التفاسير

< >
عرض

وَٱلسَّابِقُونَ ٱلأَوَّلُونَ مِنَ ٱلْمُهَاجِرِينَ وَٱلأَنْصَارِ وَٱلَّذِينَ ٱتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ ٱللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا ٱلأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَآ أَبَداً ذٰلِكَ ٱلْفَوْزُ ٱلْعَظِيمُ
١٠٠
-التوبة

روح البيان في تفسير القرآن

{ والسابقون الأولون من المهاجرين } والمراد قدماء الصحابة وهم الذين سبقوا الى الايمان وصلوا الى القبلتين وشهدوا بدرا وكان اول من اسلم خديجة رضى الله عنها وعليه الجمهور { والأنصار } اهل بيعة العقبة الاولى وكانوا سبعة نفر واهل العقبة الثانية وكانوا سبعين والذين آمنوا حين قدم عليهم ابو زراره مصعب بن عمير كما سيأتى وانما مدح السابقين لان السابق امام للتالى والفضل للمتقدم { والذين اتبعوهم باحسان } اى متلبسين به والمراد كل خصلة حسنة وهم اللاحقون بالسابقين من الفريقين. وقيل المراد بهم جميع الصحابة من المهاجرين والانصار فانهم سابقون الى الاسلام بالنسبة الى سائر المسلمين فمن بيانه والتابعون هم اهل الايمان الى يوم القيامة { رضى الله عنهم } خبر للمبتدأ اى رضى عنهم بقبول طاعتهم وارتضاء اعمالهم { ورضوا عنه } بما نالوا من نعمه الدينية والدنيوية { واعد لهم } [وآماده كرد خداى تعالى مر ايشانرا] { جنات تجرى تحتها الانهار } [بستانها كه ميرود درزير درختان آن جويها] القراء يقرأون تحتها الانهار فى هذا الموضع بغير من الا ابن كثير فانه يقرأ من تحتها كما هو فى سائر المواضع { خالدين فيها } مقدرا خلودهم فى تلك الجنات { أبدا } من غير انتهاء فهو لاستغراق المستقبل كما ان الازل لاستغراق الماضى ولاستعمالها فى طول الزمانين جدا قد يضافان الى جمعهما فيقال ابدا الآباد وازل الآزال واما السرمد فلاستغراق الماضى والمضارع { ذلك } اشارة الى ما فهم من اعداد الله سبحانه لهم الجنات المذكورة من نيل الكرامة العظمى { الفوز العظيم } الذى لا فوز وراءه.
واعلم انه عليه السلام اوحى اليه وهو ابن اربعين سنة فى مكة فبايعه جماعة من الناس فعدا عليهم كفار قريش فظلموهم ليردوهم الى ما كانوا عليه فامرهم النبى عليه السلام بالهجرة الى ارض الحبشة وملكها وهو النجاشى فخرجوا نحو من ثمانين رجلا من رجب من السنة الخامسة من النبوة وهذه هى الهجرة الاولى ثم بايعه فى كل واحدة من العقبتين جمع من الانصار وكانت بيعة العقبة الاولى فى سنة احدى عشرة من النبوة وبيعة العقبة الثانية فى السنة الثانية عشرة ولما انصرف اهل العقبة الثانية الى المدينة بعث عليه السلام معهم مصعب ابن عمير ليفقه اهلها ويعلمهم القرآن فاسلم خلق كثير منهم وسمى اهل المدينة انصارا مع ان المهاجرين ايضا نصروا رسول الله صلى الله عليه وسلم لانهم نصروه عليه السلام والذين هاجروا اليهم من المؤمنين لما جاؤهم آووهم ونصروهم ثم اجتمعوا جميعا على نصرته صلى الله عليه وسلم فى الغزوات ثم هاجر عليه السلام الى المدينة فى السنة الرابعة عشرة من النبوة وهى الهجرة الثانية. واما تحويل القبلة من بيت المقدس الى الكعبة فهو وقع يوم الثلاثاء من شعبان على رأس ثمانية عشر شهرا من مقامه بالمدينة وفى هذه السنة وقعت غزوة بدر الكبرى فى شهر رمضان فى تاسع عشرة وكانت غزوة الحديبية فى سنة ست من الهجرة وفيها وقعت بيعة الرضوان.
قيل اجمع اصحابنا على ان افضل هذه الامة الخلفاء الاربعة. ثم الستة الباقون الى تمام العشرة. ثم البدريون. ثم اصحاب احد. ثم اهل بيعة الرضوان بالحديبية.
وفى السابقون وجوه اخر السابقون اى الذين سبقت لهم العناية الازلية كما قال تعالى
{ { إن الذين سبقت لهم منا الحسنى } [الانبياء: 101] الاولون فى سبق العناية لهم. وايضا السابقون فى الخروج من العدم الاولون عند الخروج وهم اهل الصف الاول فى عالم الارواح اذا كانت الارواح صفوفا كالجنود المجندة. وايضا السابقون فى الخروج من صلب آدم عند اخذ ذرات ذرياته من صلبهم الاولون عند استماع خطاب ربهم. وايضا السابقون الاولون عند تخمير طينة آدم بيده اربعين صباحا بمماسة ذراتهم بيد القدرة وباستكمال تصرف القدرة فى كمال الاربعين. وايضا السابقون عند رجوعهم بقدم السلوك الى حضرة الربوبية على اقرانهم الاولون بالوصول الى سرادقات الجلال.
واعلم ان هذا السبق مخصوص بالنبى عليه السلام وامته كما اخبر بقوله
"نحن الاخرون السابقون" اى الآخرون خروجا فى الصورة السابقون دخولا فى المعنى.
قال فى فتح القريب نحن الآخرون فى الزمان والوجود واعطاء الكتاب
"والاولون يوم القيامة"
. اى بالفضل ودخول الجنة وفصل القضاء فتدخل هذه الامة الجنة قبل سائر الامم انتهى فالسبق اما بالقدم واما بالهمم والثانى هو المرجح المقدم -يحكى- عن ابى القاسم الجنيد قدس سره قال كنت ابكر الجامع فاسمع قد سبقت يا ابا القاسم فاقدم الوقت فى الجمعة الثانية فاسمع قد سبقت يا ابا القاسم فلم ازل كذلك حتى اصل الصبح فى الجامع فسمعت قد سبقت يا ابا القاسم فسألت الله ان يعرفنى من يسبقنى مع بكورى فهتف بى هاتف من زاوية المحراب الذى سبقك هو الذى يخرج آخر الناس فصليت الجمعة ثم جلست الى العصر فصليت جماعة ثم جلست الى ان خرج الناس وفى آخرهم شيخ همّ اى كبير فتعلقت به فقلت له يا شيخ متى تحضر الجماعة قال وقت الزوال قلت فبأى شيء تسبقنى فقد دللت عليك فقال يا ابا القاسم انا اذا خرجت من الجامع نويت إن بقيت الى يوم مثله حضرت الجامع قال فعرفت ان السبق بالهمم لا بالقدم: قال فى المثنوى

اول فكر آخر آمد در عمل خاصه فكرى كوبود وصف ازل
دل بكعبه ميرود در هو زمان جسم طبعى دل بكيرد زامتان
اين درازو كوتهى مر جسم راست جه درازوكوته آنجا كه خداست
جون خدامر جسم راتبديل كرد رفتنش بى فرسخ وبى ميل كرد