ولا انتم تحزنون } حين يحزن اهل النار.
وفى الآية ذم المال والاستكبار والافتخار بكثرة الخدم والاعوان والانصار

نه منعم بمال از كسى بهترست خرارجل اطلس بيوشد خرست
بدين عقل وهمت نخوانم كست وكرميرود صد غلام ازبست
تكبر كند مرد حشمت برست نداند كه حشمت بحلم اندرست
جو منعم كند سفله را روز كار نهد بر دل تنك درويش بار
جوبام بلندش بود خود برست كند بول وخاشاك بر بام بست.

واعلم ان حب المال والاستكبار من اخلاق النفس فلا بد للسالك من تزكيتها وكان من دعاء النبى عليه السلام "اللهم حسن خَلقى وخُلقى"
. وقد مدحه الله بقوله { { وانك لعلى خلق عظيم } [القلم: 4].
"وكان عليه السلام يجالس الفقراء والمساكين ويواكلهم وكان يمر على الصبيان ويسلم عليهم واتى رجل فارتعد من هيبته فقال هون عليك فلست بملك انما انا ابن امرأة من قريش كانت تأكل القديد"
. وكان يجلس مختلطا باصحابه كأنه احدهم فيأتى الغريب فلا يدرى أيهم هو حتى يسأل وكان لا يدعوه احد الا قال لبيك وكل ذلك من تواضعه صلى الله عليه وسلم.
قال ذو النون المصرى علامة السعادة حب الصالحين والدنو منهم وتلاوة القرآن وسهر الليل ومجالسة العلماء ورقة القلب.
والاشارة ان المؤمنين والعلماء بعلم الظاهر فى بعض الاوقات يقولون لاهل المحبة والمعرفة وارباب الطلب من دناءة هممهم ان احدا منكم لا ينال درجة الوصول ومرتبة الوصال ويقسمون على ذلك ثم يقول الله لاصحاب الاعراف { ادخلوا الجنة } المضافة الىّ فى حظائر القدس وعالم الجبروت { لا خوف عليكم } من الخروج منها { ولا انتم تحزنون } على ما فاتكم من نعيم الجنة اذ تفرغتم لشهود جمالنا ووجود وصالنا.
واعلم ان اهل النار يرون اهل الله وهم اصحاب الاعراف بالصورة ما داموا فى مواطن الكونين فاذا دخلوا جنة الحقيقة المضافة الى الله فى سرادقات العزة وعالم الجبروت انقطع عنهم نظرهم ونظر الملائكة المقربين فافهم جدا.
وقد حكى عن بابا جعفر الابهرى انه دخل على بابا طاهر الهمذانى فقال اين كنت فانى حضرت البارحة مع الخواص على باب الله فما رأيتك ثم قال بابا طاهر صدقت كنت على الباب مع الخواص وكنت داخلا مع الاخص فما رأيتنى.
فعلى السالك ان لا ينقطع عنهم وعن اعتقادهم وفى الحديث
"لكل شئ مفتاح ومفتاح الجنة حب المساكين والفقراء الصبرهم جلساء الله يوم القيامة" .

حب درويشان كليدجنت است دشمن ايشان سزاى لعنت است

قال فى المثنوى فى حق حسن الظن بالفقراء:

كر كدايان طامعند وزشت خو درشكم خوران تو صاحب دل بجو
درتك دريا كهر ياسنكهاست فخرها اندرميان ننكهاست

ومن دعائه صلى الله عليه وسلم "اللهم احينى مسكينا وامتنى مسكينا واحشرنى فى زمرة المساكين"
. وحقيقة المسكين من لا شئ له غير الله تعالى وهو اهل الله واصحاب الاعراف.