التفاسير

< >
عرض

وَلاَ تَقْعُدُواْ بِكُلِّ صِرَاطٍ تُوعِدُونَ وَتَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ مَنْ آمَنَ بِهِ وَتَبْغُونَهَا عِوَجاً وَٱذْكُرُوۤاْ إِذْ كُنْتُمْ قَلِيلاً فَكَثَّرَكُمْ وَٱنْظُرُواْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ ٱلْمُفْسِدِينَ
٨٦
-الأعراف

روح البيان في تفسير القرآن

{ ولا تقعدوا بكل صراط } الباء للالصاق او المصاحبة لان القعود ملصق بالمكان وان القاعد ملابسه ويحتمل ان تكون بمعنى فى لان القاعد يحل بمكان قعوده وان تكون بمعنى على الاستيلاء القاعد على المكان { توعدون } حال من فاعل لا تقعدوا ولم يذكر الموعد به ليذهب الذهن كل مذهب. والمعنى ولا تقعدوا بكل طريق من طرق الدين موعودين اى مخوفين كالشيطان حيث قال لاقعدن لهم صراطك المستقيم وصراط الله وان كان واحدا لكنه يتشعب الى معارف وحدود احكام وكانوا اذا رأوا احدا يسعى فى شيء منها منعوه وقيل كانوا يجلسون على المرصد فيقولون لمن يريد شعيبا انه كذاب لا يفتننك عن دينك ويتوعدون من آمن به وقيل يقطعون الطريق { وتضلون } عطف على توعدون اى تمنعون وتصرفون { عن سبيل الله } اى السبيل الذى قعدوا عليه { من آمن به } اى بكل صراط وهو مفعول تصدون { وتبغونها } من باب الحذف والايصال والتقدير وتبغون لها انت ضمير السبيل لانه يذكر ويؤنث. والمعنى وتطلبون لسبيل الله { عوجاً } زيغا وعدولا عن الحق بالقاء الشبه او بوصفها للناس بانها معوجة وهى ابعد شيء من شائبة الاعوجاج.
وفيه اشارة الى الذين قطعوا طريق الوصول الى الله على الطالبين بانواع الحيل بالمكايد وطلبوا الاعوجاج فيه باظهار الباطل كما قطعوا على انفسهم فإن شر المعاصى ما لا يكون لازما لصاحبه بل يكون متعديا عنه الى غيره لان ضرر التعدية عائد الى المبتدئ بقدر الاثر فى التعدى { واذكروا اذ كنتم قليلا فكثركم } بالبركة فى النسل والمال فصار ضعفكم قوة وفقركم غنى { وانظروا كيف كان عاقبة المفسدين } من الامم الماضية كقوم نوح ومن بعدهم من عاد وثمود واضرابهم واعتبروا بهم واحذروا من سلوك مسالكهم.